رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


نهاية الديون المتعثرة في مصارف الخليج

تعرف أدبيات العلوم المالية الديون المتعثرة بأنها ''الديون التي لم تعد تحقق للمصرف إيرادات من الفوائد، أو الديون التي يجد المصرف نفسه مضطراً إلى جدولتها بما يتفق والأوضاع الحالية للعميل''. يتضح من هذا التعريف أن الدين هو علاقة بين المصرف والعميل لتحقيق فائدة اقتصادية مشتركة تنشأ بتوفير المصرف التمويل المالي المطلوب من العميل، وتنتهي باكتمال عملية سداد كامل التمويل للمصرف.
تنشأ أحياناً تحديات تعوق عملية سداد أقساط التمويل المالي، وينتج عن ذلك وجود جزء من محفظة المصرف التمويلية غير محصل من العميل. يسمى هذا الجزء غير المحصل من المحفظة التمويلية ''الديون المتعثرة''.
تقاس الديون المتعثرة عادةً بما يسمى ''نسبة الديون المتعثرة''، وهي عبارة عن الديون المتعثرة إلى إجمالي الديون الممنوحة. وهناك طريقتان لحساب الديون المتعثرة, الأولى قسمة إجمالي رصيد الديون المتعثرة على إجمالي الديون الممنوحة. والأخرى قسمة إجمالي رصيد الديون المتعثرة بعد خصم الفوائد والعمولات المتعلقة على إجمالي الديون الممنوحة بعد خصم الفوائد والعمولات المتعلقة.
يعتبر تحدي الديون المتعثرة من التحديات التي يشترك كل من المصرف المركزي والمصرف التجاري المانح للتمويل في مواجهتها وتذليلها. ويقوم بناءً على ذلك المصرف المركزي بإجراء مراجعات دورية لعمليات التمويل المالي وإجراءات مماثلة أخرى يقوم بها المصرف التجاري المانح للتمويل.وعلى الرغم من وجود هذه الإجراءات المشتركة بين المصرف المركزي والمصرف التجاري المانح للتمويل المالي، إلا أن عملية التمويل المالي ذاتها لا تخلو من مخاطر تعثر العميل عن السداد، وبالتالي نشأة دين متعثر يؤرق المركز المالي للمصرف.
تشير دراسة حديثة أجريت على القطاع المصرفي الأردني إلى أن هناك مجموعة من الأسباب الرئيسة لتعثر العميل عن السداد. من أهم هذه الأسباب تباطؤ معدلات نمو الاقتصاد المحلي، واهتمام المصارف بنمو أرباحها بغض النظر عن درجة المخاطر التي تتضمنها عملية التوسع في التمويل المالي، واعتماد القرار الائتماني على الضمانات المقدمة من العميل أكثر من اعتماده على جدوى المشروع الممول.
تقودنا هذه القراءة المختصرة في أدبيات الديون المتعثرة إلى النظر في واقعها في القطاع المصرفي الخليجي. تشير ورقة العمل الصادرة الأسبوع الماضي عن صندوق البنك الدولي بعنوان ''الديون المتعثرة في القطاع المصرفي الخليجي وانعكاساتها على الاقتصاد الكلي الخليجي'' إلى أن حجم الديون المتعثرة في القطاع المصرفي الخليجي خلال الفترة من 1995 إلى 2008 تراوح بين 7 و15 في المائة من إجمالي التمويل المالي الممنوح.
أجريت هذه الدراسة على عمليات التمويل المالي الممنوحة خلال الفترة من 1995 إلى 2008 في 80 مصرفا خليجيا. أوضحت الدراسة أن معدل نسبة الديون المتعثرة بلغت أدناها في القطاع المصرفي السعودي عند 7.3 في المائة، فالقطاع المصرفي الإماراتي عند 9.6 في المائة، فالقطاع المصرفي العماني عند 11.3 في المائة، فالقطاع المصرفي القطري عند 11.5 في المائة، فالقطاع المصرفي الكويتي عند 12.5 في المائة، وأخيراً في القطاع المصرفي البحريني عند 14.8 في المائة.
كما زاد هذا المعدل خلال 2009 على المسجل في 2008 ليصل إلى أعلى نسبة زيادة في القطاع المصرفي الكويتي بمقدار 9.7 في المائة، في القطاع المصرفي الإماراتي بمقدار 4.6 في المائة، فالقطاع المصرفي البحريني بمقدار 3.9 في المائة، فالقطاع المصرفي السعودي بمقدار 3.3 في المائة، فالقطاع المصرفي العماني بمقدار 2.8 في المائة، وأخيراً القطاع المصرفي القطري بمقدار 1.7 في المائة.
تأتي معدلات نمو الديون المتعثرة في القطاع المصرفي الخليجي في ظل تطمينات صندوق النقد الدولي المعلنة الأسبوع الماضي في تقريره المنعون بـ ''تقرير الاستقرار المالي العالمي لشهر أكتوبر 2010'' حول مستقبل الديون المتعثرة في القطاع المصرفي الخليجي.
حيث أوضح التقرير أن القطاع المصرفي الخليجي سجل نمواً ملحوظاً في حجم التمويل المالي الممنوح وعكس ذلك في حجم الديون المتعثرة خلال الفترة 2003 ــــ 2008، مدعومة بالنمو الاقتصادي الشامل في الاقتصاد الخليجي. وعلى الرغم من معدلات النمو المسجلة في حجم الديون المتعثرة في القطاع المصرفي الخليجي خلال 2009، إلا أن معدلات كفاية الرساميل في القطاع المصرفي الخليجي ما زالت متينة بوجود مؤشرات ربحية إيجابية، واستدامة في الإنفاق الحكومي، ومعدلات تمويل مالي متعثر منخفضة مقارنةً باقتصادات متقدة أخرى.
تحمل هذه الإصدارات في طياتها معلومات وافية حول حجم الديون المتعثرة القائم في القطاع المصرفي الخليجي. وعلى الرغم من جهود السلطات المالية والنقدية الخليجية في المحافظة على سلامة القطاع المصرفي الخليجي، إلا أنه يصعب بلوغ هدف التخلص النهائي من الديون المتعثرة في القوائم المالية للمصارف الخليجية. يدعونا واقع هذا التحدي إلى إعادة قراءة واقع الديون المتعثرة في القطاع المصرفي الخليجي بهدف تحديد مكامن نشأتها، وأسباب تعثرها، وآليات معالجتها، ووضع الخطوط العريضة لمعالجتها بما يتوافق ومستقبل آفاق الاقتصاد الخليجي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي