لماذا لم يعمم استخدام الإضاءة بتقنية الـ LED؟ (2)

بالحديث عن التحرك الشمولي لتحقيق تقدم ملموس يمكن أن نبدأ بالسؤال: هل لدى الجهات القيادية في القطاع مثل وزارة المياه والكهرباء، وهيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج، وشركات الكهرباء، ووزارة التجارة، وهيئة المواصفات والمقاييس، وباقي الجهات ذات الاختصاص خطة محكمة جمعتهم للبدء بنشر المفهوم، ثم التدرج في الاستخدام ومن ثم إقرار المنع على المستوى العام؟ لا يستبعد اشتغال هيئات ولجان بهذا الموضوع في صمت أو هدوء لإخراج الموضوع بشكل متأنٍ. ولكن بقراءة الخطة التي نشرتها هيئة تنظيم الكهرباء في موقعها الإلكتروني، وبمتابعة مشاريع وزارة المياه والكهرباء المتعلقة بالطاقة الكهربائية، وبعد سؤال بعض المختصين في الهندسة الكهربائية ومن أصحاب الفكر المستنير، لم أجد سوى التركيز على زيادة محطات توليد الطاقة لمواجهة التوسع العمراني والسكاني الكبيرين الذي تشهده المناطق بشكل عام. عدا ذلك لا توجد بشكل دائم ومكثف برامج لنشر المفاهيم المختلفة عن الطاقة واستهلاكها لتعود على المواطن بالفائدة من حيث تقدير الجهود المبذولة لخدمته والشعور بالمسؤولية حيال كيفية الاستخدام والتحكم في حجم الاستهلاك والصرف ومعادلة الربط بين العائد والإنفاق. من ناحية أخرى لا أرى الجهات الرقابية وجمعية حماية المستهلك والإدارات المماثلة في المهمة تعلن أو تسهم في تدريب وتوظيف الشباب والشابات من الخريجين في التخصصات المختلفة ليكونوا ميدانيين (وما أكثر ما نحتاج إليهم الآن) ليقوموا بمهام الكشف والفحص والرفع بالتقارير وتوجيه البلاغات وتنفيذ القرارات ... إلخ!.
إن الأبحاث منذ أكثر من 30 عاما تؤكد أن مقدار الوفر في استخدام الطاقة باستخدام تقنية الـ LED تصل إلى 80 في المائة من الاستخدام التقليدي. لقد تم تمثيل الاستهلاك بمسألة بسيطة، حيث ذكر أن إصدار طاقة ضوئية توازي 100 شمعة من هذه المصابيح تعادل في حرارتها المنبعثة منها ما لا يزيد على 0.1 منها (أي عُشْر الحرارة المنبعثة من مثيلتها الوهاجة) ناهيك عن انبعاث غاز الكربون من مصابيح الفلوروسنت وغيرها. هذا يعني أن فاتورة استهلاك الكهرباء للمرافق الحكومية مثلا ستنخفض للنصف وأكثر ويمكن قياس ذلك على جميع فئات المستهلكين حتى السكان، مما يجعلنا نشهد صيفا خاليا من انقطاع الكهرباء بسبب الأحمال مثلاً. لقد أُثبت هذا في فئات الدول المختلفة التي: (1) صنفت نامية ومتقدمة وبين ذلك، (2) اختلف تعداد السكان فيها بين مواز لحجم السكان بالمملكة العربية السعودية وأكثر أو أقل، (3) تنوعت مواردها حسبما هي في المملكة إلى حد كبير.
من ناحية شركات التشغيل والصيانة، فستنعدم مسألة تردي أداء المشاريع سواء بالتعطيل أو التأخير أو سوء الأداء، حيث باستخدام هذه التقنية ستتوجه كثير من هذه الشركات لاستثمارات وأنشطة أخرى أفضل وستتركز أعمال القادرين على البقاء في المجال حول تقنين أدائهم وتجويده ويكون بذلك تكريس للتخصصية في تقديم الخدمات في هذا المجال. أما من ناحية ''الصداقة مع البيئة'' فبدلا من اتخاذ المبدأ مشروعا نتغنى به ونقيم المؤتمرات من أجله دون أن يكون هناك أي تأثير إيجابي وتحرك فعال محليا أو دوليا، فسنكون جديين ونثبت للعالم أن حماية البيئة وتطوير أنماط الحياة هو ديدن ''ابن الصحراء'' الذي ما انزوى يوما وراء جدار ولم يتهاون في كسب علم ولم يرض بالتخلف في حياته، والدليل مسايرته لمستجدات الحياة والعلم وربطها بعضها ببعض.
من هذه المنطلقات يمكن اقتراح التالي: (1) تضع الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس تركيزها في الفترة القادمة على إصدار المعايير اللازمة في استخدام المصابيح المشغلة بهذه التقنية محليا وتصدر اللوائح الخاصة بالرقابة الجمركية والتجارية لتتحمل كل جهة سواء في المنافذ أو في الأسواق المحلية مسؤولية خروجها عن النص ولتكن المسؤولية كاملة ومقننة. في الوقت ذاته تسهم في صنع القرار القاضي بمنع استيراد المصابيح الأخرى وبشكل تدريجي على ألا يطول عن فترة عامين. (2) تنشر وزارة المياه والكهرباء تعميما يعلن في الصحف على هيئة برنامج توعوي تثقيفي للعامة عن هذه التقنية وفوائد استخدامها. (3) تقوم وزارة الشؤون البلدية والقروية بالتعاون مع وزارة التجارة بتنظيم حملات الرقابة والفحص في السوق خلال وبعد تعميم استخدام هذه المصابيح ولتكن الرقابة باستخدام الأدوات والأجهزة الحديثة في الكشف والفحص. (4) تقوم الغرف التجارية بعمل الدراسات حول تحول الاستثمارات لشركات الصيانة وإعادة تقويم أعمالها، ويمكن في هذه الدراسات الاستعانة بالجامعات الحكومية أو الأهلية، حيث المراكز البحثية المتميزة والقدرة على وضع النقلة النوعية في هيئة مشروع أو برنامج وطني. (5) قد ترى وزارة التخطيط والاقتصاد الوطني القيام بالمواءمات اللازمة في تطبيق الخطة التاسعة حتى لا يختلف أو ينحرف التوجه حتى ولو كان عموميا. (6) يستصدر أمر رفيع المستوى يقضي بالتزام تحول الإدارات الحكومية والمدن الصناعية أو الاقتصادية إلى استخدام هذه التقنية في منشآتها حتى تكون قدوة لغيرها وليتم تنفيذ المشروع بتوازن واتساق مع باقي الجهات والمنشآت الأخرى. (7) تكثيف الدراسات حول كيفية التعامل مع عيوب هذه التقنية (حيث لا يخلو أي توجه من وجود عيوب فيه) ولو بالتعاون مع جهات دولية حتى نتمكن من صنع الفرق بين من يتوجه نحو إجراء ومن يقوم مع ذلك بالإبداع. (8) يمكن للمقاولين أو شركات الصيانة في قطاع الكهرباء أن تتحول أنشطتهم لمسايرة تطور استخدامات أنواع الطاقة فينعكس ذلك على نوعية القوى العاملة ومستوى الإنتاج والإنتاجية ومن ثم الدخل أيضا. والله المستعان.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي