ملك الثقاب .. إيفار كريجر عبقري المال الذي بدأ قرنا من الفضائح في «وول ستريت»
من بين ركاب السفينة، نجح رجل الأعمال السويدي إيفار كريجر فائق الذكاء بسنواته الـ 42 في الحصول على إعجاب باقي الركاب بفطنته ولباقته. كان يخطط بعناية لكل محادثة يجريها مع المسافرين الأذكياء ويسعى جاهدا إلى ترك انطباع جيد. فقد كان في حاجة إلى نواياهم الحسنة وإلى إعجابهم وفيما بعد كان أيضا في حاجة إلى أموالهم.
أُنشئت شركة كريجر القابضة التي كانت تدفع 25 في المائة من أرباح استثماراتها في صناعة السينما السويدية والعقارات والخدمات المصرفية وبالطبع النشاط التجاري الرئيس للشركة وهو صناعة الثقاب والتي كانت تنتج ثلثي ثقاب الأمان في العالم. وكانت الخطة الجديدة لكريجر هي: إقراض حكومات الدول نظير حصوله على الحقوق الحصرية لبيع الثقاب في هذه الدول.
في ذلك الوقت كانت شركة لي هيج واحدة من بنوك الاستثمار الرائدة في نيويورك. تمكن كريجر من إقناع أصحابها بالموافقة على مساعدته في مشروعه الجديد، حيث كانوا منبهرين بكريجر وسلوكياته المثالية وسمعته التي لا تشوبها شائبة، ووجدوا أنها فرصة لتخطي منافسهم الرئيس جي بي مورجان.
أقام هذا التحالف شركة الثقاب العالمية في ولاية ديلاوير التي كانت تتمتع بإعفاءات وامتيازات ضريبية. كان حملة الأسهم في هذه الشركة الجديدة هم الشركة السويدية للثقاب وعدد من البنوك السويدية.
أرسل كريجر أخاه تورستن ليكون مبعوثه في اقتراح الاحتكارات إلى حكومات أمريكيا اللاتينية وأوروبا بدءا ببولندا. وهكذا كان مخططه يسير على ما يرام، فيما عدا مشكلة واحدة فقط هي إخراج أمواله من الولايات المتحدة.
أنشأ كريجر شبكة معقدة من الشركات التابعة والشركات الوهمية، كما نجح في خداع كل مدققي الحسابات فلم يكتشفوا عمليات الاحتيال التي كان يقوم بها. وذهب كريجر إلى أبعد مما يجب في الخداع والاحتيال لأنه كان يحاول تحقيق الأرباح التي وعد المستثمرين بها.
كان كريجر أستاذا في علم نفس المستهلك وهو من ابتكر أدوات وتقنيات مالية لا تزال البنوك وصناديق التحوط تستخدمها إلى يومنا هذا. كما كان أستاذا أيضا في النصب والاحتيال.
لم يظهر هذا إلا بعد انتحاره عام 1932، وأدى إلى إفلاس الملايين من الناس، كما أدى إلى صدور قوانين تنظيم الأوراق المالية في عام 1933 و1934 في محاولة حكومية لمنع تكرار هذه الكارثة التي تسبب فيها رجل واحد.