رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


كوادرنا الوطنية في 2025!

توقع تقرير التنمية البشرية 2009 التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي, حدوث مجموعة من التطورات الديموغرافية والتنموية في المملكة على المديين المتوسط والبعيد. من هذه التوقعات نمو عدد سكان المملكة بمقدار 2.1 في المائة سنويا خلال الفترة من 2005 إلى 2015 ليصل عدد السكان إلى 29.3 مليون نسمة نهاية 2015, ثم سيستمر معدل النمو هذا في النمو موصلاً عدد سكان المملكة إلى قرابة 40 مليون نسمة بنهاية 2025.
يعد عام 2025 عاماً متميزاً عطفاً على ما يمثله من تاريخ مستهدف لاكتمال تنفيذ رؤية الاقتصاد السعودي ''رؤية الاقتصاد السعودي 2025'', التي أعلن عنها مطلع العقد الحالي. من ضمن الأهداف التي تهدف إليها الرؤية التوسع في القطاعات الاقتصادية الإنتاجية، بشكل عام، والصناعات البتروكيماوية والكيماوية، بشكل خاص، كوسيلة لتنوع مصادر الدخل الوطني.
تقودنا توقعات النمو السكاني ورؤية الاقتصاد السعودي إلى النظر في تحدي البطالة كأحد أهم التحديات التي يتوقع أن تواجهها عملية تأهيل الكوادر الوطنية اللازمة لتنفيذ خطط توسيع القطاعات الاقتصادية والإنتاجية من اليوم حتى بلوغ عام 2025.
تطلق منظمة العمل الدولية مصطلح البطالة على الفرد الخالي من العمل, وتعرف المنظمة الفرد الخالي من العمل بأنه الفرد الذي يكون فوق سن معينة بلا عمل وهو قادر على العمل وراغب فيه ويبحث عنه عند مستوى أجر سائد لكنه لا يجده. وتقاس البطالة بما يسمى معدل البطالة, ويعرف معدل البطالة بأنه نسبة الأفراد العاطلين عن العمل إلى نسبة القوى العاملة.
تنقسم البطالة إلى نوعين رئيسين: بطالة طبيعية، وبطالة غير طبيعية. وتعد الأولى حالة ''مستديمة'' تعم المنظومة الاقتصادية بجميع أجزائها، بينما تعد الثانية حالة ''مؤقتة'' تعم بعض أجزاء من المنظومة الاقتصادية. وتتلاشى الثانية بمجرد امتصاص الأجزاء الأخرى من المنظومة الاقتصادية حالة البطالة، وتحولها إلى حالة عمالة.
المفيد في هذا السياق العلاقة بين البطالة الطبيعية وغير الطبيعية والنمو الاقتصادي, فعندما يمر الاقتصاد بمرحلة نمو تتبعها مرحلة انتعاش، فمرحلة ازدهار، يكون معدل البطالة غير الطبيعية أقل من معدل البطالة الطبيعية، والعكس صحيح. فعندما يمر الاقتصاد بمرحلة نمو تتبعها مرحلة انكماش، فمرحلة كساد، يكون معدل البطالة غير الطبيعية أكبر من معدل البطالة الطبيعية.
يقودنا الحديث عن البطالة وأنواعها وآليات قياسها, إلى النظر في واقع البطالة في الاقتصاد السعودي وآليات قياسها. ويشير التقرير السنوي لمؤسسة النقد العربي السعودي لعام 2008، تقرير رقم 44، إلى إحصاءات البطالة للسعوديين في الاقتصاد السعودي خلال الفترة من 2001 إلى 2007.
سلك معدل البطالة للسعوديين الاتجاه التصاعدي عند 8.34 في المائة في 2001 حتى 12.02 في المائة في 2006 قبل أن يتراجع بشكل طفيف إلى 11.05 في المائة في 2007. اتسمت شريحة العاطلين عن العمل خلال الفترة ذاتها بأربع سمات.
السمة الأولى ''ديمغرافية''، حيث إن معظم العاطلين عن العمل هم من فئة الشباب ذوي الأعمار 20 إلى 25 سنة بنسبة 43.8 في المائة، ففئة الشباب ذوي الأعمار 26 إلى 35 سنة بنسبة 27.4 في المائة، ثم فئة الشباب الأقل من 20 سنة بنسبة 22.5 في المائة.
والسمة الثانية، ''تعليمية''، حيث إن معظم هؤلاء العاطلين عن العمل هم من حملة شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها بنسبة 34.35 في المائة، فحملة شهادة البكالوريوس بنسبة 28.3 في المائة، ثم حملة الشهادة المتوسطة بنسبة 13.61 في المائة.
والسمة الثالثة ''جنسية''، حيث إن الشريحة الأكبر من العاطلين عن العمل هم من فئة الذكور بنسبة 74 في المائة، مقابل 26 في المائة من فئة الإناث. والسمة الرابعة، ''جغرافية''، حيث إن وجود معظم هؤلاء العاطلين عن العمل في المنطقة الشرقية بنسبة 40.2 في المائة، فمنطقة الرياض بنسبة 18.9 في المائة، ثم منطقة مكة المكرمة بنسبة 15.8 في المائة.
تقودنا هذه الإحصاءات والسمات عن واقع بطالة السعوديين في الاقتصاد السعودي إلى قراءة توقعات نموها خلال الأعوام الخمسة المقبلة، بشكل خاص، والـ 15 عاما المقبلة بشكل عام. الدافع خلف هذين التوقيتين كون الأول يمثل نهاية الخطة الخمسية التاسعة (2010 ـ 2015)، والثاني يمثل نهاية مرحلة التخطيط الاستراتيجي القائمة (2025) واكتمال مرحلة تنفيذ رؤية الاقتصاد السعودي ''رؤية الاقتصاد السعودي 2025''.
أحد أهم التحديات التي تواجه واقع البطالة السعودية أن النسبة الأكبر من العاطلين عن العمل هم من فئة الشباب الذكور ذوي الأعمار 20 إلى 25 سنة، من حملة شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها، الموجودين في مركز الصناعات البتروكيماوية والكيماوية (المنطقة الشرقية).
وإذا أخذنا في الاعتبار الفترة الزمنية التي تحتاج إليها الكيانات الاقتصادية الصناعية في تأهيل الكوادر البشرية لمزاولة مهام الإنتاج الصناعي البتروكيماوي والكيماوي، فإن هذه الفئة العمرية بسماتها الديموغرافية والتعليمية القائمة ستنمو مع مرور الأيام دون حصولها على التأهيل العلمي والفني والتقني اللازم.
سيؤدي ذلك إلى ظهور تواضع في الموارد البشرية المؤهلة كماً وكيفاً من فئة الإدارة الوسطى (الفئة العمرية 30 ـ 36 سنة) خلال الأعوام الخمسة المقبلة، ومن فئة الإدارة العليا (الفئة العمرية 45 -50 سنة) بحلول 2025.
سيسهم هذا التواضع بالسلب على توفير الموارد البشرية الوطنية اللازمة لتولي مهام استدامة الاقتصاد السعودي بعد 2025. مهمة مواجهة هذا التحدي مهمة ليست باليسيرة تستوجب التأكيد على أهمية تضافر جهود جميع الجهات المعنية، اقتصادية كانت أو تعليمية أو اجتماعية، في سبيل تحويل التحدي إلى أفق، ومن ثم إلى واقع مزهر بحلول 2025، بعون الله تعالى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي