رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


وقفات مع تقرير مؤسسة النقد الـ 46

تسلم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود ـــ حفظه الله ـــ مطلع الأسبوع الحالي التقرير السنوي السادس والأربعين لمؤسسة النقد العربي السعودي، الذي يستعرض أحدث التطورات الاقتصادية في المملكة للعام المالي 1430 / 1431هـ (2009) والربع الأول من العام الحالي.
يحمل التقرير في طياته عديدا من التطورات الاقتصادية في مسيرة الاقتصاد السعودي خلال الفترة الزمنية الماضية. مجموعة من التطورات من الأهمية بمكان قراءتها والوقوف عليها من منظور مدى سير الاقتصاد السعودي على خريطة الطريق المرسومة لبلوغ رؤية الاقتصاد السعودي في 2025.
رؤية اقتصادية طموحة أطلقت قبل سبعة أعوام تنص على الآتي: ''سيكون الاقتصاد السعودي ـــ إن شاء الله ـــ بحلول عام 1444 / 1445هـ (2024)، اقتصادا متطورا منتعشا ومزدهرا، قائما على قواعد مستدامة، موفرا فرص عمل مجزية لجميع المواطنين القادرين على العمل، متسما بنظام تعليم وتدريب عالي الجودة والكفاءة، وعناية صحية متميزة متاحة للجميع، إضافة إلى جميع الخدمات الأخرى اللازمة لتوفير الرفاهية لجميع المواطنين، وحماية القيم الاجتماعية والدينية والحفاظ على التراث''.
تمثل هذه العبارة رؤية استراتيجية واضحة ومعلنة وبعيدة المدى عن الرسالة التي يطمح الاقتصاد السعودي إلى تحقيقها على المدى البعيد. قسمت رحلة تحقيق هذه الرؤية إلى أربع مراحل زمنية. المرحلة الأولى عبر الخطة الخمسية التنموية الثامنة (2005 ـــ 2009)، المرحلة الثانية عبر الخطة الخمسية التنموية التاسعة (2010 ـــ 2014)، المرحلة الثالثة عبر الخطة الخمسية التنموية العاشرة (2015 ـــ 2019)، والمرحلة الرابعة عبر الخطة الخمسية التنموية الحادية عشرة (2020 ـــ 2024).
تكمن هنا أهمية تقرير مؤسسة النقد العربي السعودي السنوي في تقديمه واقع مسيرة الاقتصاد السعودي نحو بلوغ رؤيته في 2025، ما من شأنه، أولا، تمكيننا من النظر إلى واقع الاقتصاد السعودي ومقارنته بالمخطط له، وثانيا، من التعرف على أهم تحديات هذه المسيرة المباركة وآفاقها.
يستعرض تقرير مؤسسة النقد العربي السعودي السادس والأربعين أهم التطورات التي شهدها الاقتصاد السعودي خلال فترتين زمنيتين. الفترة الأولى العام المالي 1430 ـــ 1431 هـ (2009)، والفترة الثانية الربع الأول من العام المالي 1341 ـــ 1432هـ (2010).
وعلى الرغم من أن التقرير في مجملة تقرير شمولي واحد، إلا أنه يحتوي في واقعه على خمسة تقارير منفصلة، حيث يحتوي التقرير الأول على نبذة مختصرة عن آخر التطورات الاقتصادية والمالية العالمية ذات العلاقة بتطورات الاقتصاد السعودي.
ويحتوي التقرير الثاني على شرح وافٍ عن تطورات مختلف مجالات الاقتصاد السعودي، من أهمها التطورات النقدية والمصرفية، والسوق المالية، والأسعار، والمالية العامة للدولة، والقطاعات الإنتاجية. ومن أهم هذه القطاعات الإنتاجية قطاعات النفط، والصناعة، الكهرباء، الزراعة، المياه، النقل، والاتصالات.
يحتوي التقرير، إضافة إلى تطورات الاقتصاد العالمي والسعودي، على تقرير ثالث عبارة عن تقرير أداء مؤسسة النقد العربي السعودي أدوارها المنوطة بها في إدارة السياسة النقدية، والرقابة والإشراف على المصارف التجارية ونشاط التأمين.
ويحتوي التقرير الرابع على تقرير مراقبي الحسابات الختامية لمؤسسة النقد العربي السعودي للعام المالي المنتهي في 30 حزيران (يونيو) 2009. ويحتوي التقرير الخامس والأخير على قائمة المركز المالي لمؤسسة النقد العربي السعودي للعام المالي المنتهي في 30 حزيران (يونيو) 2010.
أوضح تقرير مؤسسة النقد العربي السعودي مجموعة من التحديات والآفاق في مجال الاقتصاد الكلي. أوضح التقرير أن الاقتصاد السعودي حقق بشكل عام مؤشرات صحية جيدة، على الرغم من التراجع الطفيف في معدل نموه بعد ستة أعوام متوالية من النمو.
حيث تراجع إجمالي الناتج المحلي بنسبة 0.6 في المائة عما حققه في 2008 و2007 البالغة 4.2 في المائة و3.4 في المائة، على التوالي. كما سجل ميزان المدفوعات العام من الناتج المحلي الإجمالي فائضا للعام الـ 11 على التوالي بلغ نحو 85.4 مليار ريال.
وعلى الرغم من هذه المؤشرات الصحية الجيدة، إلا أن التقرير لم يخل من مجموعة من التحديات في مؤشرات الاقتصاد الكلي. من أهم هذه التحديات زيادة نسبة الدين العام إلى إجمالي الناتج المحلي، على الرغم من انخفاضه في عام 2009 عن ذلك المسجل في 2008.
حيث زادت نسبة الدَّين العام إلى إجمالي الناتج المحلي لتصل إلى 16 في المائة بعد أن كانت تشكل 13.3 في المائة في 2008، زادت كذلك معدلات التضخم والبطالة عن تلك المسجلة في 2008 لتصل إلى 5.1 في المائة، و9.6 في المائة، على التوالي.
ذكر التقرير كذلك مجموعة من الآفاق والتحديات في مؤشرات الاقتصاد الجزئي، حيث استمر القطاعان الخاص والحكومي في النمو بنسبة 5.1 في المائة و7.7 في المائة، على التوالي، عن تلك المستويات المسجلة في 2008 و2007.
تزامنت هذه التطورات مع تراجع طفيف في نمو القطاع غير النفطي. حيث سجل القطاع غير النفطي نسبة نمو تقارب 3.8 في المائة، مقارنة بنسبة النمو المسجلة في 2008 البالغة 4.4 في المائة، كما سجلت الصادرات غير النفطية نسبة نمو قاربت 15 في المائة، مقارنة بتلك المسجلة في 2008 و2007 البالغة 23 في المائة و7 في المائة، على التوالي.
وعلى الرغم من جميع هذه المؤشرات الصحية الجيدة في الاقتصاد الجزئي، إلا أن التقرير أشار بوضوح إلى أحد التحديات التي تواجه الاقتصاد السعودي, المتمثل في نمو متوسط الاستهلاك المحلي من النفط بنحو 5.9 في المائة خلال الأعوام الخمسة الماضية. تعد هذه النسبة عالية مقارنة بنمو السكان وحجم الناتج المحلي، ما يدعو إلى بحث أسباب الزيادة في الاستهلاك المحلي من النفط والغاز والعمل على ترشيده.
تقودنا ما حمله تقرير مؤسسة النقد العربي السعودي من تطورات حول مسيرة الاقتصاد السعودي نحو بلوغ رؤيته في 2025 إلى النظر إلى الغد بعين التفاؤل مع مراجعة الأولويات، ما من شأنه تطابق خطوات السير مع تلك المرسومة من قبل. مراجعة جسَّدها خادم الحرمين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود ـــ حفظه الله ـــ بعد تسلمه للتقرير بقوله: ''إن شاء الله الأيام القادمة أيام خير وبركة لوطنكم وشعبكم ـــ ولله الحمد ـــ بالاستقرار والهدوء والسكينة، ومع هذا كله لسنا قانعين بالذي عملناه إلى الآن ـــ وإن شاء الله ـــ الأيام المقبلة تبشر بخير''.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي