تقرير: التمويل الحكومي ملاذ للشركات المساهمة

تقرير: التمويل الحكومي ملاذ للشركات المساهمة

لاحظ تقرير اقتصادي حديث أن فرص حصول شركات المساهمة العامة على القروض الطويلة الأجل '' تأثرت بصورة ملحوظة''، معيدا ذلك إلى تردد البنوك التجارية في توفير التمويل اللازم، وهو ما دفع الشركات إلى اللجوء إلى مصادر بديلة لسد العجز في التمويل أهمها الاقتراض من مؤسسات التمويل الحكومية وإصدار الصكوك.
ويتوقع التقرير عودة البنوك إلى الإقراض وانحسار الدعم من مؤسسات التمويل الحكومية ''بمجرد تحسن ظروف السوق''، غير أنه يرجح أن ''الإقراض من البنوك لن ينمو بالوتيرة نفسها''، التي شهدتها سنوات ما قبل عام 2009، ''ما يرجح استمرار شركات المساهمة في سياسة تنويع مصادر التمويل''.
يجيء التقرير الذي أصدرته ''جدوى للاستثمار'' بعد استعراض القوائم المالية السنوية لجميع شركات المساهمة البالغ عددها 143 بين عامي 2004 و2009، واقتصرت الدراسة على الديون الطويلة الأجل لشركات المساهمة العاملة في المملكة.
وفيما يلي مجمل ما ورد في التقرير:
دأبت الشركات المدرجة في سوق الأسهم على تأمين أكثر من نصف متطلباتها من التمويل الطويل الأجل من البنوك المحلية، إلا أن هذا الوضع تغيرأخيراً بسبب تردد البنوك في الإقراض التي لم تتعد مساهمتها في صافي التمويل الطويل الأجل لشركات المساهمة العام الماضي نسبة 14 في المائة.
وارتفعت مساهمة مؤسسات التمويل الحكومية المتخصصة في المملكة، خاصة صندوق الاستثمارات العامة، في توفير القروض الطويلة الأجل إلى شركات المساهمة العامة بهدف سد النقص في التمويل من البنوك المحلية. كذلك ازدادت أهمية قروض الحكومات الأجنبية ،التي تتم عبر وكالات تمويل الصادرات كأحد مصادر التمويل.
وشكلت الصكوك في العام الماضي أحد أهم مصادر الدين لشركات المساهمة وإن كانت الأغلبية العظمى من الإصدارات من نصيب الشركات التي تمتلك فيها الحكومة نسبة كبيرة. وتعتبر مساهمة الصكوك في إجمالي القروض منخفضةً، حيث لا يتجاوز معدل إجمالي الدين إلى حقوق المساهمين في المملكة ربع مستوياته في أسواق العالم الرئيسة. وهبط التمويل عن طريق الاكتتابات الأولية وإصدارات حقوق الأولوية خلال عام 2009 بسبب ضعف جاذبية سوق الأسهم، لكن هناك تحسن طفيف منذ بداية العام وحتى اللحظة الحالية.
واتجهت معظم القروض إلى القطاعات التي تنخرط شركاتها في عمليات توسعة كبيرة، حيث تستحوذ ثلاث قطاعات هي البتروكيماويات والاتصالات والطاقة على أكثر من 80 في المائة من حجم الديون القائمة الطويلة الأجل إلى شركات المساهمة.
وبلغ إجمالي الدين الطويل الأجل (الذي تربو فترة استحقاقه على عام) 333 مليار ريال بنهاية الربع الثاني من عام 2010 مرتفعاً من 58.8 مليار ريال في نهاية عام 2004. وقد شهدت قروض شركات المساهمة طويلة الأجل طفرة كبيرة عام 2007 حيث ارتفعت بنسبة 143 في المائة لكن تباطأ نموها تباعاً عقب ذلك إلى 31 في المائة عام 2008 ثم إلى 23 في المائة عام 2009. أما خلال فترة الأشهر الستة الأولى هذا العام فلم يعد إرتفاع إجمالي الدين الطويل الأجل نسبة 1 في المائة (3 مليارات ريال). ويعزى التراجع الأخير في مستويات الإقراض إلى ارتفاع درجة الحذر بين مؤسسات التمويل من جهة وإلى حدة الأوضاع الاقتصادية التي أدت بدورها إلى تراجع الطلب على التمويل، هذا إضافة إلى أن معظم التمويل اللازم لعديد من المشاريع الضخمة خاصة في قطاع البتروكيماويات كان قد تم تأمينه قبيل بداية الأزمة المالية العالمية ما أدى إلى انحسار الطلب إلى التمويل خلال السنوات الأخيرة. وشكّلت الصكوك والسندات أحد أكبر مصادر التمويل لشركات المساهمة العام الماضي رغم اقتصار إصداراتها على شركات قليلة، حيث تمثل صكوك شركتي سابك والكهرباء نحو 84 في المائة من إجمالي المبالغ القائمة ،وكانت الشركتان مصدر 73 في المائة من الإصدارات الجديدة العام الماضي.
وارتفع حجم القروض التي قدمها الشركاء الأجانب في المشاريع المشتركة بنحو عشرة مليارات ريال العام الماضي، وتمثل هذه القروض نسبة 8 في المائة من الديون الطويلة الأجل لشركات المساهمة وتتركز في قطاعي البتروكيماويات والاتصالات، لكن من المتوقع تراجعها بمجرد بدء عمليات التشغيل في تلك المشاريع. ويدل الالتزام بتلك التدفقات المالية الكبيرة في الوقت الذي تم فيه سحب عمليات التمويل لكثير من المشاريع حول العالم خلال فترة الركود العالمي على الأهمية التي توليها الشركات الأجنبية للمشاريع المشتركة في المملكة.
وبرغم أن سوق الأسهم السعودية تتألف من 15 قطاعاً إلا أن معظم التمويل ذهب إلى القطاعات التي تنخرط شركاتها في عمليات توسعة كبيرة، حيث تستحوذ ثلاث قطاعات فقط هي البتروكيماويات والاتصالات والطاقة (وخاصة الكهرباء) على أكثر من 82 في المائة من الديون الحالية القائمة الطويلة الأجل. ولا نعتقد أن التحول الذي طرأ على مصادر التمويل أخيراً يمثل تغيير جذريا دائماً، حيث نتوقع عودة البنوك المحلية إلى الإقراض وتراجع الدعم من مؤسسات التمويل الحكومية بمجرد تحسن ظروف السوق. لكن مع ذلك نلاحظ حدوث تغيير جوهري في سياسة البنوك إزاء إقراض الشركات، ما يعني أن التمويل لن ينمو بالوتيرة نفسها التي شهدتها سنوات ما قبل عام 2009 (بلغ متوسط نمو القروض المصرفية 27 في المائة بين عامي 2004 و2008، لكننا نستبعد أن يبلغ نموها نصف هذا المستوى خلال الأعوام المقبلة).

الأكثر قراءة