رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


الشكوى لله

غالبيتنا أصبح يتقن الشكوى من الآخر، ولا نتقن معالجة دواخلنا. هذه حقيقة قد تكون صادمة، لكنها تصدق على أوضاعنا بشكل كبير. تجلس إلى صاحبك في المقهى، فيملأ رأسك بالشكوى من كل شيء: الغلاء، العمل، زحمة المرور، سوق الأسهم، جاره، زوجته، أولاده، المعلمين في المدارس، البنوك، ولا ينسى أن يوجه لك جزءا من عتابه ونقده ونصائحه وتوجيهاته.
وعليك أن تصغي، ثم عليك أن تشاركه في الشكوى، والنقد، وإبداء عدم الارتياح من كل شيء، وإلا فأنت بالنسبة له ستصبح مجرد شخص مثالي قرأ عن غاندي وطاغور وأصبح يستعرض بهما لأن الكلام سهل.
لكن هذا ليس صحيحا. فكثير مما نشكو منه، لو تأملنا، سنجد أننا طرف فيه. هل عالج كل واحد فينا حالة السرف كي يخفف من حدة الغلاء؟ هل قلل من كثرة الثرثرة عبر الهاتف ليقلص من فاتورة الهاتف؟ هل التزم بالسرعة المحددة حتى يكف شكواه من جور «ساهر»؟ هل تعامل مع جاره بشكل يليق بحق جاره حتى يكف من تضجره منه لأنه يطرق عليه الباب ليطلب منه أن يبعد سيارته عن مدخل بيته؟ كثيرة هي الشكاوى التي يوجد مفتاح الحل الخاص بها لدى الشاكي. لكن لا أحد يريد أن يصغي إلى ذلك. الكل يتقن الشكوى، والكل يملك أن يصبح صاحب نظرية، ويريد أن يفكر بالنيابة عن القاضي في المحكمة، وبالنيابة عن المسؤول في هذه الوزارة أو تلك، ... أما هو فلا يحق لأحد أن يسأله لماذا لا تكون نموذجا في عملك وفي تعاملك؟ هذه هي الحلقة المفقودة. الشكوى لله.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي