رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


قطر الإنجاز ومشاعر الفرح

في يوم الخميس الموافق 1/12/2010 أعلن الاتحاد العالمي لكرة القدم المعروف بـ ''فيفا'' استضافة قطر لدورة كأس القدم لعام 2022، وقد أعلن في اليوم نفسه عن استضافة روسيا لدورة عام 2018. وقد تفاوتت ردود الفعل بشأن الاستضافة بين مرحب وفرح بفوز قطر بهذه الاستضافة، وبين مستغرب ومنكر لهذا القرار وواصف له بالسيىء والخطأ كما فعل الرئيس الأمريكي، إذ لم يرق له هذا القرار لأن بلاده لم تفز بالاستضافة, وقد يفسر هذا داخل أمريكا بأنه إخفاق يضاف لما سبقه من إخفاقات تحسب على هذه الإدارة.
في البداية أقدم التهنئة للقطريين وأبارك لهم, وأشاركهم المشاعر, وإن لم يكن بالطريقة نفسها التي عبر بها القطريون عن الفرحة سواء في قاعة الإعلان عن الفائزين في جنيف بسويسرا, أو في شوارع الدوحة والتي شهدت احتفالية تفوق بشكل كبير ما كان يتوقعه الشخص, وبما يتناسب مع الحدث, وطبيعته التي لا أظن أنها تتناسب مع مظاهر الفرح العارم. ما من شك أنه من حق القطريين أن يعبروا عن مشاعر فرحهم بالصورة التي يرونها مناسبة, ولكن من وجهة تربوية لمست أن التعبير عن الفرح بهذه الصورة لم يكن مناسباً من وجهة نظري لأنه يفوق الإنجاز رغم صعوبة الوصول إليه, والذي هو أول إنجاز على الصعيد العربي, والإسلامي, إذ لم يسبق لأي دولة عربية, أو إسلامية أن تحقق لها هذا الشيء رغم محدودية المساحة, وقلة السكان في قطر مقارنة بغيرها من الدول الأخرى. وقد عبّر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني عن مشاعر الآخرين تجاه بلاده، حيث قال إن البعض يظن أن قطر بعيدة عن كل شيء لصغرها, ولكن الحقيقة ــ كما يقول أمير الدولة ــ أن قطر قريبة من كل شيء مما يعكس الإصرار, والرغبة الصادقة في تحقيق الإنجازات تلو الإنجازات إن على الصعيد السياسي, أو الاقتصادي, أو الإعلامي كما في قنوات الجزيرة الإخبارية, والثقافية, والرياضية. أو على صعيد التربية والتعليم، حيث عملت قطر على افتتاح فروع لجامعات أوروبية وأمريكية على أراضيها، وإن كان هذا الموضوع في حاجة لمزيد من البحث والدراسة لمعرفة آثاره الإيجابية والسلبية, أو على صعيد الثقافة التي حازت فيها قطر على عاصمة الثقافة العربية خلال عام 2010.
الفرحة بفوز قطر سواء من القطريين, أو من أبناء الخليج, أو العرب عموماً شيء مفهوم, وواجب لكن لماذا يكون الفرح بهذه الطريقة؟! تأملت في الأمر فألفيت أن مما يمكن تفسير الحالة به هو حالة العطش, والظمأ لأي انتصار, أو فوز مهما كان هذا الانتصار, وعلى من لا يهم, الشعوب العربية ونظراً لسنوات, وعقود الهزائم مع الأعداء الحقيقيين أصبحوا يتطلعون لأي شيء يمكن أن يفسر على أنه فوز, وانتصار, ومع هذه الحالة أصبح السراب أملاً يركض الجميع وراءه طمعاً في إرواء العطش الذي يحسون به من وطأة الشدائد, ومرارة الهزائم التي مر بها العرب.
لماذا نجحت قطر في الترشيح لتنظيم دورة كأس العالم عام 2002 رغم صغر المساحة, وقلة السكان, وعدم توافر البنية التحتية المطلوبة في الوقت الراهن؟!
في ظني أن خروج قطر من دائرة التفكير البيروقراطي في الإدارة الحكومية, وخروجها من تحت عباءة التفكير المنغلق, ودخولها في دائرة التفكير الحر, والطموح الذي لا يخشى الفشل هو الذي مكنها من إدارة ملف الترشيح بالشكل المناسب مما حقق لها الفوز على دول أخرى لا تقارن بإمكاناتها المادية, والسكانية كالولايات المتحدة, وكوريا, واليابان, وبريطانيا.
نجاحات قطر في مجالات عدة في السنوات الماضية اكسبتها الثقة بالنفس, والقدرة على التحرك على جميع الأصعدة حتى دخلت كوسيط في قضايا سياسية كثيرة نجحت في بعضها, وأخفقت في البعض الآخر كما في العراق, ولبنان, والسودان.
المكاسب السياسية, والاقتصادية من هذا الفوز, ومن النجاح في تنظيم منافسة كأس العالم بعد 12 عاما ستكون كبيرة، لكن من وجهة نظر تربوية أخشى أن تكون الرسالة التي تلقاها الأطفال القطريون, وهم يشاركون, ويشاهدون الاحتفالية ربما تؤثر سلباً فيهم, فالمظاهر توحي أن كل شيء تحقق, وأن هذا الانتصار ليس بعده انتصار آخر, وهذا أثره خطير إن حدث, فالأمة العربية, والإسلامية تنتظرها مشاريع تنموية ضخمة خارج المجال الرياضي, كما تنتظرها جولات, وصولات مع أعدائها الذين يتربصون بها الدوائر.
إن انزعاج الأمريكيين, والبريطانيين من خسارتهم, وفوز قطر يعكس طريقة التفكير الغربية التي ترى في الغرب كل شيء, وأنه مركز الكون, وما عداه يجب أن يسير في فلكه, وحسب حركته هو ووفق مصالحه. إن مركزية التفكير الغربي المحتكر للقرار السياسي, والاقتصادي, والمحتكر للسلاح هي التي جعلت أوباما ينتقد القرار رغم أنه يفترض أن يقبل الترشيح لقطر, وخسارة بلاده بروح رياضية وخاصة, أنه من فئة اجتماعية عانت, ولا تزال تعاني التهميش في بلاده الشيء الكثير، إلا إذا كان أوباما يرغب في أن يرى الآخرين مهمشين كما هو حال فئته الاجتماعية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي