رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


منتدى الرياض الاقتصادي وصناعة الأفكار والقرارات الاقتصادية

من هم الأكثر حماسا لجود السوق؟ بكل تأكيد أصحاب البضاعة، فهم أصحاب المقولة المشهورة: ''جود السوق ولا جود البضاعة''، وجود السوق هو نشاط الطلب مقابل العرض الذي يجعل كل البضائع سلعا أو خدمات تباع وبأسعار معقولة أو لنقل بهوامش ربح مجزية، ولكن من المسؤول بالدرجة الأولى عن تحقيق ''جود السوق '' أو ''تنميته'' بلغة الاقتصاد؟ والإجابة كما تقول الرأسمالية أصحاب الأعمال هم المسؤولون عن ذلك من خلال الإمكانات والأدوات التي تمتلكها منشآتهم الاقتصادية أو من خلال المؤسسات المدنية التي تجمعهم، مثل الغرف التجارية والصناعية والجمعيات أو اللجان المهنية وغيرها.
السوق أيا كان (عقاريا، صناعيا، خدميا، تجاريا، .. إلخ) يتكون باختصار من منتجين ومستهلكين ووسطاء وممولين تعمل الحكومة من خلال أجهزتها المتعددة على تنظيمها وتطويرها وتحفيزها وحماية المتعاملين بها من خلال إصدار اللوائح والأنظمة وتطبيقها، إلا أنه عادة ما يكون هناك تباين في وجهات النظر حيال هذه التنظيمات من جهة تكاملها ومن جهة جودتها، حيث يؤدي نقصها أو بعضها إلى الإضرار بالسوق، الأمر الذي يستدعي تدخل الشركات القيادية في هذه الأسواق أو تدخل المؤسسات المدنية المعنية لاستكمال النقص ومعالجة اللوائح أو الإجراءات أو التطبيقات غير المناسبة، وهو أمر جعل صناع القرارات ومتخذيها ومطبقيها يتواصلون مع الأسواق قبل سن الأنظمة واللوائح والإجراءات للوصول إلى أفضل الصيغ المنظمة والمطورة والمحفزة والمحافظة على السوق.
الغرفة التجارية والصناعية في منطقة الرياض أنشأت مركزا فكريا بكل ما تعنيه الكلمة بمسمى ''منتدى الرياض الاقتصادي'' كأداة فاعلة لصناعة الأفكار الاقتصادية من خلال منهجية علمية تشاركية لاختيار القضايا الاقتصادية ودراستها ومناقشتها للخروج بأفضل التوصيات، ومن ثم ربطها بعالم القرارات، حيث روج المنتدى لمنتجاته الفكرية واستجابت لها الحكومة التي تستهدف بناء اقتصاد وطني فعال منتج بالتكامل مع القطاع الخاص، حيث وجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز اللجنة الدائمة في المجلس الاقتصادي الأعلى بدراسة ومراجعة توصيات منتدى الرياض الاقتصادي وإحالتها إلى الجهات الحكومية ذات العلاقة للاستفادة منها، وكلنا يعلم أن المجلس الأعلى للاقتصاد هو أحد أهم أركان المنظومة الاقتصادية في بلادنا، حيث يقوم ببلورة السياسة الاقتصادية وصياغة البدائل الملائمة، والتنسيق بين الجهات الحكومية التي تتصل أعمالها مباشرة بالاقتصاد الوطني لتحقيق الترابط والتكامل بين أعمالها، واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لذلك، ومتابعة تنفيذ السياسة الاقتصادية وما تقضي به قرارات مجلس الوزراء في الشؤون والقضايا الاقتصادية، واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لذلك.
إنجازات المنتدى كبيرة ومتعددة وليس المجال هنا لحصرها، ولا شك أنه لعب دورا كبيرا من خلال دراسة القضايا الاقتصادية الوطنية وتشخيصها والوقوف على معوقات النمو الاقتصادي واقتراح حلول عملية رفعت لصانع القرار الاقتصادي الذي أبدى هو الآخر سعادة كبيرة بهذا المنتدى وتعاونا تكامليا فعّل توصياته وحول جزءا غير يسير منها إلى قرارات محفزة للاقتصاد الوطني، ولكن وللأسف الشديد وبعد الدورة الثالثة للمنتدى عام 2007م رأينا من وجهة نظري تراجعا في مستوى المنتدى وإن كان هناك من يخالفني الرأي، حيث لم نر تقدما يذكر بعد أن توقعنا المزيد من التقدم والتطور لهذا المنتدى الفكري الرائع الذي يكاد يكون المركز الفكري الاقتصادي الوحيد في بلادنا.
نعم توقعنا أن يتطور المنتدى بدعم كبير من كبار رجال الأعمال وكبرى المنشآت الاقتصادية بعد أن نجح في احتلال موقع مهم في الشأن الاقتصادي السعودي ليكون خزانا للأفكار والخبراء، متخصصا في القضايا الاقتصادية وليكون مصدرا لصناع الفكر والرأي المتخصصين، فضلا عن ترقية صناع الرأي الاقتصادي الحاليين الذين تعتمد عليهم الوسائل الإعلامية بالتصدي للقضايا والمشاكل والمستجدات الاقتصادية تحليلا وتشخيصا وفكرا لتوعية الرأي العام وتهيئته للتعامل معها بسلامة وكفاءة بعد أن نجح المنتدى في توفير أرضية للتفكير المشترك بمستقبل الاقتصادي السعودي لتوليد الحلول العلمية السليمة القابلة للتطبيق وعرضها على صناع ومتخذي القرار للاستفادة منها.
أيضا توقعنا المنتدى أن يكوّن نخبة من الباحثين في القضايا والمشاكل والمستجدات الاقتصادية بالتكامل مع شركات القطاع الخاص ومعاهد البحوث والدراسات في الجامعات، وتنمية البحث العلمي والنشاط الفكري في مجال القضايا الاقتصادية وتنمية القطاعات، وتمكين أصحاب القرار في القضايا الاقتصادية من اختبار رؤاهم أمام صناع رأي نافذين ودعم ممارستهم بالتحليل العميق، وربط العلاقات العلمية، والتعاون مع المؤسسات الجامعية وباقي المراكز والمؤسسات ذات الاهتمام بالقضايا الاقتصادية، إضافة إلى توفير خزان من الخبراء والباحثين في القضايا الاقتصادية يمتلكون رؤية ذات مدى بعيد للعمل في الحكومة، وأعتقد أن ذلك ما نجح فيه المنتدى، حيث انتقل أمين عام المنتدى السابق الدكتور محمد الكثيري للعمل في الحكومة وكيلا للشؤون الفنية في وزارة التجارة والصناعة.
ما السبب لعدم التطور المتوقع لمنتدى الرياض الاقتصادي لتحقيق ما كنا نتوقعه؟ الإجابة كما هو معروف ضعف الميزانية المتاحة التي تتوافر من خلال الرعايات، وبكل تأكيد هو عذر معقول ولكن علينا أن نتغلب عليه بتخصيص فريق متخصص في الترويج للمنتدى وإيجاد بدائل لتنويع دخل المنتدى بشكل مستدام، وأعتقد أن كبار التجار القائمين على مجلس الغرف والغرفة التجارية والصناعية في الرياض يمكن أن يلعبوا دورا كبيرا في تجاوز هذه المعضلة بتقديم النموذج المؤمن بأهمية المنتدى وضرورته لتنمية السوق السعودي والتي ستنعكس بشكل غير مباشر على منشآتهم الاقتصادية، فضلا عن الاقتصاد الوطني بالمحصلة، وأود أن أنوه بالنموذج الذي قدمه المهندس سعد بن إبراهيم المعجل رئيس مجلس أمناء منتدى الرياض الاقتصادي الذي جعل شركة المعجل للتجارة والمقاولات ترعى المنتدى في دورته الرابعة وهو أمر يؤكد قناعته بالمنتدى، وبالتالي تحفيز الرعاة لرعايته لتعزيز إمكاناته لاستكمال مسيرته الكبيرة في صناعة الأفكار وربطها بعالم القرار.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي