حزام الفقر يتسع
إذا تجاوزنا دول الخليج العربي، سوف نكتشف أن دائرة الفقر تتسع عربيا. العالم العربي من أقصاه إلى أقصاه ينعم بثروات طبيعية وسياحية وإنسانية، لكنه في غالبه يرزح تحت سلسلة من المشكلات التي يتوجها الفقر والمشكلات المختلفة. خلال شهر مضى مررت بأكثر من بلد عربي، قابلت أناسا وتحدثت معهم عن همومهم وآمالهم وآلامهم. كان القاسم المشترك للحديث هو الحالة الإنسانية التي تتزايد من خلالها ضغوط الحياة على الجميع. لم تعد القضايا الكبرى تمثل هما جمعيا للإنسان العربي. أصبح تحسين الواقع المعاش هو الأمل. لكن الأفق ـــ والعبارة لأحد الإخوة الذين التقيتهم ـــ يبدو مسدودا. يشير محدثي إلى أن تجارب دول الخليج في التنمية تمثل نموذجا عربيا ناضجا. بناء الإنسان والسعي الجاد إلى تحقيق الرفاه، لا يشبهه أي نموذج عربي آخر. يضيف: بقينا لعشرات السنوات، ننظر إلى عرب الجزيرة العربية بطريقة سلبية. لكننا الآن وبعد كل هذه السنوات، نعتبر أن نظرتنا المجحفة، أشاعت لدينا سلسلة من الأحكام الجاهزة. تطورت دول الخليج، بينما صارت ما كنا نتعارف عليها بدول المركز والإشعاع الحضاري، تعاني من الفساد والقلق الاجتماعي والثقافي والسياسي. يتابع: لو نظرت إلى الخريطة العربية، سوف تجد أن دولا عربية لديها من الثروات ما لدي دول الخليج، لكنها أسرفت في تبديد تلك الثروات على مغامرات ومشروعات لم تنعكس على إنسان هذه الدول. هذا الكلام الشفاف سمعته من أكثر من شخص. لم يكن الأمر استنطاقا بهدف الكتابة عنه هنا. لكنه جاء عفويا. وربما أنا أنقل هذه العبارات مع تهذيبها وتفريغها من مضامينها المباشرة، ولا أريد أن أسمي أي بلد من هذه البلدان، لأن هذا الحديث من محب لا يريد أن يتورط في تهمة التشفي. عندما ننظر إلى إيقاع الثقافة والإعلام والسياسة خليجيا، نجد أن قادة هذه الدول أعطوا موضوع التنمية كثيرا من الاهتمام. لدى دول الخليج كثير من الاستحقاقات، لكن من المؤكد أن مقارنة الحالة الخليجية بالحالة العربية الأشمل والأوسع ترجح الكفة لصالح دول الخليج التي وجهت جزءا كبيرا من ثرواتها للبناء. لم تقصر دول الخليج من أجل دعم المشروعات العربية الخاصة بالتنمية. المشكلة أن الفساد الضارب في بعض هذا الدول يمثل حالة لا يمكن لدول الخليج ولا لصندوق النقد معالجتها، إن لم يرافق الأمر إصلاح جدي يحاول تضييق حزام الفقر الذي يترهل ويستحكم، ويسد الأفق ـــ كما قال صاحبي. شاهدت دولا عربية تستشري فيها الأمية وخدمات الكهرباء لا تغطي أكثر من 20 في المائة منها. هذه فضيحة في القرن الـ 21.