بتبني مفهوم الجودة في تنفيذ الخطة القادمة.. ستكون «السعودية غير»
لقد أصدر مجلس الوزراء الموقر المنعقد في 27/9/2010م قرارا يقضي بإنشاء جمعية أهلية باسم ''الجمعية السعودية للجودة''. لنشر ثقافة الجودة ومفاهيمها والحث على تطبيقها في القطاعين لتحسين المنتجات والمخرجات واعتبارها مركزا للخبرة في المجال. هذا القرار كخطوة إيجابية جبارة جاء ليوضح أن قناعة ولاة الأمر ـــ يحفظهم الله ـــ بما تم إنجازه تسعى للكمال (والكمال لله وحده سبحانه). وما بلوغنا هذه المرحلة في السعي لجودة الأداء والإنتاج إلا سعي لبلوغ القمة والبقاء فيها لأننا كمسلمين ـــ بإذنه تعالى ـــ خير أمة أخرجت للناس. هذا الأمر سيضع الأجهزة الحكومية والخاصة أمام مسؤولياتها في البدء بتطبيق معايير الأداء والإنتاج وستكون التنافسية على أشدها بين من يريد أن يتميز ويكسب مساحة جديدة في السوق. من ناحية أخرى، ها هو القرار يتزامن مع استعداد دول العالم بإقامة اليوم العالمي أو الدولي للمعايير في 14/10/2010م. أي أن هذا العام سيكون لنا مهما من حيث استقاء آخر ما استجد في معظم دول العالم في هذا الخصوص وما أقر من قبل المنظمات والهيئات الدولية ليكون أفضل المعايير في جميع المجالات المختلفة من مدنية وعسكرية. وسيكون احتفالنا القادم به سواء كان هذا العام أم العام القادم مصدر اعتزاز وفخر لما نحققه على كل المستويات وفي كل المجالات.
إن الاحتفال بيوم مثل هذا يعد مناسبة مثل هذه بدئ الاحتفال بها على مستوى العالم عام 1946م عندما نشأت الفكرة وأسست منظمة المعايير الدولية بعد ذلك بعام وبدأت في إصدار أول مجموعة معايير في عام 1970م. ولقد تواترت دول العالم ليس فقط للاحتفال به سنويا بل لطرح كل جديد في معايير الصناعة ومعيارية أداء الأعمال والإجراءات وتبادل الأفكار للوصول للمثالية أو النموذجية. في هذا السياق أذكر أن في عام 2003م احتفلت إثيوبيا بهذه المناسبة للمرة 34، وقد كان لهم في إفريقيا حضور لا بأس به آنذاك. إضافة إلى ذلك فقد خصصوا موقعا إلكترونيا شمل معلومات غزيرة عكست اهتماما بالغا بهذا الموضوع الحيوي المهم على المستويين المحلي والدولي. وهذا يدل على أن من يتبنى هذا الفكر المعاصر يبقى ذكره في الأذهان إلى وقت طويل لما حققه واستمر يحققه كنموذج للأداء المنظم والمثالي والراقي. لا شك أن كثيرا من الشركات في المملكة العربية السعودية تمكنت من تبني هذا التوجه بعد التأسيس وقد تكون في المتأخرة منها ما تبنته مع التأسيس. إلا أن مسألة نشر مفهوم الجودة بعد هذا القرار، ستكشف كثيرا من الغموض والفروقات بين بعض المفاهيم لدى العامة والمتعلمين أيضا. هذه الجمعية وبالتعاون مع الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة والجهات الخيرية والتعاونية التي تتبنى تكريم مجودي أعمالهم، ستقطع مسافات طويلة محفوفة بالمعوقات وهي مجبرة على اتخاذ بعض المنعطفات. ولكن بوجود ذوي الخبرة في المجال والدعم المستمر لها والاهتمام بوضع استراتيجية واضحة سيغير كثيرا من المفاهيم للأفضل. وسيكون الإعلام الداعم الحقيقي إذا ما سخرت كل الوسائل لدفع هذا التوجه في الطريق الصحيح خلال عام على الأكثر ـــ بإذن الله. في الوقت الحالي أتمنى من كل مصلحة حكومية أو شركة أو مؤسسة خاصة في طريقها لتطبيق معايير الأداء والإنتاج وتبني مفهوم الجودة أن تتيقن من أن ما تنفقه اليوم سيعود عليها أضعافا مضاعفة إذا ما كسبت ثقة العميل أو الزبون وأسعدت الشريك والمساهم وجعلت المنسوب لا يرضى بغير بيئة العمل هذه بدلاً. لذلك فكلما صبرت ويسرت وقننت لقيت التقدير والحفاوة من الجميع حتى المنافسين واستدامت مكاسبها أكثر. ولأن الموارد البشرية أهم ركائز النجاح فاستقطاب الأكثر استيعابا والأفضل تجاوبا والأقدر على التعامل مع المستجدات والمتقبل للتطوير المستمر مع تطبيق نظام موارد بشرية متكامل يعني رسم مستقبل الصفقات وتنويع الاستثمارات وترسيخ أفضل الأخلاقيات في العمل.
قد نكون في بداية الاهتمام والإعداد للاحتفال بمثل هذا الحدث. ولكن لو أقيم مؤتمر محلي أو عقدت ندوة في كل منطقة إدارية في المملكة أو تم تخصيص قناة لهذا التوجه أو خصصت كراسي جامعية لتخريج متخصصين في المجال من حملة الماجستير مبدئيا فإن كثيرا من المعوقات والعراقيل ستذوب ومن داخل كل منشأة أو مؤسسة. من ناحية أخرى، يمكن أن يؤخذ موسم الحج مثلا حيث مررنا بعقود طويلة تطور فيها الأداء ووصل إلى مستوى نحاول فيه الآن تشغيل ما تمت دراسته على مدى سنين طويلة ألا وهو قطار المشاعر. إن أهمية هذا اليوم تكمن في جلب أنظار العامة والمسؤولين ورجال الأعمال لما يتوقع له أن ينقل المجتمع من مستوى فكري إلى آخر متقدم جدا. ثم من بعد ذلك إتقان ما نقوم به ونؤديه، حيث في ذلك عودة إلى تعاليم ديننا الحنيف وأمر الله سبحانه في الأرض. وأخيرا الأخذ في الحسبان أن البقاء للأصلح والسؤدد للأنفع والاستدامة للأنجح، وستثبت الأيام لنا ذلك. والله المستعان.