هل تريد أن ننهب تحويشة عمرك ودخلك الشهري؟!
صديق تحول من مساهم في مساهمة عامة وعده مطلقوها بأن يحصل على أرباح كبيرة خلال سنة تحول إلى شريك في شركة عقارية أدخلت فيها المساهمة في خطة شيطانية، ولم يستلم ريالا أرباحا لغاية الآن بعد مرور أكثر من خمس سنوات على حصوله على أسهم قليلة بسعر فلكي؛ فهو يملك ورقة تثبت أن له أسهما ولكن دون عوائد، فالملاك الكبار بعد أن سرقوا أمواله يسرقون أرباح الشركة بالكامل قبل أن تصل له وبالقانون فمن يسألهم؟ وهو لا ينفك يرفع يديه لله أن ينتقم منهم ويجعل أمواله زقوما في بطونهم بعد أن تقطعت به السبل النظامية للوصول لحقه.
تحويشة العمر أكلها من لا يخاف الله ولا يستحي من الناس ولا يخجل من نفسه بترخيص من وزارة التجارة لجمع المال العام قبل قيام هيئة السوق المالية التي أوقفت هذه المهازل المضحكة، ولقد استطاع هؤلاء النصابون النفاذ لصديقي الضحية وأمثاله عن طريق الصحف التي ملاؤها بإعلاناتهم الملونة والمعززة بأخبار على لسان متحدثين يطغى على مظهرهم الصلاح وشيء من المهنية.
تقول الأرقام إن الصحف لا تنفذ إلا لنحو 5 في المائة من المواطنين، وبالتالي فإن جرائم التغرير بعموم أفراد المجتمع وجلهم دون وعي استثماري، وهو أمر طبيعي في كل المجتمعات من خلال الصحف محدودة فكيف سيكون الوضع بعد انتشار الإنترنت السريع في جميع أنحاء المملكة لترتفع نفاذية النصابين لمعظم أفراد المجتمع السعودي ومن جميع أنحاء العالم عبر أجهزة الجوال وأجهزة الحاسب الآلي في ظل ضعف الوعي بالأدوات الاستثماري النظامية وغير النظامية وكيفية الاستثمار فيها ومعرفة درجة مخاطرها.
ما إن تفتح الإيميل حتى تدور عجلة الإعلانات، التي - حسب ظني - تتمحور حول الاستثمار في الأوراق المالية والعملات والذهب والفضة والبترول وغيرها، وحول الزواج بحسناوات أو الصداقة بهن، وحول الحصول على وظيفة مغرية بعد أن تقدم سيرتك الذاتية كاملة، ومن ذلك كيف تربح الآلاف بضغطة الفأرة؟ هل تريد أن تحول 1000 دولار إلى 4000 دولار؟ مبروك ربحت سيارة وما عليك سوى الاتصال على رقم التالي لاستكمال إجراءات استلام السيارة؟ وموقع للزواج بأنواعه كافة، والأمثلة كثيرة ولا حصر لها، أما المواقع المقلدة بهدف الاصطياد الإلكتروني فحدث ولا حرج.
ولقد أرسل لي أحد الزملاء صفحة على موقع لكرسي الأمير مقرن لتقنية المعلومات http://pmc.ksu.edu.sa/Quizzes.aspx?Quize=0 تحذر من الاصطياد الإلكتروني الذي هو عملية احتيال يستخدمها لصوص الإنترنت للحصول على المعلومات الشخصية والمهمة للضحايا ككلمة المرور ورقم بطاقة الائتمان؛ وذلك بغرض سرقة أموال وهويات الضحايا من المستخدمين، وهي عمليات احتيال يتم فيها الدمج ما بين التقنيات والهندسة الاجتماعية، حيث الاعتماد الأكبر - كما يحذر الموقع - للصوص هو على الهندسة الاجتماعية؛ كونها احتيالا لا يمكن تفاديه بمضادات الفيروسات أو بجدران النار أو غيره من تقنيات الأمن الإلكتروني، فالهندسة الاجتماعية تعتمد وبشكل كبير على مدى التأثير على المستخدم واستغلال ضعف ثقافته ووعيه في أمن المعلومات ومخاطر الإنترنت.
ولقد أجريت التدريب على هذه الصفحة وقد حصلت على درجة متدنية جدا، رغم أنني كنت أعتقد أنني مثقف جدا من هذه الناحية، ولكن الماء يكذب الغطاس؛ ولذلك وكنوع من التدريب والتثقيف والتوعية أقترح على الجميع إجراء هذا الاختبار الذي يتطرق إلى بعض حالات الهندسة الاجتماعية المستخدمة في الاصطياد الإلكتروني.
بالمجمل ما أرغب في قوله أن هناك مخاطر كبيرة مترتبة على توسيع النفاذية عبر الإنترنت مقابل الفوائد الكبيرة أيضا، وعلينا أن نوعي أفراد المجتمع السعودي لاغتنام الفوائد وتجنب المخاطر، خصوصا أن استخدام الإنترنت السريع في المملكة ينتشر كالنار في الهشيم؛ الأمر الذي يمكّن مستخدميه من النفاذ لجميع المواقع للوصول للمعلومات والمعارف والأخبار، حيث ينتظرهم شياطين الإنس للنفاذ لهم لإيصال الرسائل التي يريدونها لتشكيل وعيهم ومواقفهم وسلوكياتهم من جهة أو الإيقاع بهم في براثن حبائلهم من جهة أخرى.
ولا شك أن المخاطر المالية هي الأكبر، حيث وجد المحتالون وتجار المال الذين يستهدفون توليد المال من المال بالإنترنت السريع وسيلة فعالة للنفاذ لأموال الشعوب باستدراج مستخدمي الإنترنت بتحريك غريزة الطمع من خلال حيل لا قبل لهم بها بمجرد أن تفتح الإنترنت للوصول إلى البريد الإلكتروني أو أي موقع تشاء، ولم أجد أكثر من إعلانات المضاربة في أسواق العملات التي تطرح أرباحا لا يقبلها عاقل والتي تعد من نفذت لهم بإعلاناتها بتحقيق أرباح مضاعفة في فترات وجيزة، مخالفين بذلك أبسط قواعد الاستثمار المتعارف عليها، وهم بذلك يدعون الضحايا لنادي قمار مالي تحت مسمى "المضاربة" يحقق لهم شيئا من الأرباح الجذابة على المدى القصير ليتورطوا ويأتوا بالمزيد من الأموال وليدعوا الآخرين لهذا الخير الوفير؛ حتى تكبر وتسمن "الهبشة" فيتم شفط أموالهم تحت مبررات ودواعي تغيرات السوق الخارجة عن إرادتهم.
من يحمينا، من يحمي شبابنا؟ وكيف تكون الحماية؟ بكل تأكيد الدولة هي المسؤول الأول عن حماية الشعب وأمواله من هذه الهجمات المخططة والمدروسة والتي يقف وراءها دهالقة المال وعلماء النفس والاجتماع والتسويق، وأعتقد أن الحماية يمكن أن تكون بمسارين رئيسين، الأول: صناعة المحتوى الجاذب للشباب لتحقيق أعلى استفادة من نفاذهم لشبكة الإنترنت عبر تحفيز صناعة المحتوى العربي النافع، بما في ذلك المحتوى التوعوي، والثاني: إعداد وتنفيذ حملات توعية مخططة ومدروسة ومستمرة من أجل دعم المجتمع للتحول للعالم الافتراضي الذي بات واقعا لا مناص منه بطريقة إيجابية تمكنهم من الاستفادة من فرصه ومميزاته وتجنب مخاطره.