رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


التنمية بالتأمين؟

يُدرك المتخصصون في التنمية بأن لها مفهوماً واسعاً يشمل كثيراً من الجوانب، كالتنمية الاقتصادية، والتنمية الاجتماعية، بل وحتى الثقافية. ولو أخذنا مثلاً التنمية الاقتصادية فهي تهدف إلى تحقيق الرفاه الاجتماعي ورفع مستوى المعيشة للفرد والمجتمع. ولهذا تحرص مختلف الدول على وضع خطط للتنمية تتضمن استراتيجيات وأهدافا، وتحددها بمدد معينة، كما هو حال الخطة الخمسية للمملكة حيث تبنت المملكة خططاً مرحلية للتنمية ولعل آخرها هي الخطة التاسعة للتنمية.
وليس هناك شك في أن التأمين يُعد أحد الأدوات المهمة لتحقيق التنمية بمختلف مجالاتها. فلو أخذنا دور التأمين في تحقيق التنمية الاقتصادية نجد أنه يلعب دوراً أساسياً في حفظ رأس المال والممتلكات. ولذلك يحرص كثير من الدول على تعزيز الثقة بشركات التأمين وإعطائها أدواراً مهمة في التأمين على المشروعات والممتلكات الحيوية في القطاعين العام والخاص، وذلك من خلال إلزام الجهات المعنية بالتأمين سواء على الممتلكات أو بالتأمين ضد المسؤولية المدنية الناشئة عن الأنشطة التي تمارسها حفظاً لها من الخسارة. وهذا من شأنه أن يوفر بيئة اقتصادية مثلى ومناخاً مشجعاً للاستثمار. وهذا الأخير يُعد أحد الأهداف الأساسية للتنمية الاقتصادية. وبما أن شركات التأمين هي شركات أموال ـ كما يعرف الجميع ـ نجد أن كثيراً من الدول تضع معايير دقيقة لاستثمار هذه الشركات لأموالها المتحصلة من أقساط التأمين وبما يؤدي إلى توجيه دفة الاستثمار في المجالات التي تستفيد منها الدولة في تحقيق التنمية. ولذلك فإن التشريعات الخاصة بالتأمين هي مسألة مهمة جداً مثل تحديد المعايير التي تنُشأ بموجبها شركات التأمين وضبط السوق والرقابة على شركات التأمين. كما أن تحديد مجالات التأمين التي تعمل فيها هذه الشركات أمر مهم خصوصاً فيما ما يتعلق بالمجالات الإلزامية والاختيارية للتأمين.
وإذا تحدثتُ عن التنمية الاجتماعية ذات البعد الاقتصادي أو الإنساني، فإن للتأمين دوراً أساسياً في ذلك، ويكفي أن نستحضر في هذا المجال التأمين الصحي والدور الكبير الذي يلعبه في الرعاية الصحية للمستفيدين منه. فالرعاية الصحية اللائقة هدف أساس من أهداف التنمية التي تحرص على تحقيقها أغلب الحكومات، ولذلك فالغالبية من هذه الحكومات أدخلت التأمين الصحي في أنظمتها للرعاية الصحية وإن اختلفت فلسفة الدول في هذا المجال بين المفهوم الربحي البحت أو المفهوم غير الربحي الذي تسهم فيه الدولة مع المستفيدين بشكل أو بآخر، أو الاحتفاظ ببعض الخدمات الصحية التي تقدمها الدولة عن طريقها. وبالنسبة للمملكة فقد شكّل التأمين الصحي أداة مهمة من أداوت تحقيق التنمية من خلال الرعاية الصحية. وقد صدر نظام الضمان الصحي التعاوني قبل أكثر من عشر سنوات وتم تطبيقه على المقيمين في المملكة من غير السعوديين وفق مراحل معينة، ثم تم تطبيقه بعد ذلك على المواطنين العاملين في القطاع الخاص. وقد شكّل هذا رافداً مهماً للقطاع الصحي الخاص وعزز الثقة به وفي خدماته، وأتاح المجال أيضاً للقطاعات الصحية الحكومية للتفرغ في تقديم خدماتها الصحية للمواطنين مع إتاحة الفرصة لبقية المواطنين إذا ما أرادوا أن يستفيدوا من التأمين الصحي الاختياري. كما أن إمكانية تعميم تجربة التأمين الصحي على كافة المواطنين متاحة وفقاً لما نص عليه النظام. وقد لمس المواطنون ثمرات نظام التأمين الصحي خاصة فيما يتعلق بالتأمين الصحي على المواطنين العاملين في القطاع الخاص، ولمسوه كذلك من المقتدرين الذين قاموا بالتأمين صحياً على حسابهم الشخصي. وإذا خرجنا إلى مجالات تنموية اجتماعية أخرى، فالتأمين يُعد مساعداً مهما للدولة في تعزيز فكرة الضمان الاجتماعي بمفهومها الواسع، وكذا الحال فيما يتعلق بالتأمين الادخاري لضمان معيشة كريمة للفرد مما يدعم بشكل كبير المجهودات ويخفف الأعباء التي تتحملها الدولة لتحقيق التنمية من خلال مكافحتها للمرض والعوز والفقر وهو ما يحقق المفهوم المتكامل للتنمية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي