اقتصاديون: 2011 سيشهد عودة قوية للاكتتابات في السوق السعودية

اقتصاديون: 2011 سيشهد عودة قوية للاكتتابات في السوق السعودية

أجمع اقتصاديون وخبراء ماليون سعوديون على أن نشاط الطروحات العامة الأولية في السوق السعودية سيشهد عودة قوية خلال 2011 وطروحات ذات جودة وأحجام أكبر بعدما كان النشاط فاترا خلال 2010 في ظل تقلبات الأسواق العالمية وصعوبة توقيت طرح أسهم معظم الشركات.
وشهدت البورصة السعودية أكبر سوق للأسهم في العالم العربي على الإطلاق تنفيذ تسعة طروحات أولية خلال 2010، ثلاثة منها لشركات تأمين، وكانت معظم تلك الشركات ذات رؤوس أموال صغيرة إلى متوسطة.
وقال عبد الحميد العمري، المحلل الاقتصادي وعضو جمعية الاقتصاد السعودي: "غلب على اكتتابات عام 2010 صغر حجم رؤوس أموالها باستثناء شركتين متوسطتي الحجم، هما "مدينة المعرفة الاقتصادية" و"أسمنت الجوف".
وأبلغ "رويترز" بأن نسبة الاكتتابات إلى القيمة السوقية الإجمالية لم تتجاوز أكثر من 1 في المائة، "إضافة إلى أن مجمل أرباحها إلى السوق لم يتجاوز نسبة 0.7 في المائة".
وأضاف العمري: "أتوقع في ظل استمرار حالة التحسن التي بدأت في الحضور منذ منتصف هذا العام على الاقتصاد الوطني والسوق المحلية، ومع انتهاء القطاع المالي من هيكلة محافظه الائتمانية، أن تشهد السوق السعودية عودة أقوى في سوق الاكتتابات ستكون أكبر من عامي 2009 و2010، وقد نشهد فيها مزيدا من التنوع على مستوى القطاعات المدرجة في السوق".
وأكد تركي فدعق، المحلل المالي ورئيس المركز العربي للاستشارات المالية، هذا الرأي قائلا: "كان نشاط الاكتتابات في السوق السعودية ضعيفا (في 2010). جزء من أصحاب القرار أجلوا طروحاتهم بفعل أوضاع السوق الضعيفة... سجلت أحجام التداول هذا العام أدنى مستوياتها خلال نحو خمس أو ست سنوات، ولم يكن ذلك حافزا لمضي المستثمرين قدما في الطروحات".
وتابع: "بداية من العام المقبل سنرى شركات أكبر تطرح أسهمها في السوق في ظل توقعات بتحسن السيولة وظهور بوادر أثر الإنفاق الرأسمالي الحكومي. من المتوقع أن تشجع كل هذه الامور شركات كبيرة عديدة".
وأيّد ذلك إبراهيم العلوان، مدير الاستثمار ونائب الرئيس التنفيذي لدى مجموعة كسب المالية، قائلا: "إن الطروحات الأولية في 2010 لم تترك بصمتها على السوق".
وقال: "معظم الشركات التي طرحت أسهمها كانت في قطاعات التأمين ولم تشهد القطاعات الأكثر حيوية نشاطا كبيرا (لأن) السوق نفسها لم تكن نشطة بشكل كبير".
"فيما مضى كان الطرح العام يعني أنه سيلقى إقبالا جيدا، أما اليوم فإن الموثوقية في الشركات التي تطرح (أسهمها) ليست كما سبق؛ لذا يحجم المستثمرون عن الإقبال على الاكتتابات".
وحول توقعاته لنشاط الطروحات الأولية في 2011 قال العلوان: "الأداء غير الجيد لبعض الطروحات (خلال 2010) قد يدفع المستثمرين إلى الانتقاء بشكل أكبر... لكن مع ذلك أتوقع أن تكون الطروحات ذات جودة أكبر".
وأعلنت شركات سعودية كبيرة عدة خططا لطرح أسهمها في السوق السعودية اعتبارا من 2011؛ ففي تموز (يوليو) قال مسؤول رفيع في الخطوط الجوية السعودية لـ "رويترز": "إن الشركة تعتزم طرح وحدة التموين التابعة لها للاكتتاب العام بحلول آذار (مارس) 2011".
كما قال الرئيس التنفيذي لشركة الوطنية للخدمات الجوية "طيران ناس" لـ"رويترز" هذا الشهر: "إن شركته التي تقدم خدمات الطيران منخفض التكلفة تخطط لطرح أولي بين عامي 2012 و2013. والمستثمرون الأفراد هم القوة الدافعة لسوق الأسهم السعودية كما ينشطون في الأسواق الإقليمية كأسواق الإمارات ومصر". ووفقا لبيانات رسمية يسجل المستثمرون الأفراد نحو 93 في المائة من الصفقات اليومية في البورصة السعودية.
وقال العمري: إن الإقبال الضعيف على الاكتتابات وصغر حجم الشركات المطروحة نسبيا "أدى إلى اجتذاب بعض الشركات (المطروحة)، خاصة شركات التأمين، إلى ساحة المضاربات.. فيما عانت البقية انخفاض السيولة المدارة عليها أغلب الفترات الزمنية بعد الإدراج بصورة أدت إلى انخفاض أسعار بعضها عن سعر الطرح رغم خلوه من علاوة الإصدار كشركة مدينة المعرفة".
ويجري تداول سهم مدينة المعرفة الاقتصادية بانخفاض 19.5 في المائة عن سعر الطرح البالغ عشرة ريالات (2.7 دولار)؛ اذ أغلق أمس الأول عند سعر 8.05 ريال. كما أنهى سهم إعمار المدينة الاقتصادية تعاملات أمس عند سعر 7.10 ريال بانخفاض 29 في المائة عن سعر الطرح البالغ عشرة ريالات.
وفي تشرين الأول (أكتوبر) لجأت شركة أبناء عبد الله عبد المحسن الخضري إلى خفض الشريحة المخصصة لاكتتاب الأفراد للمرة الأولى على الإطلاق في السوق السعودية، وذلك لضعف الإقبال؛ إذ جرت تغطية الطرح الأولي المخصص للأفراد بنسبة 83 في المائة فقط بعدما بلغ عدد المكتتبين 342 ألف مكتتب، وهو رقم ضعيف مقارنة بطروحات أولية سابقة اجتذبت ملايين السعوديين.
وقال عبد الحميد العمري: إنه "وفقا لتجربة السوق السعودية مع الاكتتابات للفترة 2006-2010 فقد أصبح واضحا للعيان أهمية أن تتسم أي من الإدراجات الجديدة على السوق بارتفاع ربحيتها؛ كونه العامل الأهم والأجدى للسوق وللمتعاملين".
وأضاف: "لذا فحينما أتت اكتتابات 2010 بعد اتضاح التجربة بصورة أكبر لدى المتعاملين وفي أعقاب الأزمة المالية العالمية كان من الطبيعي أن تنكمش تلك الاكتتابات عددا وحجما، كما لم يكن مفاجئا أن تنخفض قيمة الإقبال على تلك الاكتتابات إلى 1.8 مليار دولار (6.75 مليار ريال) محققة معدل تغطية منخفض لم يتجاوز 1.8 مرة".
وذكر أن حجم المكتتبين في الطروحات الأولية خلال 2010 انخفض إلى أدنى مستوياته منذ 2005، حيث وصل إلى نحو 9.4 مليون مكتتب فقط مقارنة مع أكثر من 58.4 مليون مكتتب في 2008. ونتيجة ضعف الإقبال على الطروحات الأولية هذا العام أجلت شركات سعودية طروحاتها؛ حتى تتحسن أوضاع السوق كشركة الطيار للسياحة التي جمدت في شباط (فبراير) الماضي خططها لطرح أولي بسبب انخفاض الطلب، ومجموعة المطلق للتجارة والصناعة التي أجلت في آذار (مارس) خططا لطرح 30 في المائة من أسهمها للاكتتاب العام إلى النصف الثاني من 2011.
ويرى العمري، أن الاعتبار الأهم يكمن في أمرين، أولهما عدالة التسعير عند الإدراج بالنسبة إلى الشركات العاملة، والثاني اتسام أدائها التشغيلي بالنمو المستمر.
وفي تشرين الأول (أكتوبر) قال عبد الرحمن التويجري، رئيس هيئة السوق المالية السعودية، خلال مقابلة مع "رويترز": "إن الإقبال على الطروحات الأولية كان ضعيفا نتيجة أوضاع السوق"، مضيفا: "لكني على ثقة بأنه عندما تتحسن الأمور وتبدأ السوق في التحسن أيضا سنشهد إقبالا متزايدا على الطروحات الأولية". وأشار العمري الى أن "تبني استراتيجية محددة المعالم للإدراجات الجديدة يأتي كأولوية لضمان استقرار السوق ولاستعادة الثقة في تعاملاته". وحول كيفية تطبيق ذلك، قال: إن أهم أسس تلك الاستراتيجية هو "التركيز على استقطاب الشركات الكبيرة والعائلية التي تحظى بمعدلات ربحية مرتفعة وهي موجودة اليوم في الاقتصاد السعودي وتصل مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي - بالأسعار الثابتة - إلى 49 في المائة واستطاعت خلال العقد 2000-2010 أن تحقق متوسط معدل نمو حقيقي سنوي تجاوز 4.4 في المائة".

الأكثر قراءة