من الطبيعي .. مشاهدات نعيشها
راقت لي فكرة المقال، ووجدت استحسانا لم يُخيل إلي. وقد كتب الله لهذه الفكرة أن تولد علي يدي، فرغبت أن تستمر لعلها تكون نوعا من التنفيس عني وعنكم، وقد تكون نوعا من الوخز العربي الذي قد يؤتي ثماره ونجد ما ألمنا قد تغير واختفت مثالبنا، فلا نجد ما ننتقد في مجتمعنا فنتفرغ للثناء والتمجيد على كل حميد.
من الطبيعي أن يخرج لنا المسؤول عند تحقيق إنجاز، ليتغنى بما تحقق تحت إدارته، كما ظهر لنا مسؤولو المياه ليفتخروا بالإنجاز الكبير والمتمثل في تجفيف بحيرة الموت، أقصد بحيرة المسك. فهل يخرج لنا مسؤول عند الإخفاق ليعلن تحمله مسؤولية الإخفاق، ويستقيل.
من الطبيعي أن تكون مقاهي الكوفي شوب من الأماكن العامة والمشتركة التي لا يمتلك طرف أفضلية فيها على الطرف الآخر، فهي مكان للتنفيس عن الأشخاص وليست لخنق الأنفاس، بدخان الغير، وإلا فلنسميها مدخنة شوب.
من الطبيعي أن تنتشر ظاهرة التدخين بين الأجيال الشابة، مادام أنهم يتشربون هذا السم منذ الصغر، ودون أن يملكوا خيارا في الابتعاد عنه. فالوالد يحشر أبنائه بسيجارته في السيارة والمنزل، وقنواتنا التلفزيونية تعرض مشاهير النجوم ينفثون هذا السم إلى عقول أبنائنا.
من الطبيعي أن نسعى إلى الخدمات الإلكترونية ونسعد بوصولها إلى منازلنا، ولكن أن تكون التقنية الإلكترونية بخدمات يدوية بجميع مراحلها، فهذا ضحك على الذقون، وتطويع للتقنية بفكر وممارسات تقليدية.
من الطبيعي أن تلجأ المرأة العاملة للعاملة الوافدة للمساعدة في تغطية الأعباء المنزلية، ولكن أن تكون العمالة المنزلية هي الكل في الكل في البيت، فهذا يعني أن كل ربة بيت لا تخدم بيتها، فلماذا نؤسس البيوت إذا.
من الطبيعي أن المرأة تتنقل لإنجاز احتياجاتها الخاصة والعملية، لكن من غير الطبيعي أن يكون تنقلها مع سائق أجنبي هو الطبيعي، إذا كان غير مسموح للمرأة أن تقود فلنحضر سائقات أجنبيات بدلا من السائقين.
من الطبيعي أن الجميع يطالب بسعودة القطاع الخاص، وأن نسعد بمنظر الشاب السعودي، وقد اخترق كل الوظائف وأصبح تواجده من الطبيعي في كل الوظائف، لكن من غير الطبيعي أن أحصل على خدمة دون نفس، أو بجودة رديئة من أجل أني أشجع السعودة في القطاع الخاص.
من الطبيعي أن تحصل حوادث بسيطة في الطريق، ولكن أن يقف الطريق بالكامل من أجل عيون سيارتين لا يوجد بهما أضرار فهذه قمة العنجهية، وعدم احترام الطريق والآخرين، ولأن النظام لا يعاقب على مثل هذه المخالفات، وفي الأخير سيخرج الجميع تحت مظلة كلٍ يصلح سيارته.
من الطبيعي أن هذه سلسلة ستطول، ما دامت التصرفات منافية للأمر الطبيعي. ومن الطبيعي أن يقرأها أناس فلا تحرك فيهم ساكنا، ومن الطبيعي أن يستاء العدد الأكبر ولا يحركون ساكنا.