رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


هل سيستثمر اقتصادنا الأربعة الباقية؟

صنف عالم جغرافيا السكان الفرنسي الفريد سايفي، في عام 1952 اقتصادات دول العالم إلى ثلاث فئات. أطلق على الفئة الأولى اسم ''الدول الصناعية الرأسمالية''، وضمت جميع اقتصادات الدول الصناعية الموالية للمعسكر الرأسمالي.
وأطلق على الفئة الثانية اسم ''الدول الصناعية الاشتراكية''، وضمت جميع اقتصاديات الدول الصناعية الموالية للمعسكر الشيوعي. وأطلق على الفئة الثالثة اسم ''العالم الثالث''، وضمت جميع الاقتصادات المتبقية، التي لا يمكن إدراجها ضمن الفئة الأولى، أو الثانية.
من الأوساط الدولية التي قبلت التصنيف مجموعة البنك الدولي عندما اعتمدته، منذ صدوره، كأحد المعايير الرئيسة لتقديم المساعدات المالية والفنية لدول العالم الثالث، وحتى عام 1981، عندما عدّلت اسم ''العالم الثالث'' إلى اسم ''الأسواق الناشئة'' في قصة مفيدة توضح الهدف من تعديل الاسم.
ففي عام 1981، أنشأ البنك الدولي، ومؤسسة التمويل الدولية صندوقا استثماريا يهدف إلى تشجيع القطاع الخاص في دول الفئة الأولى، ''الدول الصناعية الرأسمالية''، على الاستثمار في ''العالم الثالث''. وخلال إحدى الندوات التسويقية للصندوق، اعترض أحد الحضور على اسم ''العالم الثالث''، موضحا أنه من الصعب إقناع الشركات الاستثمارية في ''الدول الصناعية الرأسمالية'' بضخ استثماراتها في عالم ثالث. قبل البنك الدولي، ومؤسسة التمويل الدولية الاعتراض شكلا، ومضمونا، وعدّل اسم ''العالم الثالث'' إلى ''الأسواق الناشئة''، كمجرد وسيلة تسويقية لا أقل، ولا أكثر.
استمر تدفق استثمارات القطاع الخاص في ''الدول الصناعية الرأسمالية'' إلى ''الأسواق الناشئة'' على شكل استثمارات مباشرة منذ تغير الاسم وحتى اليوم، وبتنسيق مستمر مع مجموعة البنك الدولي.
حدث تطور مهم أخيرا في تصنيف ''الأسواق الناشئة'' عندما أعلنت مجموعة كارليل الاستثمارية تصنيفا جديدا للأسواق الناشئة إلى ثلاث فئات. اعتمد التصنيف على أربعة عوامل: درجة انفتاح السوق الناشئة على استثمارات القطاع الخاص في ''الدول الصناعية الرأسمالية''، وإجمالي الناتج المحلي للسوق الناشئة، وربحية الاستثمارات الأجنبية المباشرة القائمة، وتوافر التمويل المناسب من قبل المصارف المحلية.
وقبيل ذكر التصنيف الجديد، والدول المندرجة تحت كل فئة، فإنه من الأهمية بمكان توضيح موقع مجموعة كارليل الاستثمارية من التأثير على توزيع الاستثمارات الأجنبية المباشرة بين الأسواق الناشئة. تتخذ المجموعة من العاصمة الأمريكية مقرا رئيسا لها، وتدير استثمارات تفوق 40 مليار دولار أمريكي. يستحوذ القطاع الخاص الأمريكي على قرابة 65 في المائة من حجم استثمارات المجموعة، والقطاع الخاص الأوروبي على قرابة 25 في المائة، والقطاع الخاص الياباني على قرابة 6 في المائة، وتتقاسم بعض الدول من الشرق الأوسط، وأمريكا اللاتينية نسبة الاستثمارات المتبقية.
تتباين مجالات استثمارات المجموعة بين شركات الدفاع، والطاقة، والتقنية، والاتصالات، والإعلام. كما تتميز المجموعة بعلاقة وثيقة مع مجموعة البنك الدولي؛ ما أسهم إلى حد كبير في التنسيق البيني بين مشاريع البنك التنموية، ومشاريع المجموعة الاستثمارية، في الأسواق الناشئة.
وعلى الرغم من جميع هذه المميزات التي تميز مجموعة كارليل الاستثمارية، إلا أنها تواجه مجموعة من الانتقادات الحادة من عدد ليس بالقليل من المنظمات الدولية. السبب في هذه الانتقادات محاذاة المجموعة لسياسات الحزب الجمهوري الأمريكي بوجود شخصيات مرموقة من الحزب، كجورج بوش الأب وجيمس بيكر، أعضاء في مجلس إدارة المجموعة.
بناءً على عوامل التصنيف، وموقع مجموعة كارليل الاستثمارية في خريطة استثمارات الأسواق الناشئة، أطلقت المجموعة على الفئة الأولى اسم ''أسواق ناضجة''. ورشحت أسواق هذه الفئة لاستقطاب معظم الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال 2006 - 2009. أدرجت تحت هذه الفئة ثماني أسواق ناشئة، مرتبة حسب حجم إجمالي الناتج المحلي، كالتالي: الصين، والهند، والبرازيل، وروسيا، والمكسيك، وكوريا الجنوبية، وتايوان، وجنوب إفريقيا.
كما أطلق على الفئة الثانية اسم ''أسواق شبه ناضجة 1''. أدرجت تحت هذه الفئة ثماني أسواق ناشئة، مرتبة حسب حجم إجمالي الناتج المحلي، كالتالي: تركيا، وتايلاند، والأرجنتين، وبولندا، والفلبين، والسعودية، ومصر، وماليزيا. رشحت أسواق هذه الفئة للارتقاء إلى درجة ''الأسواق الناضجة''، وبالتالي استقطاب معظم حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة، خلال 2010 - 2015.
أطلق على الفئة الثالثة اسم ''أسواق شبه ناضجة 2''. أدرجت تحت هذه الفئة سبع أسواق ناشئة، مرتبة حسب حجم إجمالي الناتج المحلي، كالتالي: التشيك، وتشيلي، والمجر، ونيجيريا، والإمارات، والكويت، والأردن. رشحت هذه الأسواق للارتقاء إلى درجة ''الأسواق الناضجة''، وبالتالي استقطاب معظم حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة، خلال 2015 - 2020.
يمثل تصنيف مجموعة كارليل الاستثمارية للأسواق الناشئة في مضمونه جانب ''طلب'' للاستثمارات الأجنبية المباشرة. يقابل هذا الجانب مقومات ''عرض'' مقدمة من الاقتصاد السعودي، والتي من أحد أهم محتوياته البنية التحتية للسوق المالية السعودية ومدى درجة تلبيتها لاحتياجات الاستثمارات الأجنبية المباشرة من المنتجات والخدمات الاستثمارية المختلفة.
الهدف من مواءمة مقومات جانب ''العرض'' مع متطلبات جانب ''الطلب'' الفوز بفرصة استقطاب معظم الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال الفترة 2010 - 2015 بما يحقق التنمية المستدامة لجميع جوانب الحياة الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية السعودية.
كفاءة الاقتصاد السعودي في إدارة عملية المواءمة بين ''العرض'' و''الطلب'' ستحدد حدة المنافسة مع الأسواق الناشئة السبع خلال الفترة 2010 - 2015. ذهب عام من المرحلة المعنية وتبقى أربعة. فهل ستستثمر الفرصة أم لا؟ الأمر يتوقف على جدية الاقتصاد السعودي في سلوك هذا التوجه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي