الإيجابيون.. والآخرون
كل عام وأنتم بخير، اسأل الله العلي القدير أن يتقبل منا ومن المسلمين صيامهم وقيامهم، وأن يعيده علينا جميعا مقرونا بنعمة الأمن والرخاء. الإيجابية في الحياة، والمعاملة هل هي مجرد نظريات نتحدث عنها؟، ولماذا لا نمارسها؟، أم أننا نفتقد الوسائل المساعدة لتطبيق الإيجابية في حياتنا. سأتحدث عن هذا الأمر من واقع عديد من القضايا والأحداث التي نعايشها في مجتمعنا العربي الكبير.
الإيجابية أمر محمود، وحث عليه الشرع، وورد الحث عليها في كتاب الله الكريم وسنة نبيه في عدد كبير من المواضع، ومنها قوله تعالي ''وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ'' آل عمران 159، ففي هذا الآية وفي مواضع كثيرة من القرآن نستطيع أن نستشف معاني الإيجابية، وكذا الحال من سنة النبي المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ وسأكتفي بهذا الدليل الرباني الذي يحث نبينا على تقبل الرأي الآخر ومحاورته بعيدا عن التعصب والتشنج، وهذا ما نفتقده كثيرا في مجتمعاتنا الحالية، فما أن نرى أمرا حتى نشبعه نقدا، وتجريحا لا يطول العمل المنتج فقط، بل يتعداه إلي أبعد من ذاك إلي النوايا والشخوص، وهذا الفعل يقتل الإيجابية والدافعية لدى الناس كبيرهم وصغيرهم ويفقدنا المؤيدين والداعمين لأمورنا الإيجابية.
أن تكون إيجابيا فلها تأثير كبير على الناس وعلى كل شيء، حتى الطبيعة تتأثر بنمط الحياة الذي نعيشه. والإيجابية تبدأ من أبسط الأشياء ألا وهو الظن الحسن، مرورا بابتسامتك في وجه أخيك صدقه وانتهاء بأن يكون تأثيرك شاملا في حياة المجتمع الذي تعيش فيه. ولكن السؤال كيف نكون إيجابيين؟ هذه فلسفة كل شخص في إدارة ذاته لتحقيق الإيجابية ليس كما يراها هو وإنما كما يحتاج إليها من يحيط به.
من واقع التجارب التي نعيشها نرى أن ظهور الآخرين، ولن أصفهم بأكثر من ذلك، قد يعتمد على عدد من الأسباب، ومن أهمها الكبت الذي يعيشونه، فيسعون إلي إبداء آرائهم في قضايا عامة أو خاصة لمجرد المخالفة وليس اعتمادا على أي أسباب منطقية. وقد يكون ظهور الآخرين من واقع إيجابية يعيشونها أو يرونها، ولكنهم لا يقيسون الأمور بما يتناسب والأحداث والشخوص، فيساء الظن بهم، وتصبح أعمالهم تخريبية أكثر من أن تكون إيجابية وهادفة.
حتى في نقدنا ومخالفتنا نستطيع أن نكون إيجابيين، من خلال تقديم النصح والإرشاد بتحسين جوانب القصور التي اكتشفناها، ليس فقط تعرية ما نشاهده دون تقديم الأمور المساعدة لتحسينه.
بقي أن نقول: هل من الضروري أن نكون جميعا إيجابيين؟ بالتأكيد لا، فلو كانت الحياة بما فيها كلها إيجابية لسئمنا العيش فيها ولبحثنا عن الآخر في أقاصي الأرض، فهو المحرك لاكتشاف الإيجابية والعيش بسعادة، وهو ملح الحياة كما يقال.
ختاما: أقول للآخرين تقبلوا غيركم بروح طيبة وبنية حسنة، وابقوا على ما أنتم عليه من مخالفة، لكن تعلموا آداب النقد وموضوعيته، وكل عام وأنتم بخير.
يقول الشاعر:
علمتني الحياة:
بأن أثمن الإيجابية.
وأبني علاقتي مع الأغلبية.
وأقتلع من نفسي السلبية.
فهي بلاء من في قلبه سكنت وأضحت في حياته اليومية.