فيروز وغضبة الكتبة

على غرار كلمات أغنية فيروز ''الغضب الساطع آت'' تتماهى بعض الكتابات، فلا تكاد تخرج منها بأكثر مما تقدمه لك أغنية فيروز حول القدس. مجرد فعل نفرغ من خلاله آمالنا المستحيلة، فلا الغضب من أجل القدس أجدى، ولا بأيدينا حررناها.
الشيء الغريب أن هناك مزيدا من الكتابات التي تتواصل وهي تستنسخ أغنية فيروز، ولا تنظر للمسألة بمنظورها الحقيقي، ولا تتواصل مع القضية من خلال مسارها المنطقي، فيسود الإنشاء والتعبير والكلمات الرنانة التي تتردد منذ عشرات السنين دون جدوى. ووسط كل هذا تضيع الأصوات المخلصة والطروحات الواقعية ولا يبقى سوى الجعجعات.
ومن يقرأ التاريخ الحقيقي للقدس سيكتشف أن الثغرة التي أحالت القدس إلى أورشليم هي الجعجعات التي كانت تريد أن ترمي إسرائيل في البحر. كانت هذه المزاعم هي النقطة التي تعاملت معها إسرائيل بجدية، وقذفت بنفسها في المعركة في التوقيت الذي رأت أنه يخدمها. النتيجة تمثلت في تكريس مزيد من الاحتلال لمساحات شاسعة من الأراضي الفلسطينية وأراض عربية أخرى، بعد سنوات عادت بعض الأراضي العربية، لكن إسرائيل كانت قد قطعت أشواطا طويلة في إطار تكريس فكرة القدس عاصمة أبدية لها. من يقرأ تاريخ الصراع من منظور محايد سوف يكتشف أن العرب أسرفوا في خطابهم الحماسي للداخل دون وجود أي مشروع حقيقي للتحرير يتواكب مع تلك الخطابات الحماسية. قلنا إن الأصوات المخلصة كانت في الغالب تفقد فاعليتها أحينا بمبادرات من عرب آخرين. تنازع كثيرون من أجل القدس، أو من أجل مصالحهم واستخدموا القدس مطية. نجح العرب في تأكيد أن عروبة القدس البدهية تحتاج إلى كثير من الجهد، وأثبتوا إلا من رحم الله أنهم غير قادرين على بذل الحد الأدنى من الجهد، لهذا السبب بقيت المبادرة العربية التي طرحتها السعودية في بيروت مجرد حبر على ورق، لأن العرب لم يعملوا عليها بجهد يليق بها، ولهذا فالحل أن نبقى نواصل الغناء مع فيروز ''للقدس سلام..للقدس سلام''.وسوف يواصل كتابنا الأشاوس الترديد ''الغضب الساطع آت'' ثم يتناولون الشاي ويثرثرون في كل شيء وينامون.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي