فاكهة المثقفين
أسوأ عيوب الثقافة العربية يتمثل في الإقصاء. هذا الأمر شهدناه سابقا وسوف نشهده لاحقا. وفي الوقت الذي تتصالح فيه المجتمعات التي تعودت على التعددية، مع التاريخ. تعيش الثقافة العربية حالة خصومة مع هذا التاريخ. ويصبح مسوغا أن يبدأ التاريخ من حيث بدأ هذا الإنسان، حتى لو كان رئيس قسم في إدارة هامشية. والإلغاء يتم بجرة قلم، إذ تبدأ الأمور في الدوران صوب تكريس حقيقة واحدة: أنت الذي لا قبله ولا بعده.
حصاد مثل هذه الثقافة، تكريس الإقصاء، وتشريع التهميش، وتسويغ الشطب والإلغاء. شيء واحد يتم استنساخه، الممارسات السيئة وغريزة الانتقام.
شاهدوا ماذا يجري في العراق، جاء زعماء ومثقفون على ظهور الدبابات من أجل تحرير العراق، فلم يتمكنوا من تحرير أنفسهم وغاصوا في أوحال صراع المصالح، وأقصوا الآخر، وهم الذين كانوا يقولون إنهم يعانون من الإقصاء.
لكن الحالة العراقية ليست فريدة، فالمشهد الثقافي والاجتماعي والفني العربي حافل أيضا بهذه الأمور. والخصومة بين التيارات الفكرية المختلفة، تعكس أن الخلاف والاختلاف يعني في محصلته النهائية تحقيق النصر على الآخر بالضربة القاضية حتى لو تم استخدام وسائل غير مشروعة.
الحياد الذي يتشدق به كثير من مثقفي العرب في هذا العصر لا يعدو عن أن يكون طرفة يتفكهون بها وهم يدركون في قرارة أنفسهم أنهم يكذبون.