رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


قراءة في المشهد العربي

في صفحة واحدة من صفحات الصحف يقرأ المرء أخباراً عدة عن العدو الصهيوني يصعب عليه متابعة قراءتها، ليس لأنها غير صحيحة، لكن لصعوبتها، وجسامة وقعها على النفس الشريفة ذات الكرامة.
أخبار من مثل إسرائيل تزيل قرية فلسطينية بالكامل، وإسرائيل تطرد أسراً من منازلها في القدس وتحل محلها مجموعة من المستوطنين، وإسرائيل تهدم بيوتاً لفلسطينيين، وحكومة إسرائيل توافق على بناء مستوطنات جديدة وتوسيع مستوطنات قائمة، والأمن الإسرائيلي يقتل مجموعة من الفلسطينيين، ويعتقل آخرين، وإسرائيل تفتح الحرم الإبراهيمي أمام اليهود في الذكرى الـ 16 لمذبحة الحرم، وإسرائيل تودع الشيخ رائد صلاح السجن لدفاعه عن الأقصى، وترديده ''إنا باقون ما بقي الزعتر والزيتون''.
هذه أخبار في المجال السياسي والأمني، لكن في مجالات أخرى نقرأ خبراً يفيد بأن إسرائيل انتهت من بناء القبة الفولاذية، وإسرائيل باعت طائرات بلا طيار لروسيا وتركيا وغيرهما من الدول، وإسرائيل أطلقت قمراً صناعياً للتجسس على الدول العربية وإيران، وإسرائيل حققت مكاسب ضخمة من مبيعات وتجارة السلاح. هذه نماذج من الأخبار التي يقرأها الفرد بشأن العدو الصهيوني, حيث يجد فيها القوة والمنفعة وعلو الهمة وصرف الأموال في مجالات مهمة وأساسية تخدم الكيان الصهيوني وتحميه وتعلي من شأنه ومكانته بين الأمم. أخبار لا شك أنها تثير فينا نحن العرب والمسلمين الغيرة, أو إن شئت الحسد، لكنها بلا شك تثير لدى اليهودي الغبطة والسرور والافتخار, لأنه يرى أمته تشق طريقها نحو المجد، ونحو القوة القادرة على حماية مكتسبات اليهود التي سرقوها من الفلسطينيين بدعم من الغرب والعالم المسيحي بشكل خاص.
على الجانب الآخر عربياً كان أو فلسطينياً, نقرأ أخباراً مثل السلطة الفلسطينية تعتقل نواباً من حماس في الضفة، والسلطة تنتظر بيان الرباعية لتقرر بشأن المفاوضات المباشرة، وعباس يتلقى خطاب تطمينات بشأن المفاوضات، وقيام دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة، عبارة جميلة قابلة للحياة, إذ قد يمضي المرء عشرات السنين حياً لكنه على الأجهزة الطبية، ومجلس الجامعة العربية يدعم المفاوضات المباشرة، أما آخر الأخبار فهو أن الرئيس الفلسطيني سيواصل المفاوضات المباشرة حتى إن كانت احتمالات النجاح 1 في المائة, إنه إبداع لا يفوقه إبداع آخر.
المسرح هو المنطقة العربية والأرض العربية، وبالتحديد أرض فلسطين المباركة، ومسرى الرسول ــ صلى الله عليه وسلم، واللاعبون هم اليهود السارقون للأرض المحتلون لها العاملون بجد وإخلاص لقضيتهم، سواء أكان على الصعيد السياسي أم العسكري أم الاقتصادي أم التعليمي والتربوي، في حين أن اللاعب الآخر على الساحة هم العرب، وبالذات الفلسطينيون الذين أصبحت القضية بالنسبة لهم مختزلة في هل نذهب إلى مفاوضات مباشرة أم غير مباشرة؟ وهل أوقف نتنياهو التوسع في المستوطنات أم لا؟ ولماذا لا نذهب إلى المفاوضات المباشرة لإحراج إسرائيل ونتنياهو أمام الرأي العام، وأمام المجتمع الدولي. كلام خطير إحراج إسرائيل ونتنياهو أمام المجتمع الدولي, لكن لم يسأل العربي أو بالتحديد السلطة الفلسطينية من هو المجتمع الدولي الذي ستحرج إسرائيل أمامه؟ هل أمريكا أم بريطانيا أم اللجنة الرباعية؟ أم أعضاء هيئة الأمم الذين لا يشكلون أي وزن في معادلة السياسة الدولية، ليس لأنهم لا تتوافر لديهم الإمكانات المادية والمؤهلات الثقافية والتاريخية, بل لأنهم لا يرغبون في ذلك، ولذا أصبح دور هؤلاء الأعضاء مهمشاً بفعلهم هم، وليس بفعل الآخرين. العرب بإمكاناتهم المادية والثقافية والتاريخية يمكنهم أن يغيروا المعادلة, لكن المصالح الضيقة حرمتهم من هذا الدور، ورضوا بأن يسيروا خلف ما يمكن أن نسميه القوى العظمى، وبالتحديد الولايات المتحدة, التي يدور في فلكها الكثير من الزعامات العربية.
إذا كان هذا هو المشهد فما الأسباب؟ سؤال لا شك أنه يتكرر لدى الكثير من أبناء الأمة, وفي يقيني أن التربية سواء لدينا نحن العرب ولدى الصهاينة، وكذلك الثقافة، لهما دور في الحالة التي نشاهدها، ذلك لأنهما يسهمان في تشكيل العقلية، وكذلك الشخصية في تحليلها، وطموحها، وقدرتها على فرز الصحيح من الخطأ، وقدرتها على المراوغة واللعب بالأوراق المتوافرة. إن ما نحن عليه لا يمكن إخراجه عن هذين المكونين، فهل نعطي أنفسنا الفرصة لمعرفة ما فيهما من إيجابيات وسلبيات حتى نتمكن من إعادة البناء ومن ثم المحافظة على الثروات والمكتسبات؟!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي