رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


خطة التنمية وهدف محاربة الفقر

في مقال الأسبوع الماضي تناولت خطة التنمية التاسعة وركزت على بعض أهدافها وبعض المؤشرات الواردة فيها, وأوضحت أن بعض المؤشرات تحتاج منا إلى وقفات متأنية, خاصة ما له علاقة بالبطالة، ونسبة العمالة الوطنية إلى الأجنبية في سوق العمل, مبرراً ذلك بقوة الاقتصاد الوطني، وكثرة المشاريع التي توجب أن تكون نسبة البطالة في بلدنا صفرا وليست 9.6 في المائة كما هو الحال الآن. خاصة أنه توجد تعليمات عليا تؤكد أن الوظيفة التي يعمل فيها الأجنبي تعتبر وظيفة شاغرة للمواطن, لكن هذا الهدف لن يتحقق ما لم يتسلح أبناء الوطن بالعلم والمعرفة والمهارة المطلوبة لأي مهنة من المهن.
وحيث إن أحد الأهداف الرئيسة لخطة التنمية محاربة الفقر في البلاد, لذا رأيت أهمية مناقشة هذا الموضوع بشيء من الاستفاضة, خاصة أن الخطة جعلت من أهدافها رفع متوسط دخل المواطن السنوي من 46.2 ألف ريال إلى 53.2 ألف ريال. وقد توقفت عند الرقم المستهدف 53.2 ألف ريال وتساءلت بشأنه، ما الاعتبارات التي بني عليها هذا الرقم؟ وهل أخذ في الحسبان التغيرات الاجتماعية وغلاء الأسعار، التي لا شك أنها ذات تأثير كبير في حياة الإنسان؟ وفي وضع كهذا يصعب تخيل كفاية المبلغ المستهدف بعد خمس سنوات من الآن, خاصة أن أسعار متطلبات الحياة في تصاعد مستمر.
تساءلت كيف تم وضع هذا الرقم, لأن حساب متوسط الدخل يقوم على أساس قسمة الناتج الوطني على عدد السكان أو جمع دخول الأفراد وقسمة المجموع على عدد الأفراد, أي لو كان لدينا ثلاثة أفراد دخل الأول منهم مليونا شهريا، والثاني دخله الشهري 198 ألف ريال والثالث دخله الشهري ألفا سيكون متوسط الدخل الشهري لكل واحد منهم 400 ألف ريال، وعليه سنعتبر من دخله ألف غنيا في هذه الحالة, ولا شك أن الاعتماد على حساب دخل الأفراد بهذه الطريقة مضللة رغم أن الاقتصاديين يعتمدون عليها كمؤشر عام, لكن لمعالجة مشكلة الفقر أعتقد أن الأمر يتطلب تقسيم المجتمع إلى شرائح، أو فئات، وحساب متوسط دخل كل فئة على حدة حتى تكون الصورة واضحة للجهات ذات العلاقة بمحاربة الفقر وللجهات المخططة.
قرأت في إحدى صحفنا المحلية تقريرا يشير إلى أن 70 في المائة من المواطنين لا يملكون منازل، وهذه مشكلة كبيرة, خاصة مع ارتفاع أسعار الأراضي وارتفاع أسعار مواد البناء, فكيف سيتمكن من لا يملكون منازل من تحقيق هذا الهدف، والخروج من دائرة الفقر؟! إن الإيجار يلتهم الدخل فكيف إذا كان الدخل ضعيفا من البداية متى يحلم المواطن بامتلاك منزله؟! ولذا فإن إيلاء مشلكة الفقر الاهتمام اللازم تستوجب المعالجة من الجوانب كافة، حتى تكون المعالجة سليمة لا بد أن تعيد وزارة الاقتصاد والتخطيط النظر في المنطلقات التي بنت في ضوئها مؤشرات التنمية بما في ذلك متوسط الدخل.
متوسط الدخل الحالي الذي ذكرته خطة التنمية هو 46.2 ألف ريال في السنة, أي بمعدل أقل من أربعة آلاف شهرياً, والمستهدف 53.2 ألف ريال, أي بزيادة سبعة آلاف ريال، هذا إذا افترضنا أن كل مواطن يحصل على هذا الدخل، لكن هذا غير صحيح, فالمتوسط هو نتاج قيم أقل وأكثر منه، كما أن الواقع يقول إن هناك من الأفراد، بل الأسر من دخلهم لا يتعدى الألفي ريال، وعليه فإن ربط مؤشر متوسط الدخل بالواقع المعاش أمر ضروري, إذ لا بد من ربطه بالحاجات الفعلية من كهرباء وماء وإيجار سكن وملبس، وغذاء ومتطلبات مدرسية ومناسبات، إذا أردنا معالجة مشكلة الفقر والسعي لمحاربته والقضاء عليه.
إن نجاح خطة التنمية في تحقيق أهدافها يعتمد في الأساس على صحة البيانات والمعلومات التي بنيت عليها، كما يعتمد على صحة المنطلقات والأسس، ومن هذه المنطلقات متوسط الدخل, إذ لا يمكن الركون إلى مفهوم متوسط الدخل الافتراضي, بل لا بد من معلومات تكشف الواقع في حياة الناس أين يعيشون، وكيف يعيشون، وما مصادر دخلهم، وكم الدخل، ومن دون هذه الحقائق ستظل حالنا تراوح مكانها دون حل لمشكلاتنا، وسنعجز عن تحقيق أهداف خطة التنمية حتى إن كانت هذه الأهداف متواضعة، ولا تتناسب مع حجم إمكاناتنا التي أنعم الله بها علينا، وأخشى أن نضع خطة التنمية العاشرة ونضمنها هدف محاربة ومعالجة الفقر لأننا لم ننطلق بالشكل الصحيح من حيث المعلومات والأسس، ومن ثم البرامج الكفيلة بمعالجة هذا الموضوع المؤرق الذي تطول آثاره الكثير من جوانب الحياة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي