قانون الإصلاح المالي الأمريكي يترك كثيرا من التساؤلات دون إجابة.. لكن ماذا بعد ؟
ربما تكون الموافقة على أكبر عملية إصلاح في "وول ستريت" على مدار أجيال هي الجزء السهل، لكن التحدي الحقيقي يكمن في وضعه موضع التنفيذ.
ووقع الرئيس باراك أوباما أمس الأول مشروع قانون للإصلاح الشامل من شأنه خلق بيروقراطية جديدة، كما يمدد الإشراف الحكومي على جوانب القطاع المالي الأمريكي كافة، والهدف هو تصحيح الأخطاء التي كادت أن تتسبب في انهيار "وول ستريت" خريف 2008. وجاءت مراسم التوقيع لتتوج جهودا استغرقت أكثر من عام للنهوض بإصلاحات موسعة من خلال الكونجرس الأمريكي، غير أن النواب تركوا الأمر إلى أجهزة الرقابة وإدارة الرئيس أوباما من أجل ملء العديد من الفراغات.
ويقول دانيال كوفمان الخبير الاقتصادي في معهد بروكينجز "إن العمل التفصيلي في تحديد وتفصيل وتفسير القواعد العريضة يتيح لجهات الرقابة مساحة كبيرة من حرية العمل والتصرف لتحديد هذه التفاصيل التنظيمية وتفسيرها خلال التنفيذ". وكانت الحكومة الأمريكية قد نالت قدرا كبيرا من الحرية لإصدار أحكام أساسية، على سبيل المثال ما يتعلق بمستوى الاحتياطيات النقدية التي ينبغي أن تحتفظ بها البنوك للحيلولة دون حدوث أزمة مستقبلية، وما يجب القيام به مع الشركات التي تشكل تهديدا للنظام المالي الأوسع نطاقا. ويمكن لمجلس الاحتياطي الاتحادي "البنك المركزي الأمريكي" أن يفكك البنوك التي نمت بشكل كبير للغاية بحيث يصعب فشلها، رغم أن كوفمان قال إنه من غير الواضح متى يمكن ذلك، وما إذا كان البنك المركزي سيملك الشجاعة لاستخدام هذه الصلاحية. كما سيتعين على الحكومة اتخاذ قرار بشأن توقيت ممارسة صلاحيتها الجديدة للدخول إلى شركة مالية تتداعى وإدارة عملية الانهيار. وسيتم تكليف وزير الخزانة الأمريكي تيموثي جيتنر بوضع معايير أعلى لاحتياطات رأس المال والسيولة، وقد يستند ذلك إلى اتفاق دولي، حيث كان زعماء العالم اتفقوا على وضع معايير جديدة لرأس المال بحلول نهاية العام الجاري. وسيرأس جيتنر أيضا مجلسا جديدا لجهات الرقابة، يضم تسعة أشخاص، يعنى بالكشف عن المخاطر التي تلوح في الأفق بالنسبة للنظام المالي قبل أن تخرج عن نطاق السيطرة. ومن شأن الأعمال التي يقومون بها استجابة للموقف أن تحدد ما إذا كان يمكن تفادي أزمة مالية مقبلة.
وحذرت البنوك التي سعت جاهدة لتخفيف الكثير من الإصلاحات، من أنه لا يزال هناك قدر كبير من الغموض، رغم أن المديرين التنفيذيين تعهدوا بالعمل مع إدارة أوباما في الوقت الذي تستخدم فيه صلاحياتهاالجديدة. وقال إدوارد ينجلينج رئيس جمعية المصرفيين الأمريكيين إن تطبيق هذا التشريع سيفرض تحديا أمام أجهزة الرقابة، مضيفا أن "النتيجة ستكون أكثر من خمسة آلاف صفحة من القواعد الجديدة بشأن البنوك التقليدية وسنوات من عدم اليقين بشأن ماذا تعني القواعد الجديدة الشاملة؟