رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الاستقبال في مطاراتنا.. يشوِّه سمعتنا!

ما أهم الأماكن التي تعكس صورة جميلة عن البلد الذي تزوره؟ بالطبع، المطار في هذا البلد بما يحويه من حفاوة الاستقبال، وتنظيم من حين الخروج من الطائرة إلى الذهاب إلى نقاط الجوازات، ومسارات تسلم الأمتعة ومدى وصولها في الوقت الملائم، ثم الذهاب إلى الجمارك، والخروج من صالة المطار والاستقبال الذي تلقاه من مواطني هذا البلد بعد ذلك. وأول من يستقبل الزائر حال خروجه من صالة الاستقبال سائق الأجرة إن لم يكن هناك من يستقبله، وهذا الشخص بالتحديد (سائق الأجرة) يشكل بما يحمله من ثقافة ومظهر جيد وأخلاق عالية، الانطباع الأول، وقد يكون الأخير لدى الزائر حول البلد.
عندما تخرج من صالة المطار وتجد إشارة تدلك على مكان انتظار سيارات الأجرة وأخرى على مكان انتظار الحافلة وأخرى للقطار، وعندما تجد سائقي سيارات الأجرة ينتظرون في سياراتهم منتظمين في صف واحد، وكذلك الزبائن منتظمون في صف واحد، كل ينتظر دوره للحصول على سيارات أجرة ودون حاجة إلى نقاش التسعيرة مع السائق والبحث عن الأقل من بينهم، عندما ترى كل ذلك، يأخذك انطباع آسر عن التحضر والتقدم والتنظيم التي يتمتع بها البلد. هذه هي الصورة في كثير من مطارات العالم المتقدم بالطبع، فهي انعكاس حقيقي لكل خطى التقدم التي خطتها هذه الدول على مستوى الدولة وعلى مستوى الفرد على حد سواء. لكن ماذا عن الصورة في مطاراتنا؟ هل تعكس بشكل عادل التقدم الذي حققته المملكة في مجالات مختلفة؟ وهل تعبر فعلا عن قيمنا وعاداتنا في احترام حقوق الآخرين وحسن الضيافة؟
مع الأسف، الصورة في مطاراتنا مغايرة لكل ما أشرت إليه، فعند الخروج من الطائرة، يبدأ المسافرون بالمشي بسرعة أو أحيانا الجري لنقاط الجوازات لإنهاء إجراءاتهم. والسعودي عادة لا يواجه مشكلة انتظار طويل هناك، لكن الأجانب يعانون بشكل كبير طول الانتظار والطريقة التي يتعامل بها بعض موظفي الجوازات معهم، خصوصا إذا كان موظف الجوازات لا يستطيع التحدث باللغة الإنجليزية، أو إذا كان الزائر من العمالة القادمة للشرق. المنظر المؤلم دائما عندما ترى الخادمات يتركن في صالة تسلم الأمتعة ينتظرن أحد موظفي الجوازات لنقلهن إلى مكان تسلمهن من قبل مكفوليهن. أعلم أن هذا الانتظار هو لإنهاء إجراءاتهن بشكل جماعي، لكنه لا يمثل صورة حضارية أمام كل زائر للبلد، كما أنه سيكون مصدرا للاستغلال من قبل من يحاولون الإساءة إلى المملكة.
الصورة تنتقل بعد ذلك إلى صالة تسلم الأمتعة، حيث لا توجد في العادة إلا أربعة مسارات، وعادة تكون الأمتعة متكدسة على المسار من الرحلة السابقة، يبدأ بعدها العامل برمي هذه الأمتعة خارج المسار لإتاحة المجال لأمتعة الرحلة الأخرى للخروج، وفي المتوسط ستستغرق عملية التسلم ما لا يقل عن نصف ساعة. في المقابل تجد في كثير من المطارات العالمية أنظمة حديثة وسريعة لتوجيه الأمتعة من الطائرة حال هبوطها إلى مكان تسلمها. الذهاب بعد ذلك إلى موظفي الجمارك ثم الخروج من الصالة، وهنا بالتحديد تشهد حالة قلما تجد لها مثيلا في أي مطار من مطارات العالم، عدد هائل من المواطنين وأحيانا من الأجانب يحملون مسابح في أيديهم والكل يقول لك الكلمة نفسها. أعتقد أنكم بالطبع عرفتم من هؤلاء، شباب من مختلف الأعمار والجنسيات يعرضون خدمات التاكسي على كل خارج من صالة المطار، ويتميزون أيضا بالإصرار والتسابق والتنافس فيما بينهم على إقناع كل مسافر بالركوب معهم.
بالطبع، لا توجد تسعيرة محددة، لكن يوجد عرف، وهذا العرف لا يعرفه إلا سائق الأجرة، أما المسافر فيعتمد ذلك على خبرته السابقة. إذا اخترت أن تستقل سيارات الأجرة في الخارج فستحتاج أولا إلى أن تجد سائقها الذي يكون في الغالب من جنسية آسيوية الذي لا يعرف القراءة والكتابة فكيف باللغة الإنجليزية؟ لا أعتقد أن هذا النوع من الاستقبال الذي نرغب بأن نستقبل به رجال الأعمال والسائحين وأصحاب الفكر والثقافة القادمين إلى المملكة، وأتوقع أن كثيرا من المسؤولين بمن فيهم أعضاء مجلس الشورى لا يعلمون شيئا عن هذا الوضع لسبب بسيط جدا، وهو أنهم لا يواجهونه أبدا. وكم وددت أن يتم إغلاق المكاتب التنفيذية في المطارات لمدة أسبوع فقط للصيانة لتتاح الفرصة لمسؤولينا للتعرف عن قرب على الوضع الذي تشهده مطاراتنا، خصوصا فيما يتعلق بسيارات الأجرة وغيرها من الخدمات. السؤال: من المسؤول عن ذلك، هل هي سلطات المطار، الشرطة والمرور في المطار، أو وزارة النقل؟
أعتقد أن الجميع مشترك في هذه المسؤولية، والغريب أن الوضع في سنوات سابقة كان أفضل بكثير مما عليه الوضع الحالي.. إذاً ما الحل؟ هيئة السياحة يقع عليها عبء تقييم الوضع، وتحديد المسؤولية، والمطالبة بتصحيح الوضع. هيئة السياحة لن تستطيع القيام بكل الأدوار المنوطة بكل جهة حكومية أو خاصة، لكن قد يكون الدور الأكبر والأهم بالنسبة إليها هو وضع المعايير التي ترتقي بالسياحة وكل ما يتعلق بها من أماكن، وتحديد الجهات المسؤولة عنها، ثم الرقابة والتقييم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي