الطبقة السوبر: نخبة القوى العالمية والعالم الذي تصنعه
من بين سكان العالم البالغ عددهم ستة مليارات نسمة، ينتمي منهم ستة آلاف فرد فقط إلى هذه الطبقة السوبر، منهم ألف شخص فقط من المليارديرات، فالثراء الفاحش وحده لا يكفي للانضمام إلى هذه الطبقة. القاسم المشترك الحقيقي بينهم هو السلطة: سلطة قيادة الناس وتوجيه الأسواق بطريقة إيجابية أو سلبية. تأتي هذه السلطة من الشخصية أو من العلاقات المؤسسية أو قد تكون محض حظ.
يمتد نفوذ هذه الطبقة ويتغلغل، فالشركات العالمية الآن نجحت في زرع الولاء لها فيما يتجاوز حدود بلادها الأصلية. فأكبر ألفي شركة في العالم تربح 27 تريليون دولار سنويا وتدفع أجور 70 مليون موظف وعامل على مستوى العالم. فإذا كان كل موظف يعول أربعة أفراد، فسيكون لأصحاب هذه الشركات تأثير مباشر على حياة 350 مليون نسمة.
وعندما ننظر إلى عدد الوظائف التي تتيحها شبكة موردي هذه الشركات الكبرى وشركاء أعمالها، فسنجد أنه لأكبر ألفي شركة في العالم تأثير مباشر وغير مباشر على أكثر من مليار شخص. وهذا يعني أن بعض الشركات لها سلطة اقتصادية أكبر من سلطة بعض الدول. كما أن لهذه الشركات فروعا وشركات تابعة، ما يؤدي إلى توسيع نفوذها على النطاق العالمي، بل إن مبيعات إحدى شركات البترول قد تتجاوز الناتج الإجمالي المحلي لبعض الدول.
تمتلك الطبقة السوبر السلطة والثروة إلا أن الشيء الذي لا تستطيع شراءه هو الوقت، لذلك من الصعب الوصول إلى أفرادها فهم يسافرون على طائرات خاصة ويقيمون في فنادق حصرية ليتمكنوا من تعظيم الاستفادة من وقتهم ولزيادة احتمالات التواصل الاجتماعي فيما بينهم.
على صعيد الطبقة السوبر تتشابك إدارة الأعمال مع الفنون والسياسة والشؤون العسكرية. تشكل هذه النخب مجتمعا عالميا يتجاوز الحدود الجغرافية ويربط أفراده المركز والثقافة والمصالح المشتركة.
تسلط دراسة لهذه الطبقة الضوء على موضوع التباين الاقتصادي العالمي. وفقا لدراسة أجرتها الأمم المتحدة، تعد الولايات المتحدة واليابان والاتحاد الأوروبي أكثر ثراء بـ 100 مرة من أفقر الدول في العالم. منذ قرن مضى، كانت أغنى الدول أكثر ثراء من أفقر الدول في العالم بتسع مرات فقط؛ أي أن الهوة بين الفقراء والأغنياء تزداد اتساعا. على سبيل المثال لوكسمبورج التي تتمتع بأعلى معدل لثروة الفرد تعد أكثر ثراء بـ267 مرة من غينيا بيساو ذات أقل معدل لثروة الفرد.
يزداد التفاوت في الدخل في الصين مع اتخاذها خطوات واسعة نحو التحديث. وفي الولايات المتحدة يصل التفاوت بين رواتب كبار المديرين التنفيذيين والموظفين العاديين إلى نسبة 364: 1، وهذه النسبة أعلى عشر مرات مما كانت عليه منذ 30 عاما.