رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


التحفيز بالمحاكاة.. شباب يستفيدون من أوقاتهم

فترة الشباب أهم مراحل تكوين الشخصية للإنسان، فإن أهملها وأضاعها بني عليها ضياع وتفريط طول العمر، وإن استفاد منها واستغلها أحسن استغلال، كل ما يأتي بعدها هو ثمرة من ثمرات هذا الاستغلال الطيب. يقول النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم: ''لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع، عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه''. وهذا فيه دلالة كبيرة على أهمية الوقت والاستفادة منه، والسعي لإفادة الآخرين. أيضا فإن اختيار الصحبة الصالحة التي تعين على الخير، وتسهم في البناء الفكري والثقافي للشباب، من أهم ما يجب أن تهتم به الأسرة والمجتمع، وهذا مصداقا لكلام الحبيب المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم - حين قال: ''الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل''.
مجتمعنا يزخر بعديد من الأمثلة الناجحة المشرفة، لكن الاستفادة من تجارب هذه الشخصيات الناجحة وسيرهم، لا ترقى إلى المستوى المطلوب. وهنا أتساءل عن السبب في هذا الجفاء والبعد، بين أصحاب التجارب الناجحة، وأفراد المجتمع؟ حتى أصبحت أهمية الوقت لدى كثير من شبابنا شبه معدومة، كما انعدمت الشخصية القدوة، التي يستقي منها الشباب حماستهم ودافعيتهم للعطاء، وأصبح الهم الأول والفن الأوحد هو إضاعة الأوقات بشتى الطرق. ولو تأملنا قول ابن الجوزي - رحمه الله - عن نفسه: ''رأيت خَلقا كثيرين يجرون معي فيما اعتاده الناس من كثرة الزيارة، فلما رأيت الزمان أشرف شيء كرهت ذلك وبقيت معهم بين أمرّين، إن أنكرت عليهم وقعت وحشة لموضع قطع المألوف، وإن تقبلته منهم ضاع الزمان، فصرت أدافع اللقاء جهدي، فإذا غُلبت قصَّرت في الكلام لأتعجل الفراق، ثم أعددت أعمالا لأوقات لقائهم لئلا يمضي الزمان فارغا، فجعلت من المستعدّ للقائهم قطع الكاغد (الورق)، وبري الأقلام، وحزم الدفاتر، فإن هذه الأشياء لا بُدَّ منها ولا تحتاج إلى فكر وحضور قلب، فأرصدتها لأوقات زيارتهم، لئلا يضيع شيء من وقتي''. والسؤال: أين نحن من مثل هذه التجارب الناجحة، والقدوات المؤثرة التي استفادت من كل لحظات العمر، وأشاعت العالم بنور علمها وعطائها.
لا أريد أن أكون من ضمن حزب المتشائمين والسلبيين، ولعلنا نجد في أبناء وطننا عديدا من أصحاب التجارب الناجحة، والأمثلة المشرفة، التي لن يتسع مساحة المقال لذكرها، لكن سأذكر تجربتين اثنتين منها في منطقتين مختلفتين من مناطق بلادنا العزيزة، وأدعو الله أن نرى هذه التجارب وقد عُممت على جميع مناطقنا، واستفاد المجتمع من طاقات الشباب الكامنة، وهذبها بخبرات المميزين من ذوي الخبرة في شتى المجالات.
المثال الأول عن تجربة مجموعة أولاد وبنات الرياض التطوعية، الذين يسعون إلى الاستفادة من أوقات هذا الصيف الملتهب، بما يعود على الأعضاء والمجتمع بالفائدة والخير. وأدعو الجميع هنا لزيارة موقع المجموعة على صفحة ''فيسبوك''، والاستفادة والمشاركة في البرامج المقدمة، والتفاعل مع هذه المجموعة التي تحكي عن نفسها. أما المثال المبهر الآخر فهو من شباب المنطقة الشرقية، الذين أسسوا فكرة مجموعة فطور الناجحين، وقد وصفهم رائد العمل التطوعي، نجيب الزامل بـ ''الأرواح الحالمة'' في صحيفة ''اليوم'' لعدد 13554 الصادر يوم الأحد 13/8/1431هـ، وأدعوكم أيضا لزيارة موقع المجموعة على صفحة ''فيسبوك'' للتعرف أكثر على المجموعة وأهدافها النبيلة. كما قلت إن مساحة المقال لا تسمح بذكر عديد من الأمثلة أو التفاصيل، لكن السؤال الأهم ''ما دور الناجحين وأصحاب التجارب المثمرة في مشاركة المجتمع في نجاحهم وتحفيز الشباب وتوجيههم للاستفادة من قدراتهم، والسير على خطى النجاح؟.. أتمنى أن نرى دورا أكبر للجامعات ووزارة التربية والتعليم والأندية الأدبية والغرف التجارية في استثمار قدرات الشباب وتفعيل الأنشطة والمشاريع التي تعود على البلد وأهله بالخير والنجاح.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي