من الطبيعي .. مشاهدات نعيشها
نمر في حياتنا اليومية بعديد من المشاهدات، فمنا من يراها بالعين المجردة الطبيعية، ولا يتأثر بها أو منها، ومنا من يفحصها ويحللها لانتقاد الأمور غير الإيجابية منها، وتقويم ما يستطيع إصلاحه. ولم تخرج هذه المقالة عن عين ناقدة، لتنتقد، على قدر الرغبة في إصلاح ما يمكن إصلاحه، أو تسليط الضوء على أمور عشناها وتعايشنا معها ولا نبحث عن بديلها السوي.
من الطبيعي أن تقف عند إشارة المرور كأول شخص لتفاجأ بعشرات المركبات التي أصبحت أمامك من اليمين واليسار ومن فوق ومن تحت، لذلك يجب أن تتذكروا قراءة الدعاء ''اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي ومن تحتي''.
من الطبيعي أن تصاب بأمراض الضغط وملحقاتها، عندما تقود سيارتك في مدننا العامرة، لأنك تكتشف أن الناس يسيرون وفقا لمفهوم القوي يكسب، وفاز باللذات من كان جسورا، وهذا ما لم نتعلمه في مدرسة تعليم القيادة.
من الطبيعي أن تقف عند بوابة أي جهة رسمية لتفاجأ بأن السكيورتي لا يريد أن يخرج من غرفته، ليضطرك إلى ترك مركبتك والنزول للحديث معه واستجدائه لفتح البوابة مع أنك تملك الحق في الدخول.
من الطبيعي أن تأتي إلى أي جهة رسمية أو خاصة لمقابلة مدير محدد، فتمر بسكرتيره ليبادرك بالسؤال: ما مشكلتك؟ وبعد أن تسمعه كل ما عندك، يقول لك اجلس وانتظر حتى أستأذن لك في الدخول. لماذا تسأل إذاً؟!
من الطبيعي أن يكون لك أمر أو مشكلة لم ترد في الأنظمة والتعليمات، وإحدى مهمات المدير أن يحل لك هذه المشكلات ويلغي العقبات في طريقك كمواطن أو مراجع، فيكون رد المسؤول حسب النظام واللوائح. إذاً لماذا أتيت إليك؟!
من الطبيعي أن نجد قاعدة ''العميل أو الزبون دائما على حق''، ملغاة تماما من قاموس قطاعنا الخاص، وكأننا ملزمون بالشراء منهم لدعمهم، ولا نملك الحق في المطالبة بأدنى حقوقنا التجارية، لأن الجهة المسؤولة عن مراقبة القطاع الخاص مشغولة بأمور أهم من التحقق من مستوى رضا العميل ونوع الخدمة.
من الطبيعي أن تصل إلى مطار العاصمة ليومين متتاليين، ولا تجد مكتب تأجير يوفر لك سيارة، والسبب غير معروف، ولا تجد أي جهة تلجأ إليها، لأن المطار خارج النطاق العمراني، ويجب أن ترضخ لسائقي الليموزين.
من الطبيعي أن تستمر هذه السلسلة من الملحوظات، ما استمرت الظروف التي أحدثت هذه المشاهدات. ومن الطبيعي أن يقرأها البعض ولا تحرك فيهم ساكنا، ومن الطبيعي أن يستاء البعض الآخر ولا يحركون ساكنا.