المقبل: يمكن للمسلمين في الخارج نقل مسجدهم السابق إلى موضع آخر للحاجة
أكد الشيخ الدكتور عمر المقبل الأستاذ في جامعة القصيم, أن نقل المسجد عن موضع إلى موضع آخر للحاجة، بحيث تصرف قيمة المسجد الأوّل في شراء المسجد الآخر جائز، لأن المتبرع قصده مسجد فيصرف في مسجد، وأضاف أنه لا يصلح صرفه على مصروفات المسجد ولو وجد داع لذلك. وقال هذا الأمر لا يحتاج إلى إذن المتبرعين سابقاً بالمسجد القديم؛ لأنّهم لما تبرعوا خرج الملْك عنهم إلى أن صار مسجداً في حكم ملك الله ـ تعالى.
ومضى يقول إنه إذا بيع المسجد القديم فلا يهم انتقاله لملك مسلم أو كافر لأنه لم يعد مسجداً، لكن يحرص عند بيعه ألاّ يباع لمن تعلمون أنه سيجعله كنيسة أو معبداً لئلا يكون ذلك من الإعانة على الباطل.
وقد سئل الإمام أحمد عن رجل بنى مسجداً ثم أراد تحويله إلى موضع آخر، قال: إن كان يريد أن يحوله خوفاً من لصوص أو يكون موضعه موضع قذر فلا بأس أن يحوله، واستدل بفعل عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أنه أمر عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ بنقل مسجد الكوفة إلى موضع التمارين. وقال أحمد: إذا كان المسجد يضيق بأهله فلا بأس أن يحوّل إلى موضع أوسع منه.
وقد قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لعائشة: "لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية لنقضت الكعبة ولألصقتها بالأرض". والكعبة أفضل وقف على وجه الأرض، وقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يدل على جواز تغيرها وإبدالها بما ذكره، ولا فرق بين إبدال البناء وإبدال المكان إذا اقتضت المصلحة ذلك. وقد تناول شيخ الإسلام ابن تيمية هذه المسألة وأطال فيها جداً (مجموع الفتاوى) وقرر جواز نقل الأوقاف للمصلحة الراجحة.
وحث فضيلته المسلمين الذين يقيمون في دول غير مسلمة على التآلف والتعاون قال تعالى: "وتعاونوا على البر والتقوى"، وقال تعالى: "والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض". وقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم: "المسلم أخو المسلم". وتتأكد ضرورة الاتفاق إذا كان المسلم مقيماً بين غير المسلمين؛ لأن التآلف في هذه الحال مدعاة للنصرة والثبات على الدين والخلاص من مشكلات الواقع ومدعاة لقبول الحق الذي يحمله المسلم، ولذا قال تعالى: "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم".
وأبان أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لما بعث معاذاً وأبا موسى داعيين لليمن قال لهما: "تطاوعا ولا تختلفا" وإن من أهم أسباب فرض صلاة الجماعة ومن أبرز حكمها أنها سبيل لاتفاق المسلمين واجتماعهم في صف واحد خلف إمام واحد، فكيف تكون صلاة الجماعة سبباً للتفرق وقد شرعت للاتفاق والتآلف؟!
فالإمام الشافعي ـ رحمه الله ـ أفتى من فاتته صلاة الجماعة في المسجد أن يصلي منفرداً، ولا يدخل في المسجد بصلاة جماعة ثانية لما في ذلك من تفرّق الكلمة والاختلاف.