رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


مضغ الجثث البشرية

ينأى الأسوياء عن الخوض في شؤون الموتى، حتى لو كان هذا الميت يعيش خصومة مع أحدهم، بل إن نبلاء يجدون في رحيل المتوفى فرصة للتخفيف عنه والتنازل عن أي متطلبات مالية لهم في عنقه.
هذا السلوك السوي، ينظر له كل إنسان بنوع من الإكبار والتقدير، ويعتبره جزءا من الواجب. وحتى إن كانت النفوس تكظم في دواخلها خلفيات وتداعيات لشحناء وخصومة، فإنها عندما يتم إدراج الميت تحت التراب تتلاشى، لأنه ليس من الإنسانية ولا من كرم النفس وسموها أن تحتفظ بضغينة على ميت.
هذا هو مجمل حال الأسوياء. وأي سلوك يجافي هذه الطريقة، يعكس مرضا وسوء طوية يحتاجان إلى العلاج. وهذا الموقف يصبغ الطبع الإنساني بشكل شامل، لا يمكن من خلاله التفريق بين دين ودين، أو طائفة وأخرى. فالعاطفة الإنسانية السوية تنظر إلى الإنسان وكرامته باعتبارها من الثوابت التي يمثل أي تجديف بشأنها، نوعا من الاستقواء أو الاستعراض الذي لا يلقى إلا الإدانة والاستهجان من كل العقلاء.
حدث ذلك مع القس الذي حاول إحراق القرآن، ووجدنا اصطفافا متكاملا من المسلمين وغير المسلمين تجاه هذه الممارسة الخرقاء، وقبل ذلك حصل ذات الأمر مع الكاتب البريطاني سلمان رشدي بعد إصداره آيات شيطانية، الذي تضمن تطاولا على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها. وقتها أيضا وقف المسلمون سنة وشيعة ضد هذا التطاول، بل إن فتوى إيرانية أهدرت دم الرجل. والأمر نفسه ينسحب على ياسر الحبيب الذي لقي الإدانة من كل المسلمين بمختلف طوائفهم، عندما أوغل في المساس بأم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها.
كل من يحاول أن يتسلق على جثث الموتى، ويكيل لهم الشتم والقدح، هو إنسان ضعيف هش مهزوز نفسيا، يحاول أن يستقوي بمصادمة عواطف الناس، بزعم أنه يمارس نوعا من الحرية. ولا شك أن صمام الأمان لمواجهة مثل هذا الغلو، هو في كشف هؤلاء المهووسين وتعريتهم، حتى يتم تفكيك خيوط الفتن التي يراهن عليها المتربصون للإخلال بحالة السلام التي تسود بين الناس. وهذا ما شهدناه من حكماء المنطقة، حيث إن إدانة هرطقات الحبيب جاءت من كل العقلاء بصرف النظر عن انتماءاتهم، وبالتالي تم نزع فتيل الفتنة التي يريد الأشرار إشعالها لأهداف لا تصب في مصلحة مجتمعات الخليج العربي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي