رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الكنيسة .. ومجافاة الفطرة البشرية

في قداس كبير حضره 15 ألف كاهن عقد في ساحة بطرس, طلب البابا بنديكتوس الـ16 الصفح بخصوص الفضائح الجنسية التي أقدم عليها بعض القساوسة مع بعض الأطفال. واسترعى انتباهي خبر آخر لراهب كمبودي كان يصور النساء وهن عاريات أثناء استحمامهن في ماء يعتقدن أنه مقدس. هذه الأخبار وغيرها من أخبار سابقة بشأن ممارسات جنسية حدثت في الكنائس والمعابد، حيث تحدث هذه الأشياء باستمرار، وأتذكر أن إحدى الكنائس وجد في داخلها رفات أجنة مدفونة في أرضيتها, حيث إن ممارسات لا شرعية تحدث بين منسوبي الكنيسة، ويحدث الحمل ومن ثم يتم التخلص من الجنين بهدف التستر على الموضوع، وإخفاء الجريمة، وذلك للإبقاء على صورة القسيس أو الراهبة أمام عامة الناس جميلة.
ترى لماذا تحدث مثل هذه الممارسات؟ ما من شك أن الجنس خاصية بشرية وحيوانية، ومطلب غريزي, حيث إن ممارسته تحدث الاستقرار والراحة لدى الفرد, أما الحرمان منه، فإنه يحدث التوتر، والقلق، والتعب، كما أن حكمة الله أوجدت هذا الميل الفطري بين الرجل والمرأة لاستمرار الحياة، لذا سنت الشرائع السماوية الزواج لغاية النماء البشري، وحفظ النسل والتكاثر، بل إن المجتمعات البدائية, التي لا تعرف الأديان, نظمت حياتها وعلاقاتها، وفق مفهوم الزواج، لكن حين تحرم الديانة كالمسيحية مثلاً الزواج على قساوستها وكهنتها, فهذا أمر غريب ومثير لعلامات الاستفهام، هل هؤلاء العاملون في الكنيسة خارج الطبيعة البشرية، ولديهم القدرة على كبح الشهوات وإماتتها؟ أم أن الأمر لا يعدو أن يكون شكلياً؟ التاريخ البشري أثبت بالخبرة أن عموم البشرية لا يمكنها الامتناع عن الجنس رغم أنه قد يوجد أفراد لا يتزوجون، وذلك لظروف خاصة بهم, لكن أن يمتنع أو يمنع ويحرم على فئة من الناس لمجرد عملهم قساوسة وكهنة في الكنيسة ممارسة أمر طبيعي وإطفاء شهوة فطرية وغريزية, فهذا لا يمكن تصوره أو قبوله لمنافاته الطبيعة البشرية.
في تجارب علم النفس المعملية حرمت بعض الفئران من ممارسة الجنس فيما بينها, حيث فصل الذكور عن الإناث لفترة من الزمن، ولوحظ تصرف الفئران وسلوكها قبل وأثناء وبعد الفصل, فوجد أن فترة الحرمان التي تم خلالها فصل ذكور الفئران عن إناثها صاحبها كثير من التوتر لدى الفئران والسلوك المضطرب والعدواني, يعني أن حرمان الحيوان من إشباع غريزته أثر فيه تأثيراً سلبياً.
إذا كانت الكنيسة قد تضررت سمعتها وأصاب قساوستها وكهنتها الشيء الكثير في صورتهم أمام الناس, فذلك عائد إلى مجافاة حرمانهم من الزواج الطبيعة البشرية بحجة التبتل والتقرب إلى الله, مع أن هذا ينافي الفطرة البشرية التي خلق الله الناس عليها، لذا فإن إقدام هؤلاء على ممارسة الجنس مع الأطفال أو مع البالغين من الناس، ولو كان بصورة غير شرعية أمر متوقع، وطبيعي حدوثه، لأن القانون الكنسي الذي فرض عليهم وأجبروا على الالتزام به قانون غير طبيعي، ولا يتوافق بأي حال من الأحوال مع الفطرة الإنسانية التي تتضمن غرائز وشهوات لا بد من إشباعها حتى يتحقق الاستقرار والطمأنينة في حياة الناس.
الكنيسة من جراء هذه الممارسات من قبل بعض منسوبيها وجدت نفسها في موقف محرج إزاء هذه الممارسات، وأصبحت في موقف المدافع رغم أن البابا بعد كشف الفضيحة لم يصدر عنه أي تصريح أو ردة فعل، وذلك لفترة طويلة, لكنه في القداس المشار إليه طلب الصفح والعفو. هل الصفح والعفو من الضحايا والأطفال, الذين استغلت طفولتهم وبراءتهم ومورس معهم الجنس، أم الصفح من أولياء أمورهم، أم الصفح من منسوبي الكنيسة، أم الصفح من الله؟!
في ظني أن طلب الصفح لا يكفي وحده، لذا لا بد للكنيسة من أن تعيد النظر في طقوسها الكهنوتية، ولا بد من التفكير جدياً في هذا الموضوع الذي أحدث كثيرا من الضرر داخل المجتمع الكنسي, الذي يحرم منتسبوه ما أباحه الله لهم، ولذا لا غرابة من حدوث مثل هذه الممارسات، كما أن تكرارها، وفي مواقع متعددة من العالم أمر محتم، لأنه لا يمكن حرمان البشر من إشباع شهواتهم التي منحهم الله.
إن معالجة الإسلام جاءت متسقة مع الطبيعة البشرية، لذا حث الإسلام على الزواج ورغب القادرين فيه، مراعاة لهذه الطبيعة، وأخذاً لها في الاعتبار حتى لا يترتب على حرمان الأفراد منها أمور لا تحمد عقباها، وقد حث المصطفى - صلى الله عليه وسلم - الشباب على الزواج، ومن لم يستطع الزواج حثه على الصيام، وذلك لإضعاف الشهوة وإخمادها حتى يتمكن الفرد من الزواج فيما بعد. إن صيام الفرد تنظيم وتحكم مؤقت في الشهوة, لكنه ليس منعاً أو تحريماً للزواج، ومن الغريب ألا تستفيد الكنيسة في الغرب من نظريات وبرامج علم النفس التي برع فيها العلماء الغربيون بشأن تنظيم السلوك والتحكم فيه وتعديله، وذلك من خلال معرفة قوانين السلوك والميول والرغبات وطرائق التفكير المتعددة، فهل جعلت الكنيسة هذا التراث النفسي وراء ظهرها، كما جعلت الفطرة البشرية كذلك حين حرمت على منتسبيها الزواج؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي