لماذا فقدت خطبة الجمعة في معظم بلدان العالم الإسلامي تأثيرها البناء؟

لماذا فقدت خطبة الجمعة في معظم بلدان العالم الإسلامي تأثيرها البناء؟
لماذا فقدت خطبة الجمعة في معظم بلدان العالم الإسلامي تأثيرها البناء؟
لماذا فقدت خطبة الجمعة في معظم بلدان العالم الإسلامي تأثيرها البناء؟
لماذا فقدت خطبة الجمعة في معظم بلدان العالم الإسلامي تأثيرها البناء؟

لماذا فقدت خطبة الجمعة في معظم بلدان العالم الإسلامي تأثيرها البناء وقدرتها على شحذ الهمم وشحن العواطف وتغيير المسار؟ لماذا صارت فعلاً تعبدياً محضاً بعد أن كانت مؤتمراً اجتماعياً عاماً يمارس الدور الريادي في البناء؟ ''الاقتصادية'' تطرح موضوع خطبة وضرورة الإفادة منها للمجتمع، وتوعية الناس واختيار الموضوعات التي تناسبهم بحيث يكون لها أثر إيجابي في سلوكهم.

العيد الأسبوعي للمسلمين

#4#

في البداية تحدث الشيخ إبراهيم بن محمد اليحيى وكيل وزارة العدل للتسجيل العيني للعقار بقوله: إن لخطبة الجمعة أهمية كبيرة في الإسلام, وفائدتها كبيرة ونفعها يعم الجميع، فيوم الجمعة يعد العيد الأسبوعي للمسلمين في كل مكان لقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ''قد اجتمع في يومكم عيدان، فمن شاء أجزأه من الجمعة وإنا مجمِّعون '' رواه أبو داود (1073) بإسناد حسن عن أبي هريرة، وفي صحيح البخاري (5572) عن أبي عبيد مولى ابن أزهر قال: ''شهدت العيد مع عثمان بن عفان وكان يوم الجمعة، فصلى قبل الخطبة، ثم خطب فقال: يأيها الناس إن هذا يوم قد اجتمع لكم فيه عيدان، فمن أحب أن ينتظر الجمعة من أهل العوالي فلينتظر، ومن أحب أن يرجع فقد أذنت له''، وفي سنن ابن ماجه (1098), لذلك ينبغي الاهتمام بإعداد الخطبة بحيث يستفيد منها الحاضرون، ويستمعون لها بإنصات, وهذا يحتاج من الخطيب إلى اختيار الموضوع الذي يعود بالفائدة على المصلين الذين أيضا عليهم الحرص على الاستماع للخطيب والإنصات إليها ولا يتشاغلون عنها بأي شيء، لأهمية هذا الأدب حيث يقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم: ''من توضأ فأحسن الوضوء، ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت غُفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام، ومن مس الحصى فقد لغا'' ـ رواه مسلم (1988) .

لذا فإن على الخطيب أن يعتني بإعدادها وباختيار الموضوع المناسب للمصلين الذي يقدم لهم الفائدة المرجوة، فيبذل جهده لإعدادها الإعداد الذي يخرجها بشكل مفيد ومناسب للمصلين، وأن يسعى إلى الاستشهاد بالأدلة المناسبة من القرآن والسنة، وأهل العلم يعتبرونها بمنزلة درس أسبوعي حضوره لازم لكل مسلم، وفي يقيني أن أهم الموضوعات التي يختارها الخطيب في خطبة الجمعة تناول بعض المشكلات الاجتماعية ووضع العلاج المناسب لها، خصوصا البعد عن المنزلقات غير الأخلاقية والوقوع في الشهوات، وتخصيص خطب لتوعية الشباب وتحذيرهم من الوقوع مع أصحاب الأفكار المنحرف والضالة, وأن يحرصوا على طاعة ولاة الأمور والرجوع للعلماء الثقات والالتزام بالأخلاق الكريمة والأعمال الصالحة التي هي غاية كل مسلم.

#3#

من جانبه, يقول الدكتور محمد الدويش الأستاذ في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية, إن الإيجاز في الخطبة هو السنة, روى مسلم في صحيحه عن أبي وائل قال خطبنا عمار فأوجز وأبلغ، فلما نزل، قلنا يا أبا اليقظان لقد أبلغت وأوجزت فلو كنت تنفست، فقال إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ''إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مَئنة من فقهه، فأطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة وإن من البيان سحراً''.

وعن جابر بن سمرة - رضي الله عنه - قال: ''كنت أصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكانت صلاته قصداً، وخطبته قصداً''.

وقال أبو بكر ـ رضي الله عنه - ليزيد بن أبي سفيان - رضي الله عنهما - حين أمّره على جيش إلى الشام: ''وإذا وعظتهم فأوجز فإن كثير الكلام ينسي بعضه بعضاً''.

وها نحن نرى في عصرنا من يطيل الخطبة حتى يملَّ الناس. ذكر اللواء محمود شيت خطاب أنه صلى مع خطيب في القاهرة استمرت خطبته ساعة وعشر دقائق، مع اللحن والخطأ في الآيات والأحاديث والشعر,

وأضاف أن الإيجاز والتطويل نسبي, وقد يتطلب الموضوع أحياناً قدراً من الإطالة أو طبيعة المستمعين أو من الخطيب؛ كأن يفد غريب وهو ممن يحب الناس سماع كلامه؛ فمثل هذه المواقف قد تسوغ فيها الإطالة ويبقى بعد ذلك الإيجاز هو الأصل، فالإيجاز يزيد مسؤولية الخطيب؛ إذ سيحتاج إلى عرض جملة من الحقائق والمعلومات في وقت يسير, وليس صحيحاً أن التحضير يتناسب طردياً مع وقت الخطبة.

كما أن على الخطيب التركيز على سلبيات المصلين والحديث عن أخطائهم، أو استعمال ضمير المخاطب كثيراً، وهذا مثل الطبيب الذي يحدث المريض عن مرضه ويبالغ في وصفه وخطورته؛ إن التركيز على مثل هذا الأسلوب من شأنه أن يحطِّم كل جوانب الأمل لدى المصلي، ما يجعله يشعر بأنه لا يمثل إلا مجموعة من الأخطاء والعيوب، ومع كثرة النقد وبيان الأخطاء يتبلد إحساسه؛ فيشعر أن الخطأ أمر طبيعي لا يمكن أن يفارقه, أو أن يشعر بأن هذا الخطيب لا ينظر إلا بعين واحدة، فينصرف عن سماع ما يقول.

ومضى يقول إن الخطيب الناجح يستطيع أن يحقق المقصود، ويعالج الخطأ دون حاجة إلى الانتقاد المباشر للناس، فحين يتحدث عن إهمال الناس صلاة الجماعة مثلاً, بإمكانه بدلاً من النقد اللاذع أن يتحدث عن أهميتها وفضلها، ويسوق الأدلة الشرعية على ذلك, ثم يُثَنِّيْ بعناية السلف بها، ومحافظتهم عليها، وذمهم من يتخلف عنها, وبعد ذلك يقف عند هذا الحد، واللبيب يفهم بالإشارة, وفي التلميح ما يغني عن التصريح, وهذا لا يعني بالضرورة عدم الحديث عن الخطأ أو مجاملة الناس, لكن هذا شيء, وما نفعله أحياناً شيء آخر.

أن يختار الموضوع في وقت مبكر, فإن تأخير اختيار الموضوع إلى ليلة الجمعة وربما يومها, يؤدي بالخطيب إلى أن يقرر أي موضوع يخطر في باله, وربما لا يكون مقتنعاً به القناعة التامة, إضافة إلى أنه لا يترك له فرصة كافية للتحضير والتفكير في عناصر الموضوع ومحاوره. ويعاني الكثير من الخطباء هَمِّ اختيار الموضوع, فيُقترح إعداد قائمة متنوعة من الموضوعات, يختار بعد ذلك من بينها.

أساس حديث الخطيب

#2#

يرى الشيخ الدكتور صالح السدلان أستاذ الدراسات العليا في جامعة الإمام محمد بن سعود قائلا: لخطبة الجمعة أهميتها ومكانتها وتأثيرها في النفوس، فلا بد أن تكون الوسطية هي أساس حديث الخطيب, فهذه الوسطية التي أمر الله بها أنبياءه ورسله وأتمها خاتمهم محمد ـ عليه الصلاة والسلام ـ الذي يقول ''إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من قبلكم الغلو في الدين''، تحتاج من كل خطيب إلى أن يعيها تماما وتابع: بل ينبغي للإنسان وأعني الخطيب أن تكون مهمته القصوى إرشاد الناس وتوجيههم، كذلك ينبغي أن تتناول الخطبة المشكلات الاجتماعية والأمور التي تفيد المجتمع، بعيدا عن الأشياء الشاذة حتى لو كان الخطيب عارفا بها، إلا إذا انتشرت واحتيج إلى علاج لها، وأما الوسطية فأقول للخطيب لا تتردد في ذلك, تحدث بوسطية في كل شيء وفي جميع صور المعاملات كن متوسطا ومعتدلا اقتداء بالأنبياء والرسل، نريد منك أيها الخطيب أن تتعرض لهذا المنهج (الوسطية) بعيدا عن الإفراط والتكلف، بعيدا عن التفريط والإهمال، حضّر لخطبتك ونسقها ولا تطل على الناس، وأعلم أنه من الحماقة أن تتصيد الأخطاء وتكون موضوعك في الخطبة، وهو بلا شك لا يجوز، أما الأمن الفكري فإننا نستطيع القول إنه كل شيء، إذا أمنوا على أفكارهم وعقولهم وأخلاقهم ومجتمعهم، والكل يعلم أن ما جاءنا من انحراف فكري من التكفير والتفجير إلا من الانفتاح والجهاد في أفغانستان والشيشان والبوسنة والهرسك، عندما التقى الشباب هناك أناسا وغيروا من أفكارهم، فعندما ذهبوا مستقيمين رجعوا منحرفين في عقيدتهم ومنهجهم وفي بغضهم للحكام والعلماء والمجتمع، انظروا إلى الانقلاب الفكري، فالأمن الفكري لا بد أن يتحدث عنه الخطباء ويقرأوا عنه, فهذا الأمر المهم الأمن الفكري الأمن الاجتماعي والغذائي والأخلاقي أيضا كلها تؤثر في الناس، فالناس لا يسمعون شيئا إلا الخطب المكررة منذ 20 سنة دون تغيير.

الأكثر قراءة