رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


دور المرأة السعودية في مواجهة تحديات الأسرة الاقتصادية

لصاحبي قصة مضحكة مع دور المرأة في التنمية، حيث قال لي ذات ليلة وهو متضايق إن المرأة تريد أن تكون شريكا كاملا للرجل في التنمية على اعتبار أنها تمثل نصف المجتمع، ولا اعتراض لدي بتاتا على ذلك، وزوجتي تعمل مدرسة، لكنها وهذا ليس مستغربا لطبيعة خلقها تترك هذه الشراكة تماما عندما تكون ضدها فهي تريد أن تشارك في التنمية بالخروج والعمل، وهو أمر يوافق هواها، لكنها لا تريد أن تكون شريكة في الهموم وشد الأحزمة؛ لأن ذلك لا يوافق هواها.
فقلت وكيف ذلك؟ قال أنا مستثمر في شركة صغيرة ومتوسط دخلي فوق العالي، وكنت أنفق بسخاء على زوجتي وأبنائي بما يتناسب مع هذا الدخل، لكن وبعد الأزمة المالية الحالية، التي أدت إلى انخفاض دخلي إلى النصف تقريبا، وبعد أن ارتفعت أسعار كثير من السلع والخدمات بسبب التضخم، طلبت من زوجتي أن تلعب دورها في التنمية الأسرية بأن تساعدني على مواجهة التحديات الاقتصادية التي تواجهها أسرتنا بسبب انخفاض الدخل وارتفاع أسعار المواد الغذائية ورسوم المدارس الأهلية وغيرها، وأن تعمل على ترشيد المصروفات بالتخفيض من استهلاك الكماليات والفاقد من الأطعمة والحد من الإسراف في الكهرباء والماء والعمل على نقل الأبناء إذا لزم الأمر إلى مدارس حكومية والتوجه في حال المرض إلى مراكز العلاج الحكومية أيضا.
يقول صاحبي إن زوجته عقدت حاجبيها، وقالت: لقد عودتنا الحياة المرفهة وعليك أن تعالج مشكلاتك وتضاعف دخلك، وهذه مسؤوليتك، وعليك أن تستمر في دفع المصروفات الشهرية التي كنت تدفعها لي ولأولادي دون نقصان، وقصص الأزمة المالية وارتفاع الأسعار والتضخم ما نفهمها وما تمشي علينا!
وأقول إن من أهم التحديات التي تواجه مجتمعنا اليوم تآكل الطبقة المتوسطة وانحدارها نحو الطبقة الفقيرة بسبب ضعف النشاط الاقتصادي في كثير من القطاعات المقرون بالتضخم في كثير من الأساسيات، خصوصا السكن والمواد الغذائية، ولا شك أن المرأة التي تدير شؤون المنزل لها دور كبير في مواجهة هذا التحدي بحسن التصرف وترشيد المصروفات، وهو دور كبير لا يستهان به بتاتا، وعلينا أن نوعي المرأة السعودية للقيام به على أكمل وجه، وكلنا يعلم دور المرأة السعودية قبل الطفرة في مواجهة التحديات الاقتصادية التي كانت تواجه الأسرة السعودية آنذاك، حيث كانت عنصرا منتجا ومُرشدا للاستهلاك وداعما لنفسيات وهمم الزوج وأفراد الأسرة.
قد يقول قائل: لماذا لا تطالب بتفعيل دور المرأة كعاملة بتوفير الفرص الوظيفية المناسبة لها، حيث يشكل الدخل الذي ستحصل عليه داعما لأسرتها لتبقى في نطاق الطبقة المتوسطة ولا تنزلق إلى براثن الفقر؟ وأقول هذا ما تعمل عليه حكومتنا الرشيدة في ظل تباين الرأي حيال مجالات عمل المرأة وأوقاته وظروفه، ولحين تقبَّل المجتمع الرؤية الحكومية وتوافر الفرص الوظيفية الكافية التي تخفض نسب البطالة النسائية علينا أن نفعّل مساهمة المرأة في عملية التنمية وتحسين واقعها المعاشي والأسري في إيجاد حلول للتوفير ورفع كفاءة الأموال المتاحة لزوجها في تحسين مستوى العيش لها ولأفراد أسرتها.
يقول لي أحد الأصدقاء إنه ما إن يأتي بلوازم المنزل من أكل وغيره حتى تنقضي بسرعة نتيجة الإسراف الكبير، فكل يأكل وحده وله فائض طعام، والخادمة في غياب ربة المنزل كثيرا ما تتلف المواد الغذائية وتسرف في استخدامها، مضيفا أنه لعدة مرات وجد الخادمة تطبخ العشاء في حين تأتي ربة المنزل بالعشاء من المطاعم ليرمى الكثير منه في النهاية، أما استهلاك الكهرباء والماء فيقول فعلا أشعر بأنني كبير في السن، كما يصف شباب اليوم الكبار فشغلي الشاغل إطفاء الأجهزة الكهربائية والإنارة التي تعمل دون فائدة، أما معارك استهلاك الماء فحدث ولا حرج.
ثان يقول إن أكثر من نصف الراتب يذهب إلى المطاعم؛ فربة المنزل لا تجيد الطبخ، وهذا يكلفه الشيء الكثير الذي يمكن توفيره لمصلحة تلبية حاجات ورغبات أخرى، ثالث يقول لو إن ربة المنزل ربت بناتها على العمل في أوقات فراغهن لاستغنينا عن الخادمة الثانية ولوفرنا مصروفات تخفيض وزن البنات اللاتي لا يجدن منفذا لصرف الطاقة التي يختزنها نتيجة الإسراف في الطعام، أما استهلاك أجهزة الحاسوب والجوال التي تتلف بسبب سوء الاستخدام وسوء الحفظ فتكاليف لا داعي لها بتاتا.
الأمثلة كثيرة وأنا متأكد أن كل رجل يقرأ هذه المقالة يود أن يضيف عليها الكثير من أمثلة الإسراف والتبذير وعدم الترشيد في ظل ظروف اقتصادية تشكل تحديا لكثير من أسر الطبقة المتوسطة وما دونها، والكل يرى في دور المرأة عنصرا حاسما في معالجة هذا التحدي الذي بات يمثل خطرا يتهدد مستوى معيشة الأسرة السعودية، بل إنه بات يتهدد استقرارها، حيث تكثر المشكلات الزوجية، التي ينتهي بعضها بالطلاق، وما يترتب عليها وينتهي أقلها بمشاجرات ذات أثر نفسي سلبي بالغ في أطفال الأسرة.
حقيقة لا أعلم لمن أتوجه بالنداء لإعادة تشكيل وعي المرأة السعودية لتلعب دورها الحاسم في تحقيق الاستقرار الأسري في ظل تحديات انخفاض الإيرادات من ناحية والتضخم في الأسعار من ناحية أخرى، فهل الإعلام الرسمي مسؤول؟ بكل تأكيد نعم، وهل صناع الفكر والرأي، الذين يطالبون بمشاركة المرأة السعودية في التنمية من خلال الوظائف، مسؤولون عن توعية المرأة بكل أدوارها في التنمية؟ بكل تأكيد نعم، ولا شك أن هناك جهات كثيرة مسؤولة، لكن الأمل كل الأمل يبقى لدينا في المرأة السعودية أن تقوم بمسؤولياتها تجاه أسراتها، سواء كانت أما أو ابنة في هذه الظروف الاقتصادية، التي نسأل الله أن تكون طارئة لا مستمرة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي