الصيرفة الإسلامية تنمو لكنها تواجه تحديات التنويع والتنظيم

الصيرفة الإسلامية تنمو لكنها تواجه تحديات التنويع والتنظيم

الكويت ـ الفرنسية: قال محللون إن الصيرفة الإسلامية التي تمنع احتساب الفوائد، سيتضاعف حجمها في غضون خمس سنوات إلا أن القطاع الذي تقدر قيمته بتريليون دولار عليه أن يعزز تنظيمه وينوع منتجاته للوصول إلى أقصى إمكانياته.
ورأى المحللون إن تنويع المنتجات يلعب دورا مهما في خفض مخاطر الانكشاف وفي إعطاء الصيرفة الإسلامية فرصة لتحقيق قفزات نوعية.
وإضافة إلى الربا تحظر الصيرفة الإسلامية القائمة على مبادئ الشريعة الإسلامية، الاستثمار في أي نشاطات على علاقة بصناعة الجنس والقمار والكحول ومنتجات الخنزير. ولعل أبرز منتجات هذه الصيرفة تبقى المرابحة، وهي تستخدم لتمويل مشتريات الأشخاص من سيارات وعقارات وغيرها، فيما تستخدم الصكوك لجمع المال في استثمارات على مستوى كبير.
وبموجب مبدأ المشاركة المعتمد في الصيرفة الإسلامية، يتفق المشتري مع الممول على نسبة من الربح على الأصل الممول. لكن الاتفاق يشمل أيضا تقاسم الخسائر في حال تسجيل الخسائر. والمبدأ الأوسع للصيرفة الإسلامية هو تقاسم الأرباح والمخاطر على حد سواء، بين العميل والمصرف الممول.
ورغم تعدد المنتجات في مجال الصيرفة الإسلامية، رأى أمريت مكاملا مدير الأصول في شركة الكويت والشرق الأوسط للاستثمارات المالية أن عدد هذه المنتجات ما زال محدودا. وقال إن "المنتجات الإسلامية المتوافرة للمستثمرين محدودة جدا مقارنة بالطلب المرتفع" مشيرا إلى ضرورة أن تتطلع الصيرفة الإسلامية إلى مجال المشتقات المالية بشكل جدي.
من جانبه، رأى الخبير الاقتصادي الكويتي الحجاج بو خضور أن المشكلة ليست في تنوع المنتجات. وعد أن زيادة حجم الصيرفة الإسلامية يعوقها نقص في الأطر التنظيمية فضلا عن خلل في الإدارة.
وقال بو خضور لوكالة فرانس برس إن "التمويل الإسلامي يملك حاليا نحو 30 نوعا مختلفا من المنتجات والأدوات ما يمنحه مستوى كبيرا من الليونة لملاقاة تطلعات المستثمرين والاستمرار في النمو بسرعة". إلا أن القطاع يواجه عقبتين بحسب الخبير الكويتي هما "الأطر التنظيمية المختلفة (بين المؤسسات المالية الإسلامية) أولا وعدم مهارة الإدارات في دفع القطاع إلى أقصى قدراته ثانيا".
وتضاعفت قيمة أصول المؤسسات المالية الإسلامية خمس مرات تقريبا منذ 2003 وحتى العام الماضي حين بلغت تريليون دولار. إلا أن وكالة موديز قدرت الحجم الأقصى الذي يمكن أن تحققه الصيرفة الإسلامية بخمسة تريليونات دولار.
ونما هذا القطاع بمعدل 20 في المائة سنويا تقريبا، إلا أنه ما زال لا يمثل إلا 5 في المائة من حجم القطاع المصرفي في العالم. وفي أيار (مايو) الماضي، توقع مشاركون في مؤتمر حول التحديات التي تواجه القطاع أن يتضاعف حجم الصيرفة الإسلامية في خمس سنوات، رغم أن وصولها إلى ما هي عليه الآن استغرق 40 عاما.
ونمت أعداد المؤسسات والمصارف الإسلامية بشكل كبير منذ منتصف السبعينيات وهناك المئات منها حاليا في 50 دولة عبر العالم. وقال صندوق النقد الدولي الشهر الماضي أن هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001 والارتفاع الكبير في أسعار النفط في السنوات الأخيرة، ساهما بقوة بتعزيز مكانة الصيرفة الإسلامية خصوصا أن المستثمرين المسلمين باتوا يفضلون إبقاء أموالهم في أوطانهم.
وفي تقرير أصدرته في نيسان (أبريل) الماضي، حثت وكالة موديز المؤسسات المالية الإسلامية على التجدد والابتكار خصوصا في مجال التحوط إزاء المخاطر.
وقال مكاملا إنه يتعين على "المؤسسات المالية الإسلامية أن تتبع سياسات أكثر هجومية إذ إن هناك مجالات كبيرة للنمو".
ورأى أن هذه المؤسسات "أظهرت حتى الآن أنها أقل نشاطا بكثير من المؤسسات المالية العادية".
وقال تقرير مؤتمر الصيرفة الإسلامية العالمي 2009-2010 الذي نشر بالتعاون مع مؤسسة ماكينزي آند كومباني إنه يتعين على المصارف الإسلامية أن تحدد مسارها المستقبلي عبر استكشاف مجالات جديدة مهمة.
وأضاف التقرير "على هذه المصارف أن تعزز وتنوع أعمالها عبر التوجه إلى نشاطات ذات توجه قوي نحو النمو، مثل التمويل الشخصي وإدارة الأصول ومجالات أخرى في الصيرفة الاستثمارية".
وبحسب التقرير الذي صدر أواخر العام الماضي، فإن أداء المصارف الإسلامية كان أفضل من المصارف العادية في الأزمة المالية العالمية.
لكن القيمة السوقية وربحية المصارف الإسلامية تراجعت منذ العام 2008 مع تسجيل انخفاض كبير في العائدات، بحسب التقرير الذي أشار أيضا إلى أن مصارف إسلامية تأثرت أكثر من باقي المصارف بمشكلة القروض المعدومة.
وذكر التقرير أن المصارف الإسلامية ما زالت تعاني انكشافا أكبر على القطاعات العقارية.
ويعزو بو خضور قسما كبيرا من هذه الانعكاسات السلبية لسوء الإدارة وردة الفعل البطيئة إزاء الأزمة، وقال في هذا السياق إن "المؤسسات المالية الإسلامية تأثرت بالأزمة أقل من المصارف العادية"، إلا أنه أضاف أن "المصارف العادية ردت بسرعة وخرجت في معظمها من الأزمة، بينما كانت ردة فعل الشركات المالية الإسلامية بطيئة، ما أدى إلى تعاظم التأثير السلبي، وبالتالي فإن هناك كثيرا من هذه المؤسسات التي لم تتعاف من الأزمة".
ورغم تسجيل نجاح على مستوى خلق منتجات تناسب المتطلبات الدينية والأخلاقية لبعض العملاء والمؤسسات، يبقى التناغم بين الأطر الناظمة مشكلة، فكل مؤسسة مالية إسلامية تحظى بمجلس شريعة يقدم المشورة في مجال تطبيق الفقه والاجتهاد الإسلاميين، ما أدى إلى تفسيرات تختلف بين المجالس، وتعمل الهيئات الناظمة الكبرى على إرساء أسس شرعية قوية لضمان التناغم بين المؤسسات المالية الإسلامية.
وقال بو خضور إن الصيرفة الإسلامية ستستمر بالتوسع، إلا أن هذا التوسع سيكون خصوصا في الفروع الإسلامية للمصارف الكبرى (غير الإسلامية) وليس في المؤسسات المالية الإسلامية المستقلة.

الأكثر قراءة