رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


خريطة طريق للجودة تبدأ من الاهتمام بالمعلومات

قد يحسن البعض من رجال الأعمال في الاستفادة من البيانات التي تجمع على مستوى مؤسساتهم وشركاتهم بأن يعتمدوا عليها في الانتقال من مرحلة إلى أخرى أو يحققوا أهدافهم التطويرية فيكونون أكثر انتشارا أو ثباتا في السوق، وبالتالي يصبحون أكثر قدرة على معايشة الأزمات لإحاطتهم بكل ما يحتاجون إليه من معلومات ومعالجتها باستخدام عديد من البرامج والتطبيقات التي تساعدهم على وضع القرارات. بالطبع هم تبنوا تقنية المعلومات في جميع أعمالهم لوعيهم التام بأهميتها كلغة هذا العصر. على الجانب الآخر نجد أن كثيرا من المسؤولين في القطاع العام ما زالوا يعتمدون على ما يصلهم من تقارير، معتمدين على الثقة والإعداد التقليدي للمعلومات مع أنها جمعت ثم صيغت وطبعت ونسخت وحفظت في الحاسب الآلي. الفرق هنا أن المعلومات لم تجمع آليا ولم تعالج بتطبيقات رياضية متخصصة ثم لم تعتمد على نظم المساندة في إعداد القرار (وهي متعددة المسميات والوظائف) لوضع الاحتمالات التي تسهم في الوصول لأفضل القرارات مكملة الدورة الصحيحة للقرار.
مع بداية الاهتمام الحقيقي بالجودة في المملكة برزت في قطاع الأعمال أهمية المعلومات وتبني القيم التي ترتكز على تبادلها وتناولها، بما يعزز تحقيق الأهداف لكل مؤسسة مهما كان حجمها ومهما كانت وظائفها. كما أن بالمعلومات لن يكون الفشل طريق الجادين ولن يساوم عاقل على مكتسباته في أي قطاع كان، وسيكون من أكبر المتسابقين والمنافسين في نشاطه وتخصصه لأن أدواته وعدته هي لغة هذا العصر. لذلك اعتمد التحول باستخدام التقنية والاعتماد على أنواع التقارير المختلفة ليكون مطمئنا في إصدار القرارات. أما في القطاع العام فنحتاج إلى نشر مفهوم الجودة الذي من ضمنه تبني استراتيجية متكاملة للبيانات والمعلومات لإحكام الخطط التنفيذية وضمان تنفيذ ما خطط له بنسب عالية أو كاملة على مستوى المملكة.
''جارتنر'' Gartner كبرى الشركات المتخصصة في أبحاث ودراسات تقنية المعلومات نشرت العام الماضي في ورقة علمية، توقعاتها للاستفادة من البيانات ومعالجتها لكبريات الشركات في العالم في الفترة من 2009 إلى 2012م، وحددت أن المعلومات هي محور الأعمال. ويمكن أن تفشل أكثر من 35 في المائة من أكبر خمسة آلاف شركة في العالم للوصول إلى القرار المناسب في التسويق والاستثمار لعدم اهتمامها بالمعلومات وتبني أنظمة دعم القرار وتحليل البيانات بشكل جيد ومجود. وفي حالة تبني المعرفة عند صنع القرار، فإن التوقعات ستكون أكثر إيجابية، حيث ستكون البرامج والتطبيقات هي ما يشغل الأعمال بشكل رئيس.
يؤكد ذلك ما نتج عن الأزمة الاقتصادية الأخيرة من تكشف بعض الأسرار الخاصة بالمؤسسات المدنية، حيث تبين أن عدم القدرة على تصنيف البيانات، وعدم المشاركة في كثير منها، وعدم تبني الشفافية في التعاملات حتى ولو على المستوى الداخلي، وعدم الاستفادة من المتوافر من نظم دعم القرار للوصول إلى التحليل المناسب لأوضاع السوق، تسبب في زيادة الخسائر ماليا وحتى في الموارد البشرية. إضافة إلى ذلك طول فترة التعافي من الأزمة، والدخول في مشكلات أخرى صعبت عودة الوضع العام إلى مستوى مقبول. لقد أصبح هم البعض القيام بأي مبادرة في محاولة لاغتنام أي فرصة للبقاء في الصورة والتعايش مع الأزمة مهما كانت التكاليف. كل هذه المؤسسات لو أنها آمنت بحاجتها للتغيير والتحرر من الأفكار القديمة والمنافسة باستخدام المعلومات والاعتماد على التقنية لنهضت بمجرد ترنحها قبل أن تدخل في سبات قد يطول لبعضها إلى مدد غير معروفة. أعتقد أن على المستثمرين المتأخرين في تبني برامج الجودة والاعتماد على المعلومات بشكل احترافي أن يعوا أن الاستفادة من معالجة البيانات ستؤدي إلى: (1) فهم التكاليف الحقيقية لكل إجراء، (2) تفادي خطر الفشل التجاري بالحد من مخاطر الالتزامات غير الضرورية والعقوبات المترتبة على أي تجاوز أو خروج عن النص، (3) زيادة إنتاجية الموظفين وبالتالي تحسين كفاءة التشغيل، (4) إدخال التحسينات بشكل منظم في جميع الإدارات والأقسام التي تنعكس على خدمة العميل مهما كان نوعه (موظفاً أو متسبباً، أو طالباً ... إلخ). (5) ارتفاع الإيرادات بتحسين اتخاذ القرارات الاستراتيجية والتنفيذية الناجعة في الوقت المناسب. (6) إعداد تقارير أفضل بعمقها في التناول وتنوع الحلول المقترحة للمشكلات. (7) صناعة وتطوير أفضل المؤشرات بما يحقق عنصر المبادرة الحقيقية للمؤسسة ولقطاع الأعمال بشكل عام.
بعد ذلك قد نتجه في اتجاهين رئيسيين أولهما التركيز على مخرجات الجامعات في تخصصي المعلومات والإدارة العامة أو إدارة الأعمال؛ حيث يكون تطبيق مفاهيم الجودة في دراسات ميدانية يقوم بها الطالب قبل التخرج إما في فترة تدريب وإما من خلال مقررات (موضوع بحث أو إعداد أطروحة أو ما أشبه). أما ثاني التوجهات فهو تدريب الموظفين، وهنا لا بد من أن تصنف وتعتمد مراكز التدريب المتخصصة في المجالات المتعلقة بدراسات المعلومات أو الجودة بصفة عامة. إن قدرة مركز التدريب على تصنيف البيانات المتوافرة وتوضيح مدى حاجة المتدربين (العاملين) إلى تفاصيل لم تكن متوافرة لتطوير العمل بشكل أفضل وأجود، وقدرته على تحديد من هو مالك المعلومة ومن له الصلاحية المطلقة أو الجزئية في استخدامها وكيف يستفيد منها، سيوضح للمؤسسة مكامن القصور والكمال ويهيئها للتنافس في السوق بقوة. هذا سيؤهل المنظومة بكاملها لاختصار الوقت في فترة الإعداد ونشر مفاهيم الجودة والسعي لتبنيها، والله أعلم.

د. فهد أحمد عرب

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي