رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


مستوى التنمية البشرية في المملكة

عرفّت منظمة الأمم المتحدة التنمية البشرية بأنها عملية اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية شاملة تستهدف التحسين المستمر لرفاهية السكان بأسرهم والأفراد جميعهم على أساس مشاركتهم النشطة الحرة والهادفة في التنمية وفي التوزيع العادل للفوائد الناجمة عنها.
أطلق هذا التعريف بمفهومه الشامل ضمن إعلان الحق في التنمية الذي اعتمدته ونشرته منظمة الأمم المتحدة في 1986 في قرارها الختامي لجلستها العامة رقم 97 في مقرها الرئيس نيويورك. أسندت المنظمة مهمة تطوير هذا المفهوم الشامل للتنمية إلى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بهدف الخروج بأداة موضوعية لتقييم مستوى التنمية البشرية للدول الأعضاء في المنظمة. عكف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي على تطوير الأداة الموضوعية المستهدفة من خلال الاستناد إلى منهجيات وأساليب بحثية مختلفة، أنتج البرنامج مطلع العقد الماضي ما عرف بمؤشر التنمية البشرية. واستمر البرنامج في إصدار مؤشر التنمية البشرية بشكل سنوي، مع التركيز في كل عام على أحد موضوعات التنمية الرئيسة التي تشكل هاجسا لدى معظم أعضاء المنظمة. من أهم الموضوعات التي تناولها المؤشر خلال الفترة الزمنية الماضية موضوعات: الفقر، التعليم الابتدائي، والأمراض المزمنة.
يتميز مؤشر التنمية البشرية بأنه يدمج متوسط ثلاثة مؤشرات تنموية معروفة بطريقة مميزة تتيح قراءة نتائجها من منظور التنمية البشرية بشكل أكثر عملية. هذه المؤشرات الثلاثة هي: متوسط حياة الفرد، مستوى إدراكه، بفرعيه الوعي والمعرفة، ونصيبه من إجمالي الناتج المحلي.
يتميز المؤشر الأول ''متوسط حياة الفرد''، ببعده الصحي كونه يهتم بقياس نصيب الفرد من الرعاية الصحية في اقتصاده المحلي منذ ولادته حتى وفاته.
ويتميز المؤشر الثاني ''مستوى الإدراك''، ببعده التربوي والتعليمي، ففرعه الأول، الوعي، ذو بعد تربوي كونه يهتم بقياس مستوى ثقافة الفرد ووعيه من الرعاية التربوية في اقتصاده المحلي منذ سن الطفولة حتى سن الرشد. وفرعه الثاني المعرفة، ذو بعد تعليمي كونه يهتم بقياس نصيب الفرد من الرعاية التعليمية في اقتصاده المحلي خلال مرحلتي التعليم العام والجامعي.
ويتميز المؤشر الثالث ''نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي'' ببعده الاقتصادي، كونه يهتم بقياس متوسط نصيب الفرد في اقتصاده المحلي من إجمالي ما ينتجه هذا الاقتصاد من سلع وخدمات استهلاكية.
تهدف آلية قياس المؤشر إلى الحصول على رقم من صفر إلى واحد من خلال قياس معدل التغير في المؤشرات الثلاثة أعلاه خلال السنة الواحدة باستخدام معادلات حسابية بسيطة. ثم بعد ذلك يتم تصنيف النتائج إلى أربع فئات. الفئة الأولى أكثر من 90 في المائة، وتسمى ''تنمية بشرية عالية جدا''، والفئة الثانية بين 80 و90 في المائة، وتسمى ''تنمية بشرية عالية''، والفئة الثالثة بين 50 و80 في المائة، وتسمى ''تنمية بشرية متوسطة''، والفئة الثالثة أقل من 50 في المائة، وتسمى مستوى ''تنمية بشرية منخفضة''.
ضم مؤشر التنمية البشرية عام 2009 في قائمته 182 دولة، مقسمة إلى الفئات الأربع أعلاه. ضمت الفئة الأولى، ''تنمية بشرية عالية جدا''، 38 دولة، بوجود النرويج في أعلى القائمة ومالطا في أدناها. وضمت الفئة الثانية ''تنمية بشرية عالية'' 44 دولة، بوجود البحرين في أعلى القائمة ولبنان في أدناها. وضمت الفئة الثالثة، ''تنمية بشرية متوسطة'' 74 دولة، بوجود أرمينيا في أعلى القائمة ونيجيريا في أدناها. وضمت الفئة الرابعة ''تنمية بشرية ضعيفة''، 26 دولة، بوجود التوجو في أعلى القائمة والنيجر في أدناها.
تستخدم نتيجة مؤشر التنمية البشرية بعد ذلك مع مؤشرات تنموية أخرى للوصول إلى صورة أكثر واقعية عن التنمية البشرية بشكل خاص والتنمية الشاملة، بشكل عام لدولة محددة أو مجموعة من الدول. وعلى الرغم مما يوفره مؤشر التنمية البشرية من قراءة لمستويات التنمية البشرية، إلا أنه يحتوي على مجموعة من أوجه القصور. من أهم هذه الأوجه أن المؤشر لا يأخذ في آلية قياسه فلسفة اقتصادات البيئة وانعكاساتها على مستويات التنمية البشرية. على سبيل المثال توفير الموارد المائية للدول الواقعة في المناطق الحارة، مقارنة بمثيلاتها الواقعة في الدول الباردة، وانعكاسات ذلك على نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي. من أهم أوجه القصور أيضا أن المؤشر أولى اهتماما أكبر في المقارنة البينية بين الدول، عوضا عن التقويم الشمولي لجميع الدول. ومن أهم أوجه القصور أيضا أن المؤشر أضاف القليل إلى تقييم العملية التنموية، عطفا على اعتماده على مؤشرات تنموية معروفة مسبقا.
ومع الأخذ في الحسبان جميع أوجه القصور هذه، إلا أن النظر في واقع التنمية البشرية السعودي من منظور مؤشر التنمية البشرية فيه من الفوائد ما يساعد على التعرف بصورة أكثر شمولية على آفاق وتحديات التنمية البشرية بشكل خاص، والتنمية الشاملة بشكل عام.
حصلت التنمية البشرية السعودية على نسبة 84 في المائة في مؤشر التنمية البشرية، وفي الترتيب الـ59 من أصل 182 دولة، وبعد فنزويلا وقبل بنما. وضع هذا الترتيب التنمية البشرية السعودية ضمن الفئة الثانية، ''تنمية بشرية عالية''. يعد ذلك تقدما في قيمة التنمية البشرية عن المسجلة في 2008، البالغة 83 في المائة، وتراجعا في الترتيب عن المسجل في 2008، البالغ، 55 من أصل 179 دولة.
من أهم الملاحظات على مستويات التنمية البشرية السعودية من واقع مؤشر التنمية البشرية، أن الجانبين الاقتصادي والتعليمي للفرد السعودي صُنّفا ضمن الفئة الثانية، ''التنمية العالية''؛ ما يدعم متانتهما وبالتالي إمكانية استثمارهما في العملية التنموية السعودية الشاملة خلال الفترة المقبلة. وفي الوقت ذاته نجد أن الجانبين الصحي والتربوي للفرد السعودي صُنّفا ضمن الفئة الثالثة ''التنمية المتوسطة''؛ ما يدعم التأكيد على أهمية مضاعفة الجهود في تطوير هذين الجانبين خلال الفترة المقبلة. ملاحظات من الأهمية بمكان التأكيد على تطويرها خلال العملية التنموية المقبلة من جميع الجوانب: الاقتصادية، التعليمية، التربوية، والصحية بما يؤدي إلى تطوير الفرد السعودي تطويرا شاملا يستطيع من خلاله استثمار جميع الفرص التنموية المقبلة نحو بلوغ آفاق الغد وتطلعاته، بعون الله تعالى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي