الخفجي .. هل تغير استراتيجية استقطاب الاستثمارات للمدن الكبيرة فقط؟
كانت طريقة حديثة .. وتحريك ذراعيه بشكل مستمر وتعديل وضع نظارته الطبية تنبئ عن شيء يريد البوح به، لكن حماسته سرعان ما كشفت أنه يخبئ كثيرا من الوعود الاستثمارية الباهرة.
ويتفاخر فهد مياح الخليل مسؤول الفرص الاستثمارية في محافظة الخفجي بأن محافظته الصغيرة المطلة باستحياء على الخليج العربي، تسقي العالم بأسره من النفط، ويقول الخليل "من هنا يرتوي العالم" .. في إشارة إلى منابع النفط الضخمة التي تحتضنها الخفجي.
وتتربع الخفجي على مناطق النفط المهمة، وتعمل فيها ثلاث من كبريات شركات النفط العالمية، التي تمتلك وتدير احتياطيات ضخمة في المحافظة؛ وهي شركة أرامكو السعودية، شيفرون السعودية، إضافة إلى شركة أرامكو لأعمال الخليج.
وتمنح الجغرافيا أبعادا اقتصادية في غاية الأهمية للخفجي، حيث تتميز بموقعها الاستراتيجي الساحلي، والحدودي، إضافة إلى كونها نفطية، حيث تطل على الخليج العربي في المنطقة المحايدة المقسومة بين السعودية والكويت.
#2#
ويراهن الخليل على مستقبل محافظته الواعد، ويشير إلى أن الخفجي تعيش حاليا مرحلة من أفضل مراحلها، وذلك بتوافر جميع الخدمات الأساسية، حيث ينتظر هذه المحافظة مستقبل واعد من تحديث لبنيتها التحتية وقيام عدد من المشاريع الضخمة، التي تتعلق بالقطاعات السياحية، التجارية، والصناعية، إذ يتوقع نمو المدينة بمعدلات عالية، وذلك نظير العمل الضخم الذي يتم لتحديث بنيتها التحتية ومدها بكافة الخدمات والمرافق.
ويؤكد الخليل "نملك عديدا من الفرص الاستثمارية المتنوعة .. ننتظر المستثمرين فقط"، ويضيف واثقا "ليس لدي أدنى شك في أننا سنستقطبهم".
ويقول "آفاق استثمارية واعدة تحملها الخفجي بحكم موقعها القريب من اقتصادات إقليمية، إضافة إلى كونها منطقة ساحلية، فهي بذلك مؤهلة لواقع اقتصادي أفضل، والفرص الاستثمارية فيها متنوعة على صعد تجارية، وصناعية، وسياحية".
ويبدو أن الأمريكيين فطنوا إلى الأهمية الاقتصادية التي تملكها الخفجي وسارعوا إلى التنقيب في ولاياتهم المتعددة عن مدينة أمريكية تمتلك مقومات اقتصادية لخلق توأمة مع الخفجي، التي يتوقعون لها أن تشهد ازدهارا اقتصاديا كبيرا خلال الأعوام المقبلة، من خلال جغرافيتها التي تؤهلها لاحتلال مكانة بارزة في المدن الاقتصادية، حيث يرمون من هذه الخطوة إلى تنشيط المبادلات التجارية.
وأمام هذا الحراك الاقتصادي الكبير الذي تعيشه المحافظة، لم يقاوم الأمريكيون وفرة الفرص الاستثمارية، حيث أوفدوا جوزيف كيني القنصل الأمريكي في الظهران للوقوف شخصيا على الفرص الاستثمارية في الخفجي، الذي أبدى انبهاره الحقيقي بالآفاق الاستثمارية الواعدة، حيث تعهد كيني باستقطاب أكثر من 100 منشأة صغيرة ومتوسطة أمريكية للعمل في الخفجي، واعدا بتنظيم زيارة لوفد تجاري أمريكي لزيارة المحافظة، إضافة إلى زيارة أخرى للسفير الأمريكي.
وتخطط الخفجي أن تحتل مكانة متقدمة جدا في لائحة أبرز المدن السعودية الجاذبة للاستثمار، حيث شهدت تغييرات كبيرة خلال السنوات العشر الماضية، بعد القرار الشجاع الذي اتخذته القيادة السعودية بالاستغناء عن شركة الزيت العربية "اليابانية" وتولي الشركة الوطنية "أرامكو لأعمال الخليج" إدارة حصة الجانب السعودي في الجزء المغمور من المنطقة المحايدة المقسومة، إذ غيرت "أرامكو لأعمال الخليج" خريطة التنمية بمختلف مجالاتها في المحافظة بفضل المشاريع الاستثمارية والخدمية التي نفذتها.
ويعود الخليل ليؤكد أن استراتيجية العمل تتمثل في تفعيل المحادثات مع الهيئة العامة للاستثمار لوضع خريطة اقتصادية لمحافظة الخفجي وتوضيح أهمية موقعها الجغرافي كنقطة مهمة للصادرات الوطنية، وذلك باستغلال موقعها الجغرافي، وأيضا كنقطة مهمة للتخزين والنقل اللوجستي بين المملكة ودول الجوار ودول آسيا الوسطى، وكذلك جذب المستثمرين للمحافظة للاستفادة من الفرص الواعدة في مجال السياحة والصناعة والتجارة.
ولفت حامل ملف الفرص الاستثمارية في الخفجي إلى أن من أهم مهام لجنة رجال أعمال الخفجي جذب المستثمرين من الكويت، وكذلك توضيح أهمية الخفجي للمسؤولين بأن تكون بوابة للصادرات والمنتجات الصناعية وخاصة للعراق ودول الشمال الأخرى، مشيرا إلى أن اللجنة نجحت في استقطاب أكثر من 13 مصنعا من منطقة صبحان الصناعية الكويتية إلى الخفجي، حيث إن بعض هذه المصانع التي تم استقطابها تصدر إنتاجها الفاخر من السيراميك المخصص لأحواض السباحة إلى فرنسا.
ويقدر الخليل عدد المصانع في المحافظة بأكثر من 50 مصنعا قائما وتحت الإنشاء في الوقت الراهن ومقسمة على مصانع: الألمنيوم، الخرسانة، البلاستيك، السيراميك الفاخر، وصناعات وأنشطة أخرى متعددة وتحت الإنشاء، وهناك توجه قوي لجذب مصانع أخرى من فئة الصناعات المتوسطة والصغيرة لمحافظة الخفجي، حيث يفوق حجم الاستثمار في هذه المصانع 500 مليون ريال، متوقعا أن تكون هنالك زيادة في حجم الاستثمار خلال المرحلة المقبلة.
ويقول الخليل "حجم الاستثمار كبير وواعد والمحافظة تتسع لأي استثمارات تطرح فيها"، ويضيف "الفرص كثيرة مثل السياحة وخاصة البحرية وكذلك الاستزراع السمكي والكل يعلم أن محافظة الخفجي وسواحلها من أغنى مناطق الخليج بالثروة السمكية وخاصة الروبيان الذي يتكاثر في بحر الخفجي والمناطق الساحلية القريبة منه، إضافة إلى الفرص الصناعية وفرص أخرى متعددة".
وأكد أن الفرص الاستثمارية تتنوع في القطاعات العقارية، التجارية، الصناعية، سيما الصناعات المتخصصة في قطع غيار المنشآت النفطية، تحلية المياه، والبتروكيماويات، وقطاع التخزين والنقل.
ويشكل وجود "عمليات الخفجي المشتركة"، التي تدير حصة الجانبين السعودي والكويتي في المنطقة المحايدة المقسومة، عاملا رئيسيا وراء قدوم عدد من الشركات المحلية والعالمية العاملة في مجال النفط والطاقة للمحافظة، مما ساعد على تنشيط الحركة التنموية بمختلف قطاعاتها الاقتصادية.
ويسود اعتقاد في الخفجي بأن الاستثمار في النفط ومشتقاته والخدمات المساندة للعمليات يعتبر عامل جذب كبيرا للاستثمارات للمحافظة، كما أن هنالك مساعي لإنشاء مدينة صناعية، وهو ما قد يشكل رافدا اقتصاديا مهما للمحافظة، إضافة إلى عوامل الجذب السياحي في الخفجي التي تمتاز بقربها من الكويت، حيث من الممكن ملاحظة في المستقبل القريب اهتمام أكبر بالمقومات السياحية، على اعتبار أنها أصبحت صناعة عالمية.
ويعمل مسيرو شؤون المحافظة على تحفيز المقاولين العالميين من خلال خلق فرص استثمار جيدة تطرحها عمليات الخفجي المشتركة، وهو توجه قوي للاستثمار في الخفجي.
والزائر للخفجي يلاحظ أن المعدات الثقيلة للمقاولين منتشرة في باطن وزوايا المحافظة لاستكمال خدمات البنى التحتية والعلوية، وعمليات الحفر والردم يبدو أنها تجري منذ زمن لتنفيذ مشاريع كثيرة، وهناك جزء منها يندرج ضمن رؤية واضحة من أجل تقديم كافة الخدمات التي تحتاج إليها المحافظة.
ويؤكد الخليل "أن مشاريع الدورة الاقتصادية التي شهدتها المحافظة انعكست تماما على الحياة اليومية للمواطن".
وتدور في الخفجي اجتماعات متواصلة حول هذا الشأن، حيث يزور المحافظة وفود تجارية ورجال أعمال لبحث إمكانية الاستفادة من الفرص الاستثمارية المطروحة، لكن يبرز سؤال: هل من الممكن أن تغير الخفجي سياسة استقطاب الاستثمارات للمدن الكبيرة فقط، وهو ما سيتبين خلال الأعوام القليلة المقبلة، التي أضحت لناظرها قريبة.