ماذا بعد الميزانية..؟

كل مواطن في المملكة ترقب الإثنين الماضي 14/1/1432هـ إعلان الدولة ميزانيتها العامة للعام المنصرم والجديد، وقد كانت الأعداد البليونية تتباهى من كثرتها، وتزاحم أعدادها، كما أن ما حققته الميزانية العام الماضي من فائض بلغ 108.5 مليار ريال يدعو ذلك كله لشكر الله تعالى المنعم الذي تفضل بواسع فضله وجوده بنعم هذه الإيرادات النفطية وغيرها.
ولا ريب أن هذه الميزانية قد انعكست إيجابا على قدر كبير من المشاريع الضخمة التي تم تنفيذ بعضها، والتي يجري تنفيذ بعضها الآخر في قطاعات شتى، أعني في وزارات الصحة والتعليم والنقل والمواصلات وغيرها، من مستشفيات ومدارس وجامعات ومطارات وخطوط حديدية وتعبيد طرق.. إلخ.
هذا بالنسبة للمشاريع العمرانية، أو ما يسمى بالحضارة الأسمنتية، وهي لا شك تحظى بدرجة كبيرة من الأهمية في توفير البنية التحتية للقطاعات المختلفة.
ويبقى الشيء الأهم، وهو حجم التوفير الراقي للخدمات الصحية والتعليمية والجوية وغيرها، وما هو انعكاس هذه الميزانية على مستوى كفاءتها..؟ وهل تعجز هذه الأرقام المليارية عن تحقيق مستوى كفاءة أفضل وأرقى مما هو موجود اليوم على أرض الواقع، حيث لا تزال بعض الخدمات الحكومية تعاني حالات تأخر وربما تخلف في بعض القطاعات..؟ ثم الأكثر أهمية وهو تحقيق حاجيات المواطن المباشرة، ومدى اهتمام بعض القطاعات الحكومية في توفير هذه الحاجيات، وعلى رأسها قطاع الإسكان، حيث لا يزال - مثلا - صندوق التنمية العقاري يعيش على أطلال الماضي، دون تعاط بجدية كافية مع مستجدات التضخم.
ومن حق المواطن البسيط أن يتساءل عن حجم الرفاهية التي انعكست عليه خلال سنة الفائض، وإبان الناتج المحلي الذي بلغ أو يتوقع بلوغه 1.6 تريليون ريال، وماذا يمكن أن تعود عليه الميزانية المعتمدة من عائد مباشر خلال السنة الجديدة وعلى المدى القصير، لا المتوسط أو البعيد..؟
إنه يتساءل وهو يدرك جيدا أن الشركات والمؤسسات الكبرى ونحوها لا ينبغي أن تقضم من هذه المليارات قضمة الأسد، بل يجب أن يكون المواطنون جميعا شركاء في هذه الحصة، وإن كنا نتفهم جيدا أن ما تحصله الشركات والمؤسسات من مليارات ضخمة ينعكس ولا بد على المواطن؛ إلا أن هذا الانعكاس يبقى ضعيفا وخافتا في ظل حالة البطالة والفقر والتضخم.
ومن هنا يتساءل كل مواطن غيور على وطنه:
ما هو الإنجاز الكبير الذي حققته وزارة الصحة خلال السنة الماضية، وماذا ستقدم من إنجاز خلال السنة الجديدة..؟ هل انحلت معضلة المواعيد بعيدة المدى، وهل عولجت مشكلة انخفاض كفاءة بعض الخدمات الصحية في مستشفياتنا..؟ أم هل هناك سعي بجدية لتلافي هذه المعضلة..؟
ما هو الإنجاز الكبير الذي حققته وزارة التربية والتعليم خلال السنة الماضية، وماذا ستقدم من إنجاز خلال السنة الجديدة..؟ هل ارتقت بمستوى المخرجات التعليمية عبر الوسائل التطويرية المختلفة..؟ وهل يمكن أن نشهد في القريب المنظور الرقي بمخرجاتنا..؟
ما هو الإنجاز الكبير الذي حققته وزارة التعليم العالي خلال السنة الماضية، وماذا ستقدم من إنجاز خلال السنة الجديدة..؟ هل ارتقت بمستوى بعض الجامعات التي ظل فيها مستوى التطوير يراوح مكانه..؟ وهل نجحت أو ستنجح في إيقاد جذوة التنافس بين الجامعات؛ لتحقق مستوى أفضل..؟
ما هو الإنجاز الكبير الذي حققته وزارة العمل خلال السنة الماضية، وماذا ستقدم من إنجاز خلال السنة الجديدة..؟ هل أسهمت في تخفيض مستوى البطالة، وكرست الشراكة الراقية بين المواطن العامل ورب العمل وفق أطر الشريعة وضوابطها..؟
ما هو الإنجاز الكبير الذي حققته وزارة التجارة والصناعة خلال السنة الماضية، وماذا ستقدم من إنجاز خلال السنة الجديدة..؟ هل ارتقت بمستوى التجارة والتصنيع لتضارع بلادنا دول العالم المتقدم، وتلحق به في مجال الحضارة التجارية والصناعية، وهل عززت من سوق التجارة والصناعة النزيهة، بالقدر الذي تبني فيه علاقة متينة بين المواطن والتاجر..؟
ما هو الإنجاز الكبير الذي حققته وزارة ''البلدية'' خلال السنة الماضية، وماذا ستقدم من إنجاز خلال السنة الجديدة..؟ هل لديها العزم الكافي لمعالجة أوضاع البنية التحتية للأحياء السكنية بالشكل المتطور..؟
ما هو الإنجاز الكبير الذي حققته كل وزارة من وزارات الدولة..؟ وماذا ستقدم من إنجاز خلال السنة الجديدة..؟
سؤال ضروري ومهم جدا لا بد أن يفصح كل قطاع حكومي عن جوابه في مطلع كل ميزانية، ثم ننظر ماذا تحقق من هذه الوعود، وماذا سيتحقق منها، وبذلك يتوافر قدر كبير من الوضوح، ويتحفز كل مسؤول لتحقيق تطلعات الشعب والدولة على حد سواء.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي