مظاهر تشويه مؤسفة للإنفاق الحكومي

لا ينكر إلا جاحد من يرى الإنفاق بسخاء على مشاريع الحرمين الشريفين والعناية بهما وبأدق التفاصيل في كل ما يلزم لروادهما من الحجاج والمعتمرين والزائرين، سواء كان ذلك شيئاً ملموساً من بنايات وأنفاق وبنى أساسية، أو خدمية كالأمن والنظافة والتنظيم الداخلي والخارجي أو غيره. فالشواهد ملموسة ومحسوسة والنية الصادقة العطرة لتطوير هذه البقاع المقدسة ظاهرة جلية، حتى أن المشاريع التطويرية تلك تشكل جزءا مهما في موازنة الدولة وخططها التنموية، وتعلن نفقاتها مع إعلان الموازنة السنوية كواحد من أبواب الصرف العملاقة. ولا تقف ترجمة هذه الأهمية عند مستويات الكفاف، بل إن الكمال على أحدث وأرفع المستويات هو ما تنشده الحكومة في كل مشروع، ولا ترضى دون الكمال قدر الإمكان في تنفيذ كل هذه الإنجازات والرؤى الطموحة جدا. وهذا الاهتمام بلا شك يعكس مدى حرص حكومة خادم الحرمين الشريفين ــ أمد الله في عمره ووفقه ــ في إبراز صورة مشرفة لكل من دخل هذه الديار خصوصا للقاصدين لها من خارج المملكة. إلا أن هذه الإمكانات الهائلة المسخرة يأتي عليها بعض الصور التي تشوه جملة وجمال هذه الجهود المبذولة لتنعكس سلبا على كل ذلك. فمثلا ما حصل في الأسبوع الماضي في مطار الملك عبد العزيز من تكدس للمعتمرين نتيجة عدم التزام شركات الطيران بمواعيد الرحلات غير المجدولة ما سبب في تأخر رحلات الطيران وتسبب في تراكم المعتمرين داخل الصالات. بالطبع هذا منظر غير حضاري أبدا وكذلك ليس اقتصاديا ولا يحدث عادة إلا في المناسبات المفاجئة من كوارث طبيعية أو غيرها. أما في مثل هذه الحالة فالعمرة أو مواسم الحج وغيرها من المواسم الدينية فمعروفة لدينا بوقت كاف، فلماذا تصير مثل هذه الحادثة مفاجأة؟ إذا كانت الدولة تنفق بالمليارات على راحة المعتمرين والحجاج، فمن غير اللائق أن تأتي شركة أو جهة حكومية أيَّا كانت لتشوه صورة نتاج هذا الإنفاق الحكومي والاهتمام الكبير من الحكومة في هذا الشأن! السؤال أين المساءلة؟ ومن المسؤول في مثل هذه القضايا التي اختتم هؤلاء المتراكمون في المطار رحلتهم وانطباعاتهم بصورة سلبية؟ بعد أن خرجوا للتو بمظهر الشاكر الحامد على وجاهة وفخامة وهول ما يسر لهم من مبان عملاقة ورأوا بأم أعينهم الأنفاق والجسور والتسهيلات التي لا حصر لها. إن منظومة الإنفاق الحكومي المبذولة للزائرين للمملكة من حجاج ومعتمرين لا يجب أن يقف عند حدود البنى الملموسة، بل أيضاً عند تلك التشريعات الملزمة لكل الأعمال المتعلقة في هذا المجال من طيران وسكن وخدمات أخرى، لكيلا تفسد هذه الجوانب كمَّا هائلا وغير مسبوق من الاهتمام، والذي يترجم على أرض الواقع فيما شيِّد ويشيد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي