رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


التعليم نفط المرحلة القادمة

ما زال النفط يمثل المصدر الرئيس للطاقة في العالم, حيث يمثل ما نسبته 35 في المائة من هذه المصادر، بينما يمثل الغاز الطبيعي ما نسبته 24 في المائة، والفحم 29 في المائة من إجمالي المصادر، والنسبة المتبقية لمصادر الطاقة المتجددة مثل طاقة الهواء والطاقة النووية. وهناك شبه إجماع على أن النفط سيظل مصدرا رئيسا للطاقة خلال العشرين سنة القادمة, على الرغم من أن هناك زيادة كبيرة في الطلب على الغاز الطبيعي. لكن على مدى الخمسين سنة القادمة هناك بلا شكل تراجع لدور النفط كمصدر من مصادر الطاقة, في مقابل بروز لمصادر الطاقة المتجددة الأخرى.
أحد العوامل التي تدفع بهذا التغير هو القوانين المتشددة التي تفرضها الدول, خصوصا الدول الأوروبية ودول أخرى للتحول إلى مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح والغاز الطبيعي, وذلك للتقليل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. الصين تبحث هي الأخرى عن مصادر طاقة متجددة كطاقة الرياح, وتعمل على التقليل من الاعتماد على الفحم بشكل كبير. الطاقة المتجددة أصبحت واقعا علينا التعامل معه, وهو ما وعته جيدا دول الخليج وبدأت برامج طموحة للاستفادة من الطاقة المتجددة, وآخرها تأسيس مدينة الملك عبد الله للطاقة المتجددة.
أسئلة كثيرة تبرز عند الحديث عن هذا الموضوع, خصوصا لبلد بنى تنميته اعتمادا على النفط كمصدر أساسي للدخل. من ذلك هيكل الاقتصاد خلال السنوات القادمة, وكيف نستفيد من مواردنا الحالية لإعداد الأجيال القادمة لمرحلة جديدة من التنمية الاقتصادية غير المعتمدة على النفط؟ المملكة وضعت هدفا رئيسا في كل خططها التنموية لتنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر للدخل .. فهل تحقق ذلك؟ الواقع يدل على أن هذا الهدف لم يتحقق بعد, لكن في الطريق إلى تحقيق هذا الهدف يجب ألا ننسى أن المملكة حققت منجزات تنموية كثيرة مقارنة بدول أخرى.
النصيحة التي يوجهها جميع الخبراء إلى بلد مثل المملكة هي الاستثمار في رأس المال البشري؛ لأنه سيمثل رأس المال الحقيقي الذي ستعتمد عليه المملكة خلال المرحلة القادمة. المملكة أيضا وضعت هذا الأمر في صلب أهدافها, وعملت على تحقيقه من خلال تخصيص ما نسبته 25 في المائة من ميزانيتها السنوية لقطاع التعليم. لكن المسألة الأهم الآن هي التفكير في نوعية هذا التعليم .. وهل تتناسب مع ما تطمح إليه المملكة؟ أعتقد أنه على المستوى الجامعي بذلت جامعات عدة جهودا كبيرة لتحسين مستوى التعليم الجامعي, لكن في التعليم العام لا نرى أن هناك تغييرا كبيرا في هذا المستوى.
كوريا الجنوبية لم تبلغ ما بلغته إلا بسبب استثمارها في رأس المال البشري؛ حتى حققت مستويات متقدمة من التنمية وتحسين مستوى المعيشة لمواطنيها, فكوريا الجنوبية تأتي في المرتبة الـ 15 على مستوى العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي, والأولى في المعرفة العلمية والثانية في المعرفة الرياضية على مستوى العالم. ماليزيا مثال آخر على دولة حققت ثورة في التنمية الاقتصادية اعتمادا على الاستثمار في رأس المال البشري. لكن الأهم من عملية الاستثمار في رأس المال البشري من خلال التعليم, هو الاستثمار فيه من خلال توظيفه بشكل كفء لتحقيق متطلبات التنمية, وفي هذا المجال بالذات يقع العبء على وزارة العمل.
إعادة تشكيل هيكل الاقتصاد تتطلب العمل على زيادة تنافسيته, لكن مفهوم التنافسية في حد ذاته تمت إساءة استخدامه من خلال الاعتقاد فقط أنه قدرة الاقتصاد على جذب الاستثمارات. لكن التنافسية مفهوم أشمل يتضمن توفير البيئة الملائمة لتشجيع الاستثمار والإبداع من المواطن أولا وليس من المستثمر الأجنبي فقط، بما يحقق نموا مطردا ومستداما في حجم الاستثمارات بهدف زيادة التوظف وتنويع الاقتصاد وتعزيز التنمية الاقتصادية. وتحقيق هذا المفهوم الواسع للتنافسية لن يتم دون وجود العنصر الأساسي لتحقيق ذلك, وهو رأس المال البشري.
المملكة قامت خلال السنوات الماضية بوضع كثير من الحوافز للمستثمرين وكثير من الحوافز للصناعة, لكنها لم تحقق بعد التنوع المنشود في الاقتصاد. وأعتقد أن المملكة لو استثمرت جزءا من قيمة هذه الحوافز في تعزيز رأس المال البشري من خلال برامج تعليم على مستوى عالٍ لاستطاعت تحقيق التنوع المطلوب، دون الحاجة إلى الدعم المباشر للصناعة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي