مدى جديتنا في السعودة
تجري مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات ''سلسلة زمنية'' من الأبحاث الخاصة بالقوى العاملة، تسمى ''بحث القوى العاملة''، تسعى السلسلة إلى التعرف على الخصائص السكانية والاجتماعية والاقتصادية لهذه القوى، وتوظيف نتائجها في إعداد البرامج التنموية في المملكة وتخطيطها.
تشير نتائج ''بحث القوى العاملة عام 1999'' إلى أن إجمالي عدد سكان المملكة بلغ في عام 1999, 19.895.232 فردا, وبلغ عدد السكان ذوي الأعمار 15 عاما فأكثر 13.840.751 فرداً (69.57 في المائة) من إجمالي عدد السكان, وبلغ حجم القوى العاملة 5.846.908 أفراد (42.24 في المائة) من إجمالي عدد السكان ذوي الأعمار 15 عاما فأكثر.
اتسمت هذه القوى العاملة بكثافة حجم الذكور فيها عن الإناث, حيث بلغ عدد الذكور 4.984.401 فرد (85.25 في المائة) مقابل 862.507 أفراد (14.75 في المائة) من الإناث, كما اتسمت هذه القوى العاملة بزيادة نسبة غير السعوديين إلى السعوديين, إذ بلغ عدد السعوديين في القوى العاملة 2.823.715 فرداً (48.29 في المائة)، مقابل 3.023.193 فرداً (51.71 في المائة) من غير السعوديين.
اتسمت القوى العاملة السعودية البالغة 2.823.715 فرداً، بمجموعة من الخصائص السكانية والاجتماعية والاقتصادية, حيث صنف 2.595.090 فرداً (91.90 في المائة)، بأنهم مشتغلون، والـ228.625 فرداً الباقون (8.10 في المائة) بأنهم متعطلون. واتسمت هذه القوى العاملة السعودية بكثافة حجم الذكور فيها عن الإناث، حيث بلغ عدد الذكور 2.411.006 أفراد (85.38 في المائة) مقابل 412.709 أفراد (14.62 في المائة) من الإناث.
كما اتسمت هذه القوى بتراوح أعمار معظمهم بين 25 و29 عاما (538.425 فرداً، 20.75 في المائة)، ويحمل معظمهم الشهادة الابتدائية (524.715 فرداً، 20.22 في المائة)، ويعمل معظمهم في منطقة الرياض 625.442 فرداً (24.10 في المائة)، ويعمل معظمهم في مهن خدمية 825.024 فرداً (31.79 في المائة)، ويتواجد معظمهم في قطاع الإدارة العامة 1.016.076 فرداً (39.15 في المائة).
تشير نتائج ''بحث القوى العاملة عام 2009'' إلى أن إجمالي عدد سكان المملكة بلغ في عام 2009, 24.169.595 فرداً, بلغ عدد السكان ذوي الأعمار 15 عاما فأكثر 17.259.662 فرداً (71.41 في المائة) من إجمالي عدد السكان, وبلغ حجم القوى العاملة 8.611.001 فرد (49.89 في المائة) من إجمالي عدد السكان ذوي الأعمار 15 عاما فأكثر. اتسمت هذه القوى العاملة بكثافة حجم الذكور فيها عن الإناث, حيث بلغ عدد الذكور 7.327.980 فردا (85.10 في المائة)، مقابل 1.283.021 فرداً (14.90 في المائة) من الإناث، كما اتسمت هذه القوى العاملة بزيادة نسبة غير السعوديين إلى السعوديين, إذ بلغ عدد السعوديين في القوى العاملة 4.286.515 فردا (49.78 في المائة)، مقابل 4.324.486 فرداً (50.22 في المائة) من غير السعوديين.
اتسمت القوى العاملة السعودية البالغة 4.286.515 فردا، بمجموعة من الخصائص السكانية والاجتماعية والاقتصادية, حيث صنف 3.837.968 فرداً (89.54 في المائة)، بأنهم مشتغلون، والـ448.547 فرداً الباقون (10.46 في المائة) بأنهم متعطلون. واتسمت هذه القوى العاملة السعودية بكثافة حجم الذكور فيها عن الإناث، حيث بلغ عدد الذكور 3.580.790 فرداً (83.54 في المائة)، مقابل 705.725 فرداً (16.46 في المائة) من الإناث.
كما اتسمت هذه القوى بتراوح أعمار معظمهم بين 25 و29 سنة 879.167 فرداً (22.91 في المائة)، ويحمل معظمهم الشهادة الثانوية أو ما يعادلها 1.228.533 فرداً (32.01 في المائة)، ويعمل معظمهم في منطقة الرياض 953.688 فرداً (24.85 في المائة)، ويعمل معظمهم في مهن خدمية 1.345.867 فرداً (35.07 في المائة)، ويتواجد معظمهم في قطاع الإدارة العامة 1.511.483 فرداً (39.38 في المائة).
عديدة هي الفوائد التي نخرج بها عندما نقارن تطورات خصائص القوى العاملة السعودية خلال عقد من الزمن. من أهم هذه التطورات الإيجابية زيادة نسبة السعوديين في القوى العاملة، وزيادة نسبة الإناث السعوديات إلى نسبة الذكور السعوديين في القوى العاملة، وارتقاء معظم القوى العاملة السعودية في سلم التعليم العام من الشهادة الابتدائية إلى الشهادة الثانوية أو ما يعادلها.
ومن أهم هذه التطورات السلبية تراجع نسبة المشتغلين في القوى العاملة السعودية، وثبات التوزيع الجغرافي للقوى العاملة السعودية بوجود منطقة الرياض على هرم جذب القوى العاملة السعودية، وزيادة امتهان القوى العاملة السعودية في العمل في المهن الخدمية. حدثت جميع هذه التطورات تحت مظلة نمو ملحوظ في مركز المملكة في مؤشر التنمية البشرية التابع لمنظمة الأمم المتحدة, فتطور تصنيف المملكة في المؤشر من 0.754 نقطة، محققة المركز 68 من أصل 162 دولة في عام 1999، إلى 0.716 نقطة، محققة المركز 59 من أصل 182 دولة في عام 2009.
تقودنا تطورات القوى العاملة خلال 1999-2009 إلى قراءة مستهدفات القوى العاملة من واقع رؤية الاقتصاد السعودي 2025، والصادرة قبل عدة سنوات من وزارة الاقتصاد والتخطيط، الهدف الرئيس من هذه القراءة التعرف على حجم الأداء في تحويل المخطط الطموح إلى واقع ملموس.
يشير ''تقرير رؤية الاقتصاد السعودي 2025'' إلى المستهدفات التي يجب تحقيقها لكي يصل الاقتصاد السعودي إلى رؤيته في 2025، حيث يتوقع التقرير أن يصل سكان المملكة 29.86 مليون فرد بحلول 2024. وتستهدف رؤية الاقتصاد السعودي 2025 وصول القوى العاملة إلى قرابة 50 في المائة من عدد السكان لتصل إلى 15 مليون فرد. يبلع عدد السعوديين من هذه القوى العاملة قرابة 11.8 مليون فرد، بنسبة مشاركة للمرأة السعودية تصل إلى قرابة 30 في المائة. كما تستهدف الرؤية أيضا أن يحصل 44 في المائة من القوى العاملة السعودية على الشهادة الثانوية أو ما يعادلها، و32.9 في المائة على الشهادة الجامعة. كما تستهدف الرؤية أيضا أن يعمل قرابة 37.9 في المائة من القوى العاملة السعودية في قطاع الخدمات، و44.3 في المائة في القطاع الصناعي.
مستهدفات طموحة تدعونا إلى الوقف على واقعيتها مع واقع اليوم والأمس، فالمراجع لأدبيات السعودة الصادرة من الجهات والمؤسسات الحكومية المختلفة يلاحظ أن معظمها ينتهج تعريفا قاصرا للسعودة، حيث تتجه الأدبيات إلى تعريف السعودة على أنها أمر كمي يهتم بأعداد العاملين السعوديين فقط في المنشأة. ولعل ما دعم هذا التوجه تأكيده في عدد من القرارات الحكومية الهادف إلى زيادة نسبة السعودة في القطاع الخاص من خلال مجاملة دون تشديد على أهمية زيادة نسبة العاملين السعوديين بشكل مستديم.
وعلى الرغم من طموح مشروع السعودة الكمي، إلا أنه ذاته حمل في طياته عديدا من التحديات التي أسهمت في نتائجه المتواضعة التي نعيشها اليوم. يكمن ذلك في اقتصار تعريف السعودة على ''الأعداد'' فقط دون الأخذ في عين الاعتبار معايير أخرى لا تقل أهمية عن الأعداد إن لم تفقها.
التعريف الوحيد للسعودة، الذي جسد الشكل المثالي للسعودة ما صدر عن مجلس القوى العاملة سابقاً، حيث عرف المجلس السعودة على أنها ''الاستخدام الكامل والأمل للعمالة الوطنية''. يحمل التعريف في طياته أربعة مضامين للسعودة. أولها أعداد العاملين السعوديين، وثانيها كفاءتهم، وثالثها تأهيلهم المهني، ورابعها قدراتهم.
إننا في حاجة إلى إعادة النظر في تعريف السعودة، ومن ثم إعادة ترتيب الأوراق، بما يتوافق ومفهومنا للسعودة ذي الأربعة محاور، ''العدد''، و''الكفاءة''، و''المهنية''، والقدرة''، حتى يتسنى لنا التوجه بشكل أكثر طمأنينة نحو مستهدفات رؤية الاقتصاد السعودي 2025.