المبارك: أثر اقتصادي يقابل كل حكم من أحكام البيوع
قال عضو في هيئة كبار العلماء في السعودية د. قيس المبارك إن كل مسألة من مسائل البيوع لها حكم شرعي مقابل ومتناسب مع أثرها الاقتصادي، وإن الشريعة الإسلامية فصلت في أحكام المعاملات تفصيلا دقيقا، داعيا المصرفيين إلى التوجه إلى أنواع البيوع التي ندب الإسلام إليها.
وجاء ذلك خلال محاضرة "مقاصد الشريعة في المعاملات المالية" التي نظمتها الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، حيث قال فضيلة الدكتور قيس بن محمد المبارك إن لكل مسألة من مسائل البيوع والمعاملات المالية حكما شرعيا مقابلا يتناسب مع أثرها الاقتصادي، فالتسويق أو "التجر" كما يسميه الفقهاء مندوب لا مجرد مباح لما له من أثر اقتصادي كبير، وفي بالمقابل فإن بيع المرابحة تنص كتب الفقه على أنه من الأمور الجائزة، غير أنه خلاف الأولى لأثره الضعيف في الاقتصاد إذا لم يكن تحت خط الصفر.
كما قال الدكتور قيس المبارك إن الشريعة الإسلامية فصلت في أحكام المعاملات تفصيلاً دقيقاً لا تجده في بعض أبواب العبادات، ودعا المصرفيين إلى التوجه إلى أنواع البيوع التي ندب إليها الإسلام لا المحرمة أو المكروهة، لأنها لا تسمن بل تسيء إلى الاقتصاد ومحاسنه التي تدعو إليها الشريعة الإسلامية، كما عرج المبارك في حديثه على ذكر بعض المقاصد التي عنى فيها الشرع رعاية المال. وقال إن الشريعة اعتنت بإثبات الأموال وذلك بأن يختص أصحابها بتملكها بحيث يطمئن مالكها ولا يبقى لديه خوف من زوالها عنه أو تدخل غيره فيها، وهو أمر شددت فيه الشريعة غاية التشديد وحتى لو حصلت على مال غيرك بحكم القاضي فهو حرام عليك، ولهذا جعلت الشريعة الأصل في العقود اللزوم وألزمت المتعاقدين بالوفاء بشروط العقد وأحاطت الشريعة أحكام البيوع بالضبط والتحديد وحذرت الشريعة من بيع الغرر والجهالة والغش.
وعن شروط عقود البيوع أوضح الدكتور المبارك أن الشريعة كلما رأت نوعاً من أنواع البيوع له طبيعة خاصة تفرض عليه شروطاً خاصة لتتناسب مع مصلحة هذا النوع من البيع، ففي الإجارة التي هي نوع من البيع اشترطت الشريعة شروطاً غير موجودة في البيع العادي، وكذلك السلم لمنع حصول أي تنازع في المستقبل، مضيفا أن الشريعة اعتنت بوضوح المال في ذاته وفي التعامل به، ومن ذلك الأمر بكتابة الدين الذي هو في الأصل مبني على المسامحة ومع ذلك أمر فيه بالكتابة، فما بني على المشاحة كالبيع من باب أولى، وكذلك اعتنت الشريعة بالعدل في الأموال بتيسير تحصيلها بأمور تحصل بها الثقة بين المتعاملين ولذلك ألزمت ببيان الثمن والمثمن في كل عقد. ولفت الدكتور آل مبارك إلى أن اختلال معرفة الثمن والمثمن من شأنه تدمير الاقتصاد والحيلولة دون النماء. وعن البنوك الإسلامية قال المبارك إن من المشكلات أنّ من يتولى الفتوى لها يتقاضى مالاً من عندها، مؤكداً أن تجربة المصارف الإسلامية مريرة مرت بصعاب كثيرة، مؤكدا أنه بالاستطاعة استخراج أخطاء كثيرة. وأوضح أن ما تمرّ به البنوك الإسلامية من صعوبات وعوائق، لأنها ليست بنوكاً بل مصارف، كما بين أن البنوك الإسلامية وقعت في أخطاء كبيرة والمشايخ لهم دور وعلماء الاقتصاد المسلمون لهم دور والخطأ مشترك والاقتصاد الإسلامي ليس نزعاً للربا فقط بل هو نظام متكامل ولا ينبغي أن نسميه إسلاميًّا لأنه علم كسائر العلوم، وشدد على الاحتكار وأنه سبب عجز الاقتصاد الرأسمالي عن تحقيق المنافسة الكاملة التي تنهض بالسوق .