رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


تأثير الأزمة الاقتصادية في السعوديين في رسائل جامعية (2)

مع دخول التأمين الصحي والتأمين على المركبات وكل الممتلكات, فإن الأمور ستأخذ منحى مختلفا على مستوى قدرة الفرد أو رب الأسرة في المجتمع بالوفاء بالتزاماته كافة دون أن يكون هناك تجهيز وإعداد مسبق لهذه المرحلة. حاليا نحن ننعم بخيرات الله في الأرض, بنفط سعره يشهد ارتفاعا وانخفاضا طبيعيا, ولكنه لا يؤثر في مسيرة التنمية لسنوات مقبلة. كما أن السياسة الاقتصادية في تنويع مصادر الدخل جديرة بالاهتمام في هذه الفترة إذا ما ركزنا على دعم المشاريع المختلفة. كل هذا يدعونا إلى تعزيز هذه الجهود بالقيام بدراسات أيضا عن تأثير الأزمة الاقتصادية في الأطفال الذي ربما لا يكون ملموسا, لكنه محسوس حاليا. بما أننا جزء من العالم, وقد سجلت آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية وجود ضغط كبير خلال الأزمة على مستقبل الأطفال, فربما لا يكون بنفس الحجم والتأثير لدينا إلا أن طبيعة ونمط الصرف والتفكك الأسري في بعض المجموعات من المجتمع تؤدي إلى تكريس بعض التأثيرات الاجتماعية التي طالما حاولت المجتمعات الدولية تفاديها, وهي العنف والتهور والاندفاع.
لا نعرف إذا ما كان خفض الرواتب قد لحق بالسعودي مثله مثل غيره كأحد الحلول التي تلجأ إليه الشركات في الوقت الذي تشعر فيه بالكساد أو ظهور منافسة عالية في السوق لفترة، أو إلى أن تعيد حساباتها وتدخل بفكرة جديدة تعيد نفسها إلى السوق بأسلوب جديد. لكن الأكيد أن تسريح العمالة معوق لأي إصلاح في حد ذاته, فالتخلي عن أكثر من 150 موظفا في منشأة صحية دفعة واحدة تهديد لكل إحساس بأمن وظيفي في القطاع الخاص بحجة أو بغير حجة, وهنا كان لا بد من معرفة إذا ما كان ذلك امتدادا للأزمة أم تشكيلا لأزمة من نوع جديد؟ إن حساب حجم الاستغناء عن العمالة السعودية في الشركات يمكن أن يقدم وجبة دسمة للاقتصاديين, فمثلاً حجم العمل الملقى على أكتاف الباقين في الشركات والدخول في قضايا حقوقية ... إلخ قد يتسببان في أزمات نفسية أيضا .. فهل كانت محسوبة؟
الدراسات يمكن أن تركز على تقسيم المجتمع إلى الرجال والنساء، أو إلى متعلم وغير متعلم، أو إلى مسؤول وموظف بسيط، أو إلى مقتدر وكادح ... إلخ، كما يمكن تحديد فئات تندرج تحت هذه التقسيمات فنعين الأكثر تضررا والأقل ولا نكون مبالغين في ذلك. إن مجرد جمع البيانات بنمطية معينة تلغي معظم الانحرافات المتوقعة في النتيجة. كما يجعلنا أكثر قربا من تحقيق تقدم في البرامج التوعوية في كل المجالات. كما أن رسائل من هذا النوع قد تكون مؤثرة جدا على المدى القريب فيمكن بذلك ملاحظة الفرق.
يمكن أن نتساءل أيضا: هل ظهور الصناديق الاستثمارية أو الخيرية، وتكثيف الحديث عن المسؤولية الاجتماعية وغيرها أسباب ومؤشرات تدل على وجود المشكلة أم أنها الظروف التي تحكم نوعية الحلول والتمشي مع متطلبات الوضع؟ البنك الدولي ومنظمة اليونيسيف أصدرا أدلة لبعض الدول تعزز مساعيها للحد من تأثير الأزمة في المجتمعات فيها؛ حيث كان هناك توضيح مبسط للشعوب البسيطة لكيفية الاعتماد على النفس والتطوير الذاتي والتميز في الأداء. فهل يمكن أن نخرج من هذه الأزمة بأدلة نحن من يصنعها بما وصلنا إليه من معرفة ودراية عن مجتمعنا؟
التميز سواء مهنيا أو علميا أو مهاريا شخصيا مطلب ضروري وملح الآن كونه أداة السيطرة الفردية على آثار الأزمة. لكن إلى أي مدى وصلنا في مشروع باتت تكرس مفهومه الصروح التعليمية والمؤسسات التجارية والشركات الاستثمارية وقطاعات الدولة المختلفة؟ هل لا بد من منح الفرد الفرصة أم يجب التدخل بإجباره على ذلك بكل السبل قبل أن تتفاقم المسألة فتصعب المهمة؟ هل هناك مشكلة في مستوى الفرد الثقافي نحو تطوير نفسه ونمط معيشته وتخفيف الضغط على نفسه؟ هل الفرد السعودي في حاجة إلى نصائح مباشرة أو غير مباشرة حول التحصيل العلمي والعمل والتفكير في مصلحة محيطه وبيئته فننقل بذلك مستوى الإنتاجية إلى جودة متناهية تميز مخرجاتنا أيّاً كانت؟ إن انتشار مؤسسات التدريب على مستوى المملكة وبشكل بات يدعو للدراسة، أمر يجعلنا نفكر بكل شفافية كيف يمكن ضخ كل هذه المبالغ في هذا المجال وما زلنا نعاني مهنيا مستوى القوى العاملة؟ مراكز دراسات التنمية الاقتصادية وغيرها أصبحت لديها الآن بيانات خام أو معلومات مدققة ومحللة أيضا يمكن أن تساعد مجموعة كبيرة من الباحثين والباحثات في الجامعات على أن يقرأوا بين سطورها ويخرجوا بحلول تتناسب مع فكر أبناء جيلهم مبتعدة عن كل مبالغة أو إثارة إعلامية.
تعليمياً، هذا في الواقع سيضيف لكثير من المقررات الدراسية في علوم الاقتصاد مفردات جديدة ويجعل المحتوى غنيا بالمادة العلمية الحقيقية التي تحاكي العقل الصاعد بأسلوب عصري وتثري المجال العلمي بتميز. ما آمله هو أن تتبنى مثلاً، وزارة التخطيط والاقتصاد الوطني ووزارة المالية وباقي الجهات المعنية توصيات مثل هذه الرسائل، ومناقشة الباحثين فيها, حيث إنها تعكس الوجه الحقيقي للأزمة وما تركته أو ستتركه في المجتمع. والله المستعان.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي