دعهم غافلين يا ((بلطان))..!!
عاتب خالد البلطان رئيس الشباب وأحد صناع الليث الحديث الإعلام الرياضي، مستغربا شبه "التجاهل" الذي يطول ناديه وهو يخوض المعترك الآسيوي مع شقيقه الهلال واللذين غدوا على بعد خطوة واحدة من ملامسة الذهب، ويضيف البلطان بألم "للأسف لم يتم دعمنا.. ووضعنا في الصف الأخير"، واصفا حصول أحد الفريقين الشقيقين على الكأس القارية بـ "الحلم السعودي"، وهو لا يعلم أن هذا الحلم لو حصل سيتحول إلى "كابوس" لدى بعض السعوديين.
معه كل الحق في كل كلمة عتاب، يحق للبلطان أن يتألم وهو يقول "انظروا للكوريين.. هناك دعم شعبي وإعلامي كبيران تجاه ممثلهم الوحيد"، لكن بودي أن أسأل البلطان هل ترغب أن تلقى الدعم ذاته الذي يلقاه الهلال؟ أجزم أن رئيس الشباب لو وضع نفسه في "مفاضلة" مع الممثل الآخر للكرة السعودية، لقال أهلا بـ "التجاهل" ومرحبا بـ "الصف الأخير".
لقد تفرغ القوم يا رئيس الشباب لحملات التشكيك ضد شقيقك، وسخرت أعمدة الصحف للهجوم عليه وكأنه فريق معادٍ لم يوجد هنا إلا من أجل اغتصاب أو سلب "منجز" وطني، لا فريق سعوديا لا ذنب له إلا أنه يبحث للوطن عن بطولة تسجل باسمه أولا وأخيرا. فهل تريد مثل هذا الدعم؟.. لا أظن أنك ترغب فيه.
هل تريد أن تلقى دعما شبيها بدعم أحدهم للهلال عندما نذر بنحر "الإبل" ابتهالا لله سبحانه وتعالى لو عاد من إيران يجرّ أذيال الخيبة وخرج من الاستحقاق الآسيوي خاسرا بائسا حزينا، في مشهد لا يمكن وصفه إلا بـ "البشع" ويدل على سواد "قلب" لا نظير له. أجزم أنك ستقول "لا والله.. فكُّوني من دعمكم.. ويا زين التجاهل وما أحلاه".
هل ترغب في دعم شبيه بدعم شقيقك الهلال، وأن تفتح المتصفحات في مواقع بعض الأندية الرسمية، التي تشرف عليها إدارتها مباشرة، وأن تسخر للدعاء والتضرع للباري بأن يزلزل الأرض من تحت أقدام الهلاليين وأن يلحق بهم الخسارة تلو الخسارة وألا يجنوا من المشاركة الوطنية في المحفل الآسيوي إلا "الحسرة"، أشك أنك ستعاتب يوما، وستقول "يا رب اجعلني وفريقي في آخر اهتمامتهم، ولا توعِهم علينا يوما".
إن كنت تسأل عن الدعم، فقد شاهدته بأم عينك في "درة الملاعب"، رؤساء وممثلو الأندية قدِموا إليك من كل حدب وصوب، داعين وهاتفين غير مكترثين بإعياء السفر والترحال، حثوا الخطى صوب العاصمة الرياض ولا هم لهم إلا دعمك والوقوف إلى جانبك علّ الرياضة السعودية تقطف ثمار آسيا، ويتذوقونها من يدك أو من يد شقيقك "الهلال".
إن كنت تسأل عن الدعم فقد كان حاضرا في مطار الملك خالد عندما حثّ الأمير عبد الرحمن بن مساعد رئيس الهلال جماهير ناديه بمساندة ناديك في مهمته الآسيوية، لم يبخل وهو يغادر العاصمة محملا بهموم الصدمة والوجع والألم، لم ينسَ شقيقه على الرغم من طعون الغدر والخذلان والخيبة التي تلقاها من أيدي من يفترض أنهم إخوته، ولم تخيب الظن جماهير ناديه، بل كانت حاضرة وبكثافة.
إن كنت تبحث عن الدعم، فقد وجدته من سلطة البلد الرياضية، التي لم تبخل على فريقك ولا على الممثل الآخر، دعموا بسخاء وبلا حدود، ولا غاية لديهم إلا رفعة الرياضة السعودية والبحث عن منجز للوطن أيا كان مانحه.
ابتسم يا رجل، ولا تعاتب ولا تبحث عن دعم آخر؛ فالوطنية لم تكن في يوم كلاما يقال، بل أفعال تُرى بالعين لا تسمع بالإذن، ومشاعر تنبض، ودماء تتحرك، ولن تحتاج إلى من يُشعرها بواجبها ويحفزها، ولا تعاتب من لم يتحرك ويدعم؛ لأنه لو نهض فلن تجد إلا التشكيك والهجوم والحقد والكراهية لا سواها.
دعهم منشغلين عنك، واكتفِ بما هو موجود، واشكر من حفك بالحب والدعم، ولا تطلب المزيد؛ فالمزيد غير مأمون الجانب، فلم يبقَ إلا المشككون والكارهون والحاقدون، فلا تصحِهم على فريقك ودعهم غافلين منشغلين بالممثل الآخر.
وأخيرا.. خطا الشباب خطوة نحو الأمام، لا شك أنها مقلقة وكاد يتعثر وهو يخطوها، لكنها تبقى جيدة لا شك، فالفريق سيغادر إلى كوريا وبيده فرصتان الفوز أو التعادل وفرصة ثالثة ضئيلة وهي الخسارة بفارق هدف، بشرط أن تفوق النتيجة نتيجة المباراة الأولى، لكني على يقين أن الليث سيكون متماسكا في كوريا بعودة العملاق البرازيلي ((تفاريس))، وسيخطف بطاقة النهائي الأولى.
لظروف الطباعة.. كتبت المقال صبيحة لقاء الهلال وذوب آهن الإيراني، ولا أعلم ماذا فعل ممثل الوطن الآخر في الموقعة المهمة. أتمنى من كل قلبي أن يكون الزعيم قد عاد بالمنشود من هناك، وألا تقف ظروف الإصابات وانضمام الروماني رادوي لمنتخب بلاده حجر عثرة أمامه.
صحافي من أسرة «الاقتصادية»