رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


مركز الرياض للتنافسية.. تحديات وآفاق سكان العاصمة

تحية تقدير أبعثها إلى ''أم عبد الله'' صاحبة الأيادي البيضاء لمراجعي المبنى الرئيس للأحوال المدنية في مدينة الرياض. تقدم ''أم عبد الله'' لمراجعي الأحوال المدنية في الرياض خدمة كتابة المعاريض وتوفير الأدوات القرطاسية المختلفة منذ فترة بمقابل مادي بهدف لتوفير لقمة العيش لها، ولأولادها الأيتام ليتمكنوا من مواصلة تعليمهم دون مد يد العون والعوز للآخرين.
تتخذ ''أم عبد الله'' من الرصيف الموازي لسور مبنى الأحوال المدنية مقراً لنشاطها التجاري المتمثل في طاولة متواضعة ومقعد بال ومظلة تقيها جزءا من شمس الرياض دون حرارتها. تعد مهنة كتابة المعاريض من المهن التي استأثر بها الرجال عن النساء في ثقافتنا السعودية، عطفاً على عوامل عدة من أهمها قساوة طبيعة العمل وآلية مراجعات الدوائر الحكومية.
نظرت إلى ''أم عبد الله'' وهي تمارس عملها بكل حشمة وفخر وتساءلت: ما تطلعات ''أم عبد الله'' وأولادها وزوجها ومن على شاكلتهم من سكان مدينة الرياض بمختلف شخصياتهم، وثقافتهم، وتحدياتهم، وآفاقهم من مركز الرياض للتنافسية؟
يكمل مركز الرياض للتنافسية في الأيام القريبة المقبلة عامه الأول منذ أن صدر أمر الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض بإنشائه للرفع من تنافسية مدينة الرياض. تأتي هذه الخطوة ضمن الجهود المستمرة التي تقوم بها إمارة منطقة الرياض والجهات التابعة لها لتهيئة البيئة الاستثمارية الملائمة لاستقطاب الاستثمارات إلى مدينة الرياض ومواكبة التطورات الاقتصادية التي تشهدها العواصم والمدن العالمية.
يأتي تأسيس مركز الرياض للتنافسية ليعلن نهاية مرحلة قائمة، وبداية مرحلة جديدة، نهاية نقلة نوعية قائمة من رياض الأمس إلى رياض اليوم، وبداية نقلة نوعية جديدة من رياض اليوم إلى رياض الغد. يأتي تأسيس المركز في باكورة النقلة النوعية المتوقعة ليعمل كأداة لتحقيق رؤية الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير الرياض، والمتمثلة في ''الرفع من تنافسية مدينة الرياض''.
وتأتي آلية بلوغ الرؤية من خلال رسالة المركز، والمتمثلة في ''أن تكون الرياض مركز استقطاب إقليميا ودوليا للاستثمارات، وبما يتناسب مع مكانة الرياض السياسية والثقافية كعاصمة للسعودية، وبما تشهده من تطورات ونهضة عمرانية واقتصادية شاملة''.
تنبثق من هذه الرسالة مجموعة أهداف رئيسة، لخصها الأمير محمد بن سلمان المستشار الخاص لأمير منطقة الرياض الأمين العام لمركز الرياض للتنافسية في رفع تنافسية اقتصاد مدينة الرياض، ورصد أهم المجالات التي تمتلك فيها الرياض ميزة تنافسية، ورصد أهم المجالات التي تحتاج إلى تطوير، وإعداد الدراسات، وتقديم الاستشارات، وتحديد الأولويات المطلوبة للتطوير والتحسين ورفعها لأمير المنطقة، وأخيراً، إيجاد الآليات المناسبة لإبراز الفرص الاستثمارية والمقومات الاقتصادية التي تزخر بها مدينة الرياض.
عقدت اللجنة التأسيسية للمركز خلال الفترة الماضية عدة اجتماعات نتج عنها مجموعة من الخطوات كان من أهمها وضع خطة عمل تفصيلية لجميع مراحل تأسيسه، والانتهاء من إعداد مشروع نظامه الأساسي، والانتهاء من إعداد هيكله التنظيمي، وصياغة هويته، وتجهيز مقره الرئيس، واستكمال تعيين كادره الوظيفي، وتسمية أعضاء مجلس إدارته.
كان من أهم خطوات التأسيس كذلك توقيع اتفاقية الشراكة والتعاون بين المركز ومجموعة ''مونيتور'' الاستشارية لتتولى بموجب الاتفاقية المجموعة تقديم جميع أوجه الدعم اللوجستي والمساندة الإدارية والاستشارية اللازمة لتشغيل المركز، وإعداد الاستراتيجية الشاملة لتحسين تنافسية الرياض، ووضع الخطة التشغيلية للمركز للعام المقبل، ورسم الخطوط العريضة لخطط عمله على المدى البعيد.
انتهت مراحل تأسيس مركز الرياض للتنافسية الأسبوع الماضي عندما رفعت اللجنة التأسيسية لأمير منطقة الرياض رئيس مجلس إدارة المركز التشكيل المقترح لمجلس الإدارة واستراتيجيته الشاملة تمهيدا لاعتمادها ومن ثم تحويلها إلى واقع لبلوغ رسالة المركز وتحقيق أهدافه.
وعلى الرغم من جميع هذه الخطوات التأسيسية الداعية إلى النظر بعين التفاؤل لنجاح المركز في بلوغ رسالته وتحقيق أهدافه، إلا أن طبيعة عمله المتوقعة تدعونا إلى ذكر أهم ثلاثة تحديات قد تواجه عمل المركز:
التحدي الأول أهمية استيعاب المركز لرؤيته في كونها تتميز عن رؤية مثيلتها الإقليمية الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض ومشروعها الاستراتيجي الشامل للـ 50 عاما المقبلة، ورؤية مثيلتها الوطنية الهيئة العامة للاستثمار ومشروعها الاستراتيجي الاستثماري 20 ـــ 20.
والتحدي الثاني قدرة المركز على إضافة إنجازات جديدة إلى قائمة الإنجازات القائمة التي تحققت في الماضي في تنمية مدينة الرياض مع المساهمة في الوقت ذاته في تطوير الإنجازات القائمة.
والتحدي الثالث قدرة المركز على ملامسة الاحتياجات المستقبلية لسكان مدينة الرياض وتنميتها من الجوانب الاقتصادية، والتعليمية، والتربوية، والصحية بما يضمن توفير الكادر البشري القادر على المساهمة في الرفع من تنافسية مدينة الرياض.
تقودنا هذه التحديات إلى التوكيد على ثلاثة أمور من شأنها، بعون الله تعالى، أن تحوّر التحديات الثلاثة إلى آفاق:
الأمر الأول أهمية التأكيد على عدم تكرار عمل الهيئة العامة للاستثمار ومركزها الوطني للتنافسية في عمل مركز الرياض للتنافسية. فالظروف التي عملت فيها الهيئة هي غير تلك التي سيعمل فيها المركز. والأمر الثاني أهمية التركيز على الجانب التنسيقي في مهام المركز، عطفا على طبيعة عمله المتوقعة في تواصله المستمر مع جميع الهيئات والمؤسسات والشركات المتواجدة في مدينة الرياض، أو تلك التي تتخذ من الرياض شريحة مستهدفة لتداول منتجاتها وخدماتها.
والأمر الثالث أهمية التركيز على ريادة المركز في إجراء الأبحاث والدراسات والمعايير القياسية بما يمكنه من أداء مهام تنويرية لمستقبل تنمية مدينة الرياض واستدامتها.
هل ينجح مركز الرياض للتنافسية في بلوغ رسالته وتحقيق أهدافه، أم لا؟ ثقتنا بالقائمين على المركز وتفاؤلنا بنجاحه يجعلانا ننظر لمستقبل مشرق لـ ''أم عبد الله'' وأولادها وزوجها ومن على شاكلتهم من سكان مدينة الرياض بمختلف شخصياتهم، وثقافتهم، وتحدياتهم، وآفاقهم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي