إعادة رؤية راديكالية للرأسمالية

إعادة رؤية راديكالية للرأسمالية

أصاب الركود الأخير 2008/2009 الروح الرأسمالية في الصميم وكثير يتساءلون كيف سيتمكن الغرب من الاستمرار بعد انهيار حرية الأسواق. لا يفهم هؤلاء أن الرأسمالية هي مفهوم إنساني متأصل في جميع البشر. فالرأسمالية هي آلية الحضارة الغربية وبمثابة التمثيل الغذائي لها.
إن قيم الصناعة والرأسمالية والتعددية الحزبية والديمقراطية هي ما يجعل البشر سعداء ويفتح أمامهم الطريق للتقدم. تفتقر الرأسمالية حاليا إلى المشاعر التي يعد توافرها هو ما يفرق بين الإنسان والكائنات الأخرى. لذلك على الرأسمالية أن تضع المشاعر الإنسانية الراقية مثل العطف والرحمة في اعتبارها لتتمكن من المساعدة على دفع المجتمعات إلى الأمام وتحقيق الرضا للأفراد.
يجمع مؤلف الكتاب حججا وبراهين يحاول أن يثبت بها أن الرأسمالية عادت بالنفع على البشر وأن التقدم الذي أحرزه البشر في التاريخ المعاصر يرجع الفضل فيه في الأساس إلى الرأسمالية التي ساعدت على تحسين نوعية وطول حياة البشر.
عادة ما يقوم دارسو الاقتصاد بوصف رجال البنوك والأسواق والسياسيين على أنهم إما أبطال الازدهار أو الجناة المتسببين في الركود. والركود الاقتصادي يقود الناس والشركات إلى الوقوف على حافة الانهيار مما يدفعهم إلى الانكفاء على الذات والتوقف عن الإنفاق وإحكام السيطرة على حياتهم الاقتصادية.
في عام 1795، تسبب انهيار اقتصادي في مجاعة شاملة في فرنسا وإنجلترا. وقامت الجموع الجائعة بقيادة الأرستقراطيين الفرنسيين إلى المقصلة. ومن ذلك الحين وحتى يومنا هذا، عمدت حكومات الدول المتقدة إلى مد مظلة التأمين الاجتماعي لتشمل مواطنيها ولتقيهم شر الجوع في الظروف الاقتصادية السيئة إلا أن الأزمة المالية الأخيرة عام 2008، أثبتت أن العاطلين المفلسين يشعرون بالبؤس ذاته الذي شعر به الفلاحون الفرنسيون وهم يتضورون جوعا في أواخر القرن الثامن عشر.
البنوك، والتي تعد من أهم مؤسسات النظام الاقتصادي الرأسمالي غالبا ما تصور على أنها وحوش ضخمة، إلا أنها في الواقع تعتمد على المشاعر البشرية لتضمن بقاء واستمرار أعمالها، وغالبا ما تضمن أسماء البنوك وشعاراتها عبارات توحي بالثقة والضمان.
لذلك فإن ما تحتاج إليه الرأسمالية الجديدة هو شيء واحد عمل أنصارها المتحمسون بهمة على حرمانها منه، ألا وهو: المشاعر. فالسعي البشري يعتمد على العاطفة والبحث عن الهوية والاهتمام. لذلك تعمل الرأسمالية بشكل أفضل عندما تلبي هذه الاحتياجات البشرية.

الأكثر قراءة