كيف تؤثر جيناتك في حياتك العملية
نادرا ما يهتم من يؤلفون كتب إدارة الأعمال بمثل هذه الأبحاث التي يتم التحقق منها علميا. يرجع هذا إلى أن حقيقة أن الجينات الوراثية يمكن أن يكون لها تأثير هائل في الحياة المهنية للمرء – وبالتالي نجاحه أو فشله فيها ـــ لا تتناسب مع الفلسفة السائدة من أن ''الإرادة الحرة والسلوك العصامي'' هما السببان الرئيسيان وراء نجاح الناس.
يتقبل الناس بسهولة فكرة أن الوراثة تحدد لون الشعر والطول ولون العينين، وهلم جرا. إلا أنهم لا يريدون الاعتراف بأن الجينات تلعب دورا في السلوك أو تحقيق المكانة أو الأهداف. ومع ذلك، فإن الجينات تؤثر في سلوكيات العمل، والذي يؤثر بالتالي فيما يجيد الناس فعله في الحياة.
إلا أن العوامل البيئية ــ وهي كل شيء فيما عدا الجينات ـــ تؤثر أيضا في السلوك. ومع ذلك فإن هذه العوامل والتي تتضمن التجارب التي يمر بها الإنسان في حياته وحالته الصحية وما تلقاه من تعليم وغيرها من العوامل ليست هي الوحيدة التي تحدد سلوك الناس في العمل وغيره فالجينات تؤثر كثيرا في السلوك.
على سبيل المثال، يكون لدى بعض الناس ميول وراثية معينة لأن يكونوا رجال أعمال، ولا يوجد جين واحد يفعل هذا وإنما هناك عديد من الجينات التي تؤثر بطرق معقدة في السلوك البشري الذي يجعل المرء ينجح في كونه رجل أعمال مثلا.
تشير الأبحاث إلى أن الجينوم البشري يحتوي على من 20 ألف جين إلى 25 ألف جين. ومن بين هذه الجينات كلها، هناك 59 جينا فقط هي تمثل مجتمعة 38 في المائة من الفرق بين الناس في البحث عما هو جديد، و32 في المائة من الفرق في تجنب الضرر، و41 في المائة من الفرق في المثابرة. فكيف يحدد العلماء هذه النتائج؟ هناك طريقتان في البحث العلمي هما: ''علم الوراثة السلوكي''، و''علم الوراثة الجزيئي''.
تؤثر الجينات في السلوك والنجاح في مكان العمل، إلا أن المرء تظل له القدرة على تحديد خيارات حياته الخاصة. إن الاستعداد الوراثي يعطي المرء دفعة إلى الأمام أو قد تعوق فرصته في التقدم. كما أن أكثر من ثلث الاختلافات بين الموظفين في الأمور المتعلقة بالعمل (مثل: الرضا الوظيفي واختيار العمل ومعدلات تغيير القيادة والأداء الوظيفي والدخل) ترجع إلى أسس جينية.
على الرغم من أهمية الجينات إلا أن السلوك يعتمد أيضا على عوامل بيئية. على سبيل المثال وجود استعداد وراثي جيد ليكون المرء رجل أعمال لا يعني شيئا إذا لم يكن لدى الشخص المعني رأسمال أو ليس لديه القدرة على الحصول عليه. وهذا مثال على العامل البيئي.