كيف أن معرفتنا بالآثار الخفية لما نشتريه يمكن أن تغير كل شيء
عندما نعمل على تطوير ذكائنا الإيكولوجي، سنصير نوعا مختلفا من المستهلكين؛ مستهلكون يتميزون بالوعي والإدراك لتأثير قراراتهم الشرائية في العالم من حولهم. عندما يتسوق الناس فإنهم في الغالب لا يدركون الطريقة التي تصنع بها ما يشترونه من منتجات أو ما يحدث أثناء تصنيعها أو كيفية معاملة الشركة المنتجة لموظفيها.
ظهر أخيرا مجال علمي جديد هو الإيكولوجيا الصناعية ويقع على حدود الفيزياء والكيمياء والهندسة وتلاقي هذه العلوم مع علم الإيكولوجيا، وهو يتناول سياق الصناعات التحويلية. يغطي هذا المجال عوامل متعددة من التكلفة البيئية إلى كيفية التخلص من السلع بعد استهلاكها. فمن المعروف أن أي منتج يستخدم الموارد الطبيعية والتلوث الذي يسببه يمثل عبئا على هذه الموارد.
من المقاييس التي تستخدم لقياس تأثيرات المنتج في المحيط الحيوي: ''التحلل البيولوجي''، و''التأثيرات المسرطنة''، و''فقدان التنوع الحيوي''، و''السمية الجزئية''. يحتاج المستهلكون إلى هذا النوع من المعلومات في شكل مقاييس مفهومة تفسر تأثير تصنيع المنتج واستخدامه والتخلص منه.
ستؤدي هذه المعلومات حال توافرها إلى شفافية يمكنها أن تغير ما يشتريه الناس وما يصنعونه، وستحمّل المستهلك جزءا من مسؤولية تأثير المنتج في البيئة المحيطة. وسيحدث هذا تغييرا أسرع ما تحدثه تشريعات وتنظيمات حماية البيئة، لأن وعي المستهلك بما يشتريه هو أقصر وأضمن طريق لإجبار الشركات على اتخاذ القرارات المراعية للبيئة، حيث يجعل من التغيير بالنسبة لها حاجة مادية ملحة لضمان الحفاظ على عملائها واكتساب عملاء جدد. يحتاج المستهلكون إلى اتخاذ المزيد من الاختيارات للسلع التي لا تسبب تلويثا للبيئة أو على الأقل يحتاجون إلى فهم أفضل لنتائج قراراتهم. وحتى يحدث هذا سيظل المتسوقون ضحايا لسوء الاختيار فمثلا:
ـ بعض مكونات كريمات الوقاية من أشعة الشمس تزيد من نمو أحد الفيروسات التي تصيب الطحالب التي تعيش داخل الشعاب المرجانية. وسندرك حجم المأساة إذا عرفنا أن هناك من أربعة إلى ستة ملايين كيلوجرام سنويا من هذه الكريمات يستخدمها الناس فتختلط بمياه البحار وتشكل خطرا قد يقتل 10 في المائة من الشعاب المرجانية في العالم.
ـ تسبب ظاهرة الاحترار العالمي تساقطا أقل للجليد عاما بعد الآخر، لذلك تصنع منتجعات التزلج على الجليد المزيد من الثلوج الصناعية، وهو ما يستخدم كثيرا من الطاقة ويسهم في زيادة ظاهرة الاحترار.
ـ تتميز ستائر الحمام المصنوعة من البولي فينيل كلورايد برخص الثمن، لكنها تطلق كثيرا من المواد السامة التي تتحلل باستمرار حتى نهاية استخدام المنتج. إلا أن هذه السموم تتضاءل أهميتها مقارنة بما يتعرض له العمال المشاركون في تصنيعها.