رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


«همومنا» والغلو في الدين

قدم برنامج ''همومنا'' في التليفزيون السعودي ولا يزال لقاءات مع الدكتور عبد العزيز الحميدي عضو هيئة التدريس في جامعة أم القرى, تناول فيها جوانب متعددة من الأساليب البعيدة عن النهج الإسلامي القويم التي تسهم في تضليل الشباب السعودي, وتكفير المجتمعات الإسلامية, وتكفير ولاة الأمر والعلماء والقضاة والمشايخ وغيرهم, وهي أفكار دخيلة على الإسلام أدت بشبابنا إلى الوقوع فيها, خصوصا التكفير والخروج على ولاة الأمر.
وسأتناول في هذه المساحة بعضا مما طرحه الدكتور الحميدي في حلقاته, خصوصا ما يتعلق بباب التكفير ولا سيما أنه أستاذ متخصص في العقيدة وله باع في الكتابة عن التاريخ الإسلامي, يقول في إحدى الحلقات: ''التكفير ليس كلمة عابرة تقال وليس حكما من حق أي شخص أن يطلقه على أي مسلم عرف إسلامه بيقين ولو ظهر من أفعاله ما ربما يقع في ذهنك أنه مناقض لبعض أصول الدين مثلا أو بعض الأحكام التي لا تحتمل النقض في الشريعة وفي الإسلام، مؤكدا أن التكفير قبل أن يكون حكما على فعل الإنسان وعمله هو حكم على باطنه، وقال عندما يكفر شخص هو في الحقيقة حكم على باطنه وعلى داخله أنه في داخله وفي قلبه كره الإسلام وأخرج من الملة وأصبح من أهل النار وهذا حكم غيبي، من حق الله - سبحانه وتعالى''.
ما تقدم هو كلمات تأصيلية عقدية، ويحضرني في هذا الجانب قصة تدل على عدم إطلاق الأحكام دون التأكد منها, وهي حدثت للصحابي الجليل أسامة بن زيد ــ رضي الله ــ ابن حب رسول الله ــ صلى عليه وسلم ــ في إحدى المعارك ضد الكفار يقول: بعثنا رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ إلى الحرقة فصبحنا القوم فهزمناهم, ولحقت أنا ورجل من الأنصار برجل منهم, فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله, فكف الأنصاري عنه, فطعنته برمحي حتى قتلته, فلما قدمنا بلغ النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ فقال: يا أسامة. يا أسامة أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله, قال: قلت: قالها متعوذا, فما زال يكررها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم''، رواه البخاري ومسلم. وفي بعض الروايات قال له رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم: أشققت عن قلبه لقد غضب رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ على أسامة ــ رضي الله عنه ــ حينما قال إنه لم يتلفظ بالشهادة إلا حينما رأى الموت مدركه لا محالة, غير أن النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ يقصد أن الأمة الإسلامية تتمثل في عصمة الدم لمن نطق بالتوحيد وعدم الحكم على النيات. كما تناول الحميدي جوانب أخرى في حلقاته المتواصلة التي لا يتسع المقام لتناولها جميعا, خاصة أنها جميعها تأصيلية شرعية لتنبيه الشباب ومن يسير على الطريق الضال من الوقوع في براثن الغلو والتكفير، كذلك فيها توضيح للمجتمع لبعض الأمور الشرعية العقدية التي يحدث فيها نقاش بين نقيضين قد لا يعود بالفائدة في كثير منها, فأسأل الله أن ينفع بمثل هذه الحلقات لتوضيح الصورة لمن يحملون أفكارا دخيلة على ديننا وبعيدة عن النهج الإسلامي الصحيح.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي