الإدارة والتقنية.. مجالات إلزامية للأطباء والممارسين الصحيين

في الخدمات الصحية يبحث المسؤول والممارس الصحي دائما عن سرعة الاستجابة ودقة التعامل كضمان سماع كامل شكوى المريض، وانضباط العمل والعاملين في الرد والتواصل بكفاءة، وإدارة جيدة للحالات الحرجة والطارئة، مع الصبر على التغيرات التي تستجد. بتكريس الجهود على تدريب جميع العاملين على ذلك وبشكل مستمر، فإن العائد صحي بتماثل الكثير للشفاء لأنهم لم يكونوا في أسوأ حالاتهم أصلا، واقتصادي في وفر استهلاك المستلزمات والمواد التموينية، وإداري صحي كتقصير مدد إشغال الأسرة، وتطوير تقني في استكشاف الناجع من النظم والأساليب في التواصل بين الممارسين الصحيين ومرضاهم داخل المرفق الصحي أو خارجه.
إن الأبحاث التي أجريت في الأعوام الأربعة الماضية جعلت العديد من المستشفيات الكبيرة في أكبر الدول الأوروبية وأمريكا وبعض الدول الآسيوية المتقدمة، تلجأ للحلول العملية بدلا من تقليص طلبات المستلزمات الطبية وتجميد أشغال الأسرة، إلا بتوافر القوى العاملة،... وغيرها من الحلول. فالإجراءات التقنية داخل غرف المرضى مثلا جعلت الممرضات على سبيل المثال بعد فهم كامل النظام يعتمدن عليه لتعويضه بعض النقص في الموارد البشرية. ولقد كان ما حصلوا عليه مثل: (1) الإسراع في تقديم الخدمة للمريض وتحقيق حمايته وسلامته بنسب إيجابية عالية. (2) وصول الممرضات للرضاء الوظيفي الذي طالما كن يبحثن عنه. (3) تحسين وتطوير السياسات والإجراءات والأدلة التشغيلية. (4) خفض التكاليف الذي أحدث فرقا في ميزانية كل مرفق صحي. (5) زيادة رضاء المريض بالخدمة وقد يكون تجاه النظام الصحي بالكامل. (6) رضاء أصحاب القرار عن الأثر الذي تركته التقنية في الخدمة وركائزها الرئيسة.
أعتقد أن بتبنينا هذه الإجراءات فإن التحول من النظام الورقي إلى الإلكتروني لن يكون مشكلة، وتبني الملف الإلكتروني بشكل معياري لن يعوقه إلا جمود الفكر عن الإتيان بحلول علمية وميدانية. سيكون انتقالنا من نظام إلى آخر مبنيا على المفهوم وليس التجهيز وما تم توصيله وتركيبه واختلاف بيئاته، حيث إن الحلول موجودة دائما. سيكون الصعب هو الوقت ولكن لأنه عامل مشترك له أهمية في جميع المشاريع التطويرية فلماذا لا نبدأ بالحديث ونطور القديم على مراحل. من ناحية أخرى، سيبدأ أفراد المجتمع في التوجه نحو الأفضل وإذا ما اشتركت القطاعات لتكون الأفضل فسيكون السعي لهذا المستشفى أو ذاك سيان في غضون بضع سنين ولا اختلاف إلا في ما هية التخصصات، أو حجم الخدمات التي تقدم في هذا المرفق عن غيره.
هنا أستطيع القول بأننا لابد من أن نستفيد من دعم الدولة ــــــــ أعزها الله ـــــــــ وتبدأ المستشفيات بالذات في محاولة الاستفادة أكثر من المخصصات المالية لأن في النهاية جودة الأداء ليست فقط توافر موارد مالية، ولكن أيضا كيفية استثمار الموارد المتوافرة أيا كانت وتقارب المرافق الصحية من بعضها بعضا فكراً وأداءً. هذا يضع مدير كل مستشفى ومن ثم رؤساء الأقسام ومن بعدهم الممارسين الصحيين وطاقم الخدمات المساندة تحت طائلة المسؤولية في أي تطوير تنشده الجهة المقدمة للخدمات الصحية ويرقب ذلك بالطبع مجلس الخدمات الصحية. من ناحية خدمات الرعاية الصحية الأولية، فاعلم تماما أن الموضوع يسير إلى الأفضل، ولكن في حاجة إلى إعادة ترتيب وتنظيم مع قليل من الصرامة في تطبيق القرارات وستكون الألفا مركز صحي شبكة صحية لا تماثلها شبكة في معظم أنحاء العالم.
قد أختم المقال بنصيحتين أولاهما لحملة البكالوريوس من الأطباء: إذا كنتم مقتنعين بأن الشهادة التي تحملونها الآن وتستمرون في ترقي أعلى الشهادات في التخصص ذاته من دون أن تهتموا بالإدارة الصحية واستخدام التقنية وبالذات الـ IT بكفاءة عالية، فإن المستقبل سيكون قاسيا عليكم. هذا ليس من باب التهويل ولكن الواقع يفرض نفسه، ففي كثير من الدول ذات التقدم العلمي في الطب وفروعه، أصبح الخريج تحت مطرقة حيازة تخصص رديف، يميزه وينوع خبراته، ويعينه على العيش بتأهيله لمناصب قيادية تساعد في رسم مستقبله، ونشل الخدمة من موقعها إلى أفضل مرتبة ومستوى. وإذا ما تحقق هذا الهدف، فإن اسمه يؤهله للدخول في خانة المميزين على مستوى محلي وعالمي في التخصص ذاته، والتخصصات الجانية المساندة. هذا سيكون له اسم وشخصية يشار إليها بالبنان ويعنى به في أوساط أصحاب القرارات، فيكون الاستشاري الحقيقي الذي تنوعت مفاهيمه وشمل إدراكه علوما شتى وهو طبيب.
أما الثانية فهي لحملة الماجستير في التخصصات الصحية: فأقول هذا لا يكفي! فليس الحصول على الشهادة هو الهدف الحقيقي، لأن العمل لم يعد مستوى أكاديميا أو إداريا أو مرتبة في السلم الوظيفي، وإنما قدرة وإمكانات عقلية فردية في كيفية النظر للأمور وحياكة الحلول لمشكلات حالية، أو نتوقع حدوثها فتكون الجاهزية عنوان الفرد وميزة يبحث عنها أصحاب القرار لتحسين تقديم الخدمات الصحية وتقديم رعاية صحية متكاملة بشكل يرضي الفرد أو المجتمع في نظامه الصحي بشكل عام. لا تظنوا أنه طالما وجد الطبيب فمسؤوليتكم تقف عند هذا الحد، فالكل مسؤول لأن الطبيب أيضا يعتمد عليكم فيما انتهت إليكم الأمور. وتذكروا أننا نريد أن يعود المريض سليما معافى، وتعودون أنتم لأعمالكم وقد حققتم ما عملتم واجتهدتم فيه. تخطوا الحياة في مراحل الواحدة تلو الأخرى نحو التميز في مستقبل لن يكون رحيما إذا ما تواجد ''عشرات الآلاف'' ممن ابتعثوا معكم يبحث كل منكم عن فرصته. نفع الله بكم الوطن وجعلكم في كل عام جديد تفخرون بإنجاز شخصي جديد. والله المعين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي