رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الأعراف والتقاليد الجامعية مقياس الجودة

ثلاث وظائف أساسية تمثل المجال الذي تعمل فيه الجامعات والساحة التي تتحرك داخلها, هذه الوظائف هي التعليم, والبحث العلمي, وخدمة المجتمع. ونجاح وفشل أي جامعة في العالم في هذه المهمات الثلاث يعتمد على أمور عدة أهمها الثقافة, والقيم, والأعراف, والتقاليد الجامعية, والإمكانات المادية والبشرية, والنظم واللوائح التي يفترض أن تسير أعمال الجامعة اليومية, ويلتزم الجميع بها. الثقافة, والقيم, والأعراف, والتقاليد الجامعية خصائص عرفت عن الجامعات المرموقة تسري بين الطلاب, والأساتذة ومن يتقلدون أعمالاً إدارية في الجامعة, ومن هذه الخصائص الرزانة والحصافة, والاتسام بالموضوعية, والعلمية, وهذه أهم خاصية يفترض أن تتسم بها أي مؤسسة تعليمية بما في ذلك الجامعة.
الموضوعية, والعلمية عكس الذاتية التي تتأثر بالمشاعر, والعواطف, والعلاقات الأسرية, والجغرافية, وكذلك المصالح التي كثيراً ما تظهر آثارها المدمرة على العمل الجامعي. الجميع في الجامعة, أي جامعة كانت, مطالبون بالاتسام بالموضوعية: الأستاذ في تدريسه, وتقييمه لطلابه, وتعامله معهم, والرئيس, والعميد, ووكيل الجامعة, ومديرها هم مطالبون بالاتسام بهذه الخاصية في قراراتهم, وتقييمهم لمن يعملون معهم، إضافة إلى اعتماد الخطط والمشاريع التي يتبنونها. الثقافة الجامعية تقتضي إدراك أن الجامعة يفترض أن تكون مصدر إلهام, ووعي لمجتمعها, ومثالاً يحتذى وظيفياً, وإدارياً, وخطة, ومنهج عمل, كما أن الطلاب يفترض أن يكون تكوينهم قائما على هذا الأساس من أجل إكسابهم هذه الخاصية.
تأملت فيما أراه, وأسمعه بشأن جامعاتنا فألفيت أننا نفتقد الموضوعية في بعض ممارساتنا إن على مستوى من يقومون بالعملية التعليمية, ويعملون مع الطلاب في الميدان, وإن على مستوى التصرفات الإدارية التي تخترق الأنظمة, واللوائح, وتتخطى المجالس المختصة في بعض الأمور. عضو هيئة التدريس يمثل الركن الأساس في نجاح العملية التعليمية, ونجاحه مرهون بإعداده, ومرهون بعملية اختياره منذ البداية سواء عند اختياره كمعيد, وهو في بداية مشواره العملي, والتعليمي, أو بعد تخرجه إن كان من غير مبتعثي الجامعة من الأساس, ولذا فإن ما نراه, ونلمسه من ضعف في مخرجاتنا لم يأت من فراغ بل هو نتيجة طبيعية لممارسات الاختيار غير الموضوعية القائمة على القرار الفردي الموجه بمصالح فردية, معنوية كانت, أو علائقية, أو مادية.
الأعراف, والتقاليد الجامعية هي نسيج متكامل يفرض الانضباط, والحرص على المكانة العلمية, والمعرفية للجامعة, ويؤصل التاريخ العريق للمنشأة التعليمية إذ لا تسمح الجامعة المحترمة بأي إجراء أو عمل يخدش سمعتها, وقيمتها التي شكلتها من خلال أنشطتها, ومخرجاتها البشرية, والمعرفية وغيرها.
في كل أركان العالم الجامعة بمنسوبيها من أعضاء هيئة التدريس وغيرهم هي التي تقوم بمهمة التدريب, والتعليم, ولا توكل هذه المهمة لجهات أخرى لكن الوضع في بعض جامعاتنا شاذ في هذا المجال خاصة السنة التحضيرية، إذ إن إحدى الجامعات حسب علمي أوكلت هذه المهمة لشركات تقوم بالعملية التعليمية نيابة عن الجامعة, حيث هذه الشركات تتعاقد مع أعضاء هيئة تدريس من جنسيات مختلفة, وذوي لكنات يصعب فهمها في كثير من الأحيان, كما أن هذه الشركات هي التي تحدد الكتب, والمراجع للطلاب. صحيح أن العملية التعليمية تتم داخل أروقة الجامعة, وفي مبانيها لكن قيام الشركات بالعملية التعليمية يضعفها، خاصة إذا علمنا أن الشركات في الغالب هدفها الربح, ولا غير, ولذا نجد أن من يدرس الإنجليزي في السنة التحضيرية, والمهارات الفردية, والاجتماعية هم من حملة البكالوريوس في معظمهم, وممن حصلوا على دورات في مجال البرمجة العصبية رغم أن الجامعة تزخر بكفاءات كثيرة ذات درجة عالية وذات خبرة طويلة في مجال التدريس.
كما أن الجامعة نفسها أوكلت مهمة تدريب أعضاء هيئة التدريس خارج المملكة في الصيف والإجازات إلى شركات وساطة تقوم بالاتصال بالجامعات, وجهات التدريب الخارجية, وترتب لمثل هذه الدورات, وفي مثل هذا الإجراء تفقد الجامعة ميزة إقامة علاقات مباشرة مع الجامعات خارج المملكة, كما تفتقد تكوين خبرة متراكمة في هذا المجال.
إن إيكال مهمة التدريب إلى الشركات في السنة التحضيرية, أو التنسيق مع الجامعات الأخرى بغرض التدريب يعني تخلي الجامعة عن أهم وظيفة من وظائفها التي أوجدت من أجلها ومساس بالأعراف والتقاليد، خاصة إذا علمنا بوجود أعضاء هيئة تدريس متخصصين في اللغة الإنجليزية, وآخرين لديهم القدرة على تدريس مواد المهارات. تساؤلات عدة استثيرت في ذهني بشأن هذا الموضوع, من مثل: ما الأسباب الداعية لهذا الأمر؟ وما هذه الشركات؟ وما مؤهلاتها وخبراتها في مجال التعليم والتدريب العالي؟ وكيف تم اختيار هذه الشركات؟
أعلم أن الجامعات تستعين ببعض الشركات, ولكن ليس في القيام بالعملية التعليمية, ولكن في تسويق منتجات الجامعة المعرفية, والفكرية, والمخترعات, وذلك على المصانع, والجهات والشركات المختصة, أما أن تقوم بمهمة التعليم نيابة عن الجامعة فهذا سبق يحتسب للجامعة المشار إليها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي