محللون.. تعديل التصويت في صندوق النقد الدولي اعتراف بواقع اقتصادي عالمي جديد
يترقب العديد من المحللين كيفية تنفيذ صندوق النقد الدولي اتفاق مجموعة العشرين في مدينة (جونغ جو) الكورية الجنوبية الأسبوع الماضي بشأن إصلاح صندوق النقد الدولي الذي كان مفاجأة غير متوقعة. ويؤكد أكاديميان استطلعت رأيهما وكالة الأنباء الكويتية ''كونا'' أن المفاجأة تحمل في طياتها الكثير من المعاني والمضامين حول تغير توزيع موازين القوى الاقتصادية في العالم وانعكاسات هذا التغيير مستقبلا.
من ناحيته يقول الدكتور كريستيان هيبرلي كبير الباحثين في (معهد التجارة الدولية) في جامعة برن السويسرية، إن سرعة التوصل إلى الاتفاق كانت غير متوقعة ولاسيما أنها تضمنت موافقة أوروبا على التنازل عن مقعدين لصالح اقتصادات الدول الناشئة. ويؤكد أن ''هذا الاتفاق يعكس بالتأكيد التحول من المركزية الأوروبية التي عفى عليها الزمن نحو الحقائق الجيوسياسية الحالية للتمويل العالمي''.
وشدد على أن ''وضع الثقل المالي والاقتصادي في الحسبان هو أحد طرق النظر إلى المشهد العالمي مع ملاحظة مهمة هي أن الاتحاد الأوروبي ليس أوروبا''. إلا أن الدكتور هيبرلي يعتقد أن التحول المنتظر يتعلق فقط بصندوق النقد الدولي، مشيرا إلى أن ''الحصول على صندوق نقد دولي جديد يعتمد على ما إذا كان مديرو الصندوق التنفيذيون يريدون تبني سياسات جديدة مختلفة عن تلك السارية حاليا''، مؤكدا أن ''تطبيق المجلس التنفيذي ومجلس المحافظين لهذه التغييرات سيكون خير دليل على ذلك''. ويرى في الوقت نفسه دون شك أن ''مجموعة العشرين هي الآن أكثر تمثيلا لحقائق اليوم'' لكنه في المقابل يشير إلى أن مثل تلك المجموعات ''تأتي وتذهب ولا شيء يمكن أن يصبح مديرا للعالم بأسره, إذ تبقى الهيئة الوحيدة ذات الصبغة العالمية والشاملة هي الأمم المتحدة''. وإذا كانت الإصلاحات قد بدأت في صندوق النقد الدولي برغبة من مجموعة العشرين فإن إصلاح مجلس الأمن الدولي يبقى من وجهة نظر الدكتور هيبرلي ''أمرا طال انتظاره ولكن ينبغي أن يكون التمثيل في هذا المجلس وأحكامه يعكسان الواقع السياسي العالمي وليس المالي''.
ويتفق أستاذ التجارة الدولية في جامعة سان غالن الاقتصادية السويسرية سايمون ايفينيت في أن إتمام صفقة إعادة توزيع المقاعد في المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي ''كان مفاجأة حيث توقع معظم المحللين أن تستمر المفاوضات حتى العام المقبل''. ويشير بروفيسور ايفينيت إلى أن ضغوط الولايات المتحدة ''سهلت التوصل إلى هذا الاتفاق ولاسيما أنه تجنب تحديد أي الدول الأوروبية هي التي ستخسر مقاعدها''.
ويؤكد أن ضياع مقعدين أوروبيين في المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي هو ''اعتراف طال انتظاره لتحول القوى الاقتصادية إلى آسيا والعجز في النمو في أوروبا على مدى السنوات الـ 20 الماضية''. إلا أنه يعتقد أن هذا التغيير ''سيشجع حكومات الاقتصادات الناشئة التي لن تقبل مستقبلا بمقترحات الدول الغربية لحل المشاكل العالمية, كما ستؤدي تلك الخطوة إلى استكمال مراحل الانتقال إلى عالم متعدد الأقطاب, وهي عملية محفوفة بالحساسيات واحتمالات الجمود الشامل''. ولا يعتقد بروفيسور ايفينيت أن هذا التغيير سيؤدي إلى انعكاس كبير على السياسة الاقتصادية الدولية ولكنه ''في أحسن الأحوال سيجعل صندوق النقد الدولي يتمتع بنظرة أكثر واقعية''. ويتابع ''أما في أسوأ الأحوال فإنه سيؤدي إلى تحويل صندوق النقد الدولي إلى مؤسسة أخرى للأمم المتحدة غير قادرة على أداء مهامها''.
وفي الوقت الذي يتساءل فيه الكثيرون عن دور مجموعة الثماني للدول الصناعية الكبرى بعد ظهور قوة مجموعة العشرين يقول بروفيسور ايفينيت إنه يمكن تجاهلها أو إهمالها وبالتالي يذهب بريقها بعد أن أصبحت قليلة الأهداف. ويؤكد بروفيسور ايفينيت أن امتداد الإصلاح من صندوق النقد الدولي إلى مجلس الأمن الدولي ''سيستغرق وقتا أطول للتفاوض'' رافضا الربط بين المجالين لعدم وجود علاقة مباشرة بينهما خاصة أن ''مجموعة العشرين تركز على الشؤون الاقتصادية, أما مسار مجلس الأمن الدولي فله دروبه المحفوفة بتقاليد دبلوماسية تقليدية''.